سامح كعوش: quot;الروحquot; باكورة الروائي الفلسطيني الشاب عبد الرحيم زايد والتي صدرت عن دار الغاوون، هي رواية تشبه حياة الفلسطينيين أنفسهم، ما بين أمل وألم، ثم أمل وألم، ثم الألم الذي لا ينتهي إلا بالوصول الصوفي الذي لم يصله الفلسطينيون كما مريدو الشيخ الحارثي.
نعم، هي قراءة صعبة ومعذِّبة لرواية الواقع الفلسطيني عند تخوم الضفة من جهة الشرق، من العاصمة الأردنية عمّان، أو حي جسر النوَر، كأن فلسطين تبدأ من هناك، وتنتهي هناك، حيث النَّوَر هم الثابت العربي الوحيد وعلى لسانهم تقول نشوان لأديب ابن عبد الله العرقوبي: quot;لا تظن أن النوريات خائنات يا أديب، لكن النَّوَر لا يعترفون بالتاريخ ولا يُسجِّلون الماضيquot;.
والفلسطينيون كذلك، نَوَر القرن العشرين، الذين لا يعترفون بالتاريخ ولا يسجّلون الماضي، إلا أنهم يحاولونه، بكل ما أمكنهم من حلم وأمل، أليسوا في تركيبتهم السكانية، كما سكان جسر النوَر من الشركس، الدروز، المسيحيين، البدو، الفلاحين والنور، بل أليس أديب هو ابن عبد الله العرقوبي، ابن فلسطين الحامل في ذاكرته مشهد معركة الكرامة، والشاب خريج المانيا الذي تزنر بالحزام الناسف وألقى بنفسه تحت جنازير أول دبابة إسرائيلية، ضابط الإشارة الأردني الذي أعطى الإشارة للمدفعية لتقصف موقعه فيستشهد هو ويصطحب معه ثلاث دبابات إسرائيلية.
محاسبة تجربة الثورة وكل مغارات الضفة كما مغارة الفدائيين أعلى التلة فوق بيت العرقوبي، ومحاسبة الرفاق أنفسهم: سعود والبدوي سعود الجروح عقلة وفاج النوري الجدي وعرندس وسفير جهنم فتوة الحانة البلطجي العقيد لاحقاً في الضفة، ليبقى أملُ الانتفاضة الأخيرة على يد أتباع نصري النجدي المحامي المسيحي المنتمي لأحد الأحزاب العقائدية، كما العرندس اللذان لم يتطوعا في الثورة الأولى لأنهما أدركا أنها ليست لهم.
نعم هي الرواية حين تكتب التاريخ وتوثّقه لتعرّيه، لا تجامل لتنال بَرَكة النافذين، ولا يخفت صوتها أمام شعار quot;لا صوت يعلو فوق صوت المعركةquot;. وخصوصاً في الحالة الفلسطينية التي هي أحوج ما تكون إلى النقد وفضح الفساد في مستوياته كافة... وكم نحن بحاجة إلى مثل صنيع يديك يا عبد الرحيم زايد، كم نحن بحاجة إلى رواية quot;الروحquot; لتحيي فينا الروح من جديد، بروحية الثورات العربية الواصلة حتماً.