صلاح سليمان من ميونيخ: أفتتح في ميونيخ معرض فني جديد للتعريف بالتراث الأدبي والفني لمنطقة جبال الألب البافارية، حيث يتم عرض مجموعة كبيرة من اللوحات المميزة التي رسمها فنانون بافاريون عشقوا الطبيعة الآلبية وصورها بشكل مميز في لوحاتهم التي أصبحت تشكل تراثاً البياً مثيراً للإنتباه.
أيضاً يتم في المعرض تسليط الضوء علي أهم الروايات والكتب التي اهتمت بمنطقة الآلب الجبلية. ومن ثم هجرة الأدباء والرسامين الي مناطق الآلب ساحرة الجمال حيث اتخذوها مكاناً للعيش والسكن، وفيها ابدعوا وتألقوا.

أول من اكتشف وهاجر الي سحر الطبيعة الآلبية في بافاريا هم طبقة النبلاء من الملوك والأمراء البافاريون حيث شيدوا القصور الرائعة والبيوت الريفية الواسعة، وأهم هؤلاء هو الملك البافاري لودفيج الثاني الذي عشق الطبيعة وشيد فيها العديد من القصور التي كان يتخذها مقرا لإقامته في فترة الصيف، وأصبحت الآن من أهم المزارات السياحية العالمية التي يحرص السياح علي زيارتها.

في القرن 19 والقرن 20 شهدت القري والبحيرات الآلبية المميزة، هي الأخري هجرة الكثيرين من أصحاب الفكر الألمان الذين أكتشفوا بدورهم ايضاً روعة الطبيعة ومدي الإلهام الذين يحصلون عليه في تلك الأماكن، ومن أهم هؤلاء واكثرهم شهرة هو الفنان والرسام العالمي فيسلي كندانسكي وصديقته الرسامة جابرائيلا مونتر فقد وقعا في غرام مدينةquot; مورناوquot; الجبلية رائعة الجمال منذ اول زيارة لهم في عام 1908، وقررا بعدها البقاء في المدينة، وقاما برسم كل مظاهر الطبيعة المحيطة بهم في تلك البقعة شديدة التميز والجمال، حتي ان منزلهم قد تحول فيما بعد الي متحف، أصبح يضم الآن العديد من لوحاتهم وفنهم، الذي يتركز في عدد كبير من اللوحات المصور فيها جمال هذه المدينة الرائعة، وقمم جبال الألب الشاهقة التي تطل عليها والتي تبدو قممها الشامخة الماثلة للعين مثل قمة جبل quot;هايم جارتنquot; , quot;كروتلنquot; و quot;كراورquot; وقمة جبل quot; فانتquot; شديدة التأثير في الناظر اليها، وفيها يصبح المنظر اكثر اثارة عند الصعود فوق إحدي هذه القمم والنظر الي بانوراما المكان المحيط حيث تظهر اشهر بحيرات بافاريا كبحيرة quot;شتوفيلquot; وquot;كوشيلquot; وquot;فالشنquot; وquot;ريجquot;.
ان هذا التزاوج الرائع بين الجبال والبحيرات جذب كل الفنانين المحبين للطبيعة لرسم لوحاتهم في تلك الأماكن وهي التي خلدت أصحابها فيما بعد.

إن هجرة الأدباء والفنانين الي الطبيعة الآلبية سماها البعض بالغزوة، فقد شهدت مدن جبلية هامة مثل quot;مورناوquot; او quot;جارمشquot; او quot;باد تولتزquot; هجرة عدد من كتاب الرواية مثل quot;كلاوس مان quot;الذي كان يعشق مدينة quot;باد تولتزquot; وكان وهو طفل يستمتع كثيرا بصيد الفراشات والسير بين انواع الأعشاب المختلفة وقطف ثمار الفراولة الحمراء من الحقول الممتدة، وبعد أن امتد به العمر واحترف كتابة الرواية عاش في تلك المدينة الساحرة وفيها كتب رواية quot;الموت في البندقيةquot; ثم كتب روايته الأخري quot;الجبل الساحرquot; وهو يستمتع بقضاء الوقت علي بحيرة quot;شتارنبرجرquot; احدي أجمل البحيرات في اقليم بافاريا والتي تشرف علي حدودها قمم جبال الألب.
quot;لودفيج توما quot; اكتشف هو الآخر بحيرة quot;تيجرنزيquot; وعاش هناك وقدم ابداعات ادبية مميزة، كذلك الرسام quot;اولاف كولبرانسون quot; وغيرهم من مشاعير الأدباء والفنانين الذين رسموا بريشتهم ووسطروا بأقلامهم لوحات وروايات صنعت التراث الأدبي والفني لمنطقة الآلب.

عشرات المعارض تحت عشرات الأسماء المختلفة هي تلك التي تم إقامتها في ميونيخ لتعريف الزوار والمشاهدين بالطبيعة والتراث الثقافي الألبي، لكنها المرة الأولي التي يقام فيها معرض للذين اختارو الألب مقرا لسكنهم حبا وغراما، ورغم ان المعرض اختار عنوان مختلفا لفاعلياته وهوquot; التصييف في الآلبquot; فإن ذلك كان راجعاً لكثرة اللوحات التر رسمها الفنانون لبحيرات الآلب التي يذهب الناس اليها في شهور الصيف.
مصطلح التصييف في سياحة الألب دخل الي حياة الناس، بعد ان جاء اول مرة علي يد الكاتب السياحي البافاري quot;لودفيج شتويبquot; في القرن 19 حيث بدأ دبيب الحركة السياحية الي الأكواخ والمنازل البدائية المنتشرة في جبال الألب والتي اصبحت تأخذ طابع ثابتا يبدأ في مايو وينتهي في سبتمبر من كل عام، غير أن هذه الثقافة السياحية اصبحت فائقة التطور الأن وأحتلت القري الألبية علي خريطة السياحة العالمية الآن ماكنة مميزة، ومازال السياح يترددون علي منازل الفلاحين والأكواخ البدائية حتي الآن من أجل معايشة الطبيعة بضعة ايام في كل عام.