الممثل الأمريكي شون بين مع سلمان رشدي

إعداد عبدالاله مجيد: التقى مئات بينهم عشرات الكتاب والفنانين في نيويورك للاحتفاء بحياة الكاتب والناقد والصحفي الراحل كريستوفر هيتشنز ومساهماته الفكرية. وعُرضت خلال اللقاء مواد وثائقية تضمنت مواقف طريفة في حياة هيتشنز وسجالات خاضها مع خصومه في مناسبات مختلفة. وعُرض فيلم وثائقي من اخراج السينمائي الفائز بالاوسكار اليكس غيبني الذي شارك في اللقاء. وفيه يقول هيتشنز quot;ان قضية حياتي هي محاربة الخرافة. انها معركة لا أمل بالانتصار فيها، معركة سوف تستمر الى الأبد. فهي جزء من الوضع البشريquot;.
وعلى امتداد ساعة ونصف الساعة كانت قاعة كوبر يونيون في مانهاتن مترعة بحضور بديهية الذي كان معروفا باسم quot;هيتشquot; بين محبيه، وبشذرات من فكره المتوقد ومواقفه النقدية اللاذعة. ولكن الروائي مارتن ايمس الذي القى كلمة مؤثرة في اللقاء اعتبر ان الصفة الأكثر ديمومة في هيتشنز هي صداقته. واستذكر ايمس في مرثيته لقاءاتهما على امتداد 16 أو 17 ساعة متواصلة من النقاش الذي كان وقوده الكحول والتبغ والسجال. وتساءل ايمس quot;مَنْ يستطيع ان يكون ألطف من هيتش؟quot;
وتوقف ايمس عند السر الذي جعل هيتشنز محبوبا الى هذا الحد بوصفه كاتبا وصحفيا ومساجلا فقال ان بعضا من اسباب سحره، وسامته الودية الكاملة وصوته الجميل بلا أي تكلف ولأن هيتشنز كان لا يحب شيئا بقدر ما يحب الجدال مع نفسه. وتابع ايمس quot;ان هيتشنز كان معارضا بالسليقة، يناقض نفسه وكأنه يشعر ان لا احد جدير بالسجال معه إلا كريستوفر هيتشنزquot;.
وقال ايمس ان هيتشنز كان احيانا يوقع نفسه في مطبات ويشبكها في عُقَد مشيرا الى دعمه ادانة بيل كلنتون بعد افتضاح علاقته بمونكيا لوينسكي وتأييده غزو العراق. وذهب ايمس الى ان ما لا يعرفه كثيرون ان هيتشنز quot;عانى كثيرا من هذه العزلات التي استنزلها على نفسهquot;.
إلتمَّ شمل الكتاب والفنانين في مانهاتن ليكون آخر لقاء تعقده عصبة اصدقاء كريستفور هيتشنز التي تضم ايمس وايان ماكيوان وسلمان رشدي وجيمس فنتون بمشاركة الكاتب المسرحي توم ستوبارد والممثل شون بين والممثلة اوليفيا وايلد والسينمائي الوثائقي غيبني وعشرات غيرهم. وقال الكاتب والصحفي التلفزيوني البريطاني ستيفن فراي ان قلة من مُتع الحياة تضاهي السجال مع هيتشنز. واشار فراي الى اتفاقه مع هيتشنز على حب اودن وودهاوس واختلافهما على لعبة الكريكيت والاوبرا.
وكان اللقاء زاخرا بالوقائع التي تسلط الضوء على زوايا مختلفة من حياة هيتشنز بما في ذلك الكوكيب الذي أُطلق عليه اسمه ـ هيتشنز 57901 ـ ويوم لفَّت مارغريت ثاتشر اللائحة التي كُتب عليها برنامج جلسات البرلمان وضربته بها على عجيزته والكثير من الصور التي يظهر فيها ببدلته البيضاء، علامته الفارقة حتى في غبار العراق حين زاره في ذروة الحرب. كما تذكر الأصدقاء كأس الويسكي الذي لم يكن يفارقه وتعلقه بالتدخين.
ولكن الجانب الذي طغى على كل الجوانب الأخرى من شخصية هيتشنز كان تفانيه من أجل الانسانية العلمانية في مواجهة التدين الجاهل. وظل هذا الجانب طاغيا حتى عندما تحدث طبيبه الأخير فراسيس كولنز مخاطبا الحاضرين بوصفهم quot;رعايا يسوع المسيحquot;.
وقال كولنز رئيس مؤسسة المعاهد الصحية الوطنية في الولايات المتحدة ان هيتشنز أسهم في البحث عن ردود علمية على السرطان بموافقته على اختبار علاجات جديدة عليه. وكشف كولنز انه صلى من أجل روح الملحد الكبير في ايامه الأخيرة.
في نهاية فيلم غيبني الوثائقي يصر هيتشنز وقد سقط شعر رأسه بسبب العلاج الكيمياوي على ان لا آخرة بعد هذه الحياة. وقال quot;لن أُغير رأيي ابدا، لن أُغيرهquot;. وبعد بضع ثوان اضاف المعارض الأبدي مختلفا مع نفسه: quot;لكني أُحب المفاجآتquot;.
توفي هيتشنز في 15 كانون الأول/ديسمبر 2011 بعد صراع مع سرطان المريء.