ممثلون يحتجون أمام quot;المسرح الوطني التركيquot; في أنقرة

هدّد رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان بحجب دعم الدولة عن المسارح التركية بعدما شكت ابنته قائلة إن أحد الممثلين أهانها خلال عرض مسرحي. وقال مراقبون إن الواقعة تبدو وكأنها مستلة من زمن السلاطين حين كانت زلة لسان كافية للحكم بالموت على مرتكبها.


وصُعقت تركيا بحملة رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان الذي هو نفسه جرب التمثيل ايام الدراسة، على من سماهم quot;ممثلين سكارى متغطرسينquot; وعلى الوسط الفني عموما الذي قال انه يتعامل مع المواطنين الاعتياديين بازدراء.

وقال إردوغان إن المسارح لا يمكن ان تتلقى دعما ماليا من الحكومة ثم تنتقد اليد التي تطمعها. واضاف ان المسارح quot;بدأت تهيننا وتهين جميع المحافظين وتنظر الينا باستعلاءquot;. ونزل الممثلون الى الشوارع محتجين بعدما أُنيطت بموظف حكومي مهمة الرقابة الفنية على مسارح اسطنبول الشهر الماضي في واقعة أخرى تتعلق بمسرحية قيل إنها quot;فاحشةquot;.

وأضاف إردوغان انه quot;إذا كان الدعم مطلوبا فنحن الحكومة نستطيع ان ندعم المسرحيات التي نريدهاquot;. واعلن إردوغان خصخصة المسارح قائلا انه ليس هناك مسرح تديره الدولة في أي بلد متطور تقريبا.

وحمل رئيس الوزراء التركي على quot;الغطرسة الاستبداديةquot; للمثقفين الذين يظنون انهم خير العارفين. وتساءل إردوغان مخاطبا المثقفين quot;بالله عليكم مَنْ تكونون؟ من أين تستمدون السلطة للتعبير عن رأيكم في كل قضية وتجادلون بأنكم تعرفون كل شيء؟ هل المسارح حكر عليكم في هذا البلد؟ هل الفنون حكر عليكم؟ ان هذه الأيام ولّتquot;.

وكانت ما يسميه البعض quot;حرب تركيا الثقافيةquot; بدأت في نيسان/ابريل العام الماضي عندما غادرت ابنته سمية إردوغان (30 سنة) المسرح خلال تقديم quot;العثماني الفتيquot; على مسرح الدولة في انقرة. وتدور احداث المسرحية حول سلطان شاب اصلاحي يطيح به العسكر مع اشارات ايحائية الى عائلة إردوغان وحزب العدالة والتنمية ونجاحهم في كسر قبضة الجيش على الحياة السياسية التركية.

وما حدث على وجه الدقة خلال مشهد لاحق عندما يزمجر العسكر الأفظاظ على الجمهور ما زال موضع خلاف، ولكن ابنة إردوغان تقول ان الممثل تولغا تونجر استهدفها تحديدا لأنها كانت محجبة وانه راح يقلد طريقتها في مضغ العلكة ويستخدم حركات جارحة.

وكانت سمية إردوغان درست في الولايات المتحدة وبريطانيا لأن الحجاب كان ممنوعا في معاهد التعليم العالي التركية وقتذاك. وفي رسالة شديدة اللهجة الى الممثل على فايسبوك دعت سمية الى التسامح الذي تمتعت به في بريطانيا والولايات المتحدة.

ونقلت صحيفة الغارديان عن سمية إردوغان قولها في الرسالة quot;أنتَ كفنان يجب ان تكون اول من يتعامل باحترام مع الآخر المختلف.... وخير لك ان تعتاد على الحجاب فإن نصف الشعب التركي نساء وكثيرًا منهن يرتدين الحجابquot;. واضافت سمية quot;انا لا أُريد ان أقضي حياتي في الصراع معك بل سأظل أحب الفن والمسرح وأواظب على حضور المسرح محجبةquot;.

ورفض تونجر الاعتذار عن افعاله بعد تجميده واستدعائه امام وزير الثقافة قائلا انها جزء من المسرحية ولكنه اعرب عن أسفه لشعور سمية إردوغان بالاساءة. وقال انه لم يكن يعرف من هي ولم يوجه اليها حركاته إلا لأنها كانت في الصف الأمامي وتمضغ العلكة.

بعد ذلك، استغل عمدة اسطنبول الذي ينتمي الى معسكر إردوغان الجدل الذي أثير في نيسان (ابريل) الماضي بشأن مسرحية قيل انها فاحشة للسيطرة على المسارح البلدية بعدما أدان كاتب مسرحي متدين عمل الكاتب المسرحي التشيلي ماركو انطونيو دي لا بارا الموسوم quot;اسرار فاحشة يوميةquot; دون ان يشاهد المسرحية واصفا اياها quot;ابتذالا على يد الدولةquot;.

وكانت المسرحية، وهي نقد لاذع للدكتاتورية العسكرية التشيلية التي تشترك في الكثير مع الجنرالات الاتراك الذي حبسوا إردوغان سابقا، قدمت اكثر من 70 عرضا دون ان يحتج احد ولكنها شُطبت الآن من اعمال الموسم.

جمعيات الفنانين وصفت التهجمات بأنها حملة لا معنى لها مشيرة الى ان المسرح مدعوم في سائر البلدان المتطورة تقريبا وان مسارح الدولة التركية هي الأكثر امتلاء في اوروبا بفضل انخفاض سعر التذاكر والأعمال التقليدية في الغالب التي تلقى رواجا بين الجمهور المحافظ والمتدين في منطقة الاناضول الحاضعة لسيطرة حزب العدالة والتنمية.

وتفاقمت الأزمة خلال الأيام الماضية مع افتتاح مهرجان اسطنبول المسرحي. ودعا مدير المهرجان الدكتور دكمين غورون الى الهدوء وقال ان حجب الدعم سيكون كارثة على الاناضول التي غالبية مسارحها مدعومة. وقال آخرون ان حجب الدعم سيضر بالتلفزيون التركي الذي يعتمد على المسارح لتدريب ممثلي مسلسلاته التي لها جمهور واسع في عموم البلقان والشرق الأوسط.

كما ان الأزمة لم تسهم في تحسين سمعة تركيا المهلهلة بشأن حرية التعبير ولا سيما ان 100 صحافي غالبيتهم من الاكراد ما زالوا في السجن ينتظرون محاكمتهم بموجب قوانين مكافحة الارهاب الصادرة في ايام الحكم العسكري، كما لاحظت صحيفة الغارديان مشيرة الى قلق منظمات حقوق الانسان من اجواء الرقابة الذاتية واتهام المعارضة لحزب العدالة والتنمية باستخدام الجهاز القضائي الموروث من الحكم العسكري لتقويض تقاليد تركيا العلمانية التي يُفترض بهذا القضاء تحديدا ان يسهر على حمايتها.