على خشبة المسرح الملكي دراماتن في مدينة ستوكهولم تعرض وبنجاح باهر مسرحية ريتشارد الثالث تأليف وليام شكسبير وإخراج المخرج السويدي ستيفان لارسون ويجسد شخصية ريتشارد الثالث الممثل السويدي يوناس كارلسون شيطان ميكافيلي يجيد لعبة التملق والنفاق والتهديد لغرض إعتلاء كرسي الحكم والعرش شخصية نرجسية لكنه يصرخ ويعلن طوال العرض أنا أحب الناس ! يرتدي بدلة معاصرة وأنيقة ويحمل الترمس المعدة للقهوة يقول احتاجها إثناء العرض في استهلال قبل فتح الستارة وهو يتحاور مع الجمهور بلطف وسخرية وبدون عوق جسدي أو حدبة رجل أنيق يجيد لعبة الشر بوحشية ويتلذد ويقتل أقرب الناس إليه هكذا يفسر ويعالج المخرج ستيفان لارسون شخصية ريتشارد الثالث على عكس تصورات شكسبير للشخصية على إنه مشوه. ترفع الستارة يظهر لنا جدران ضخمة ورسومات على شكل هياكل عظمية عليها وكتابات بالقلم الاسود وباب كبير في منتصف عمق المسرح يوظف للدخول والخروج وعشرة كراسي تتحرك مع حركة المسرح الدوار يمينآ ويسارآ والى الامام والى الخلف وهناك هيرسات تظهر افلام فيديوا لكل ضحية ويسيل الدماء من أعلى الرأس الى الوجه وهم ضحايا هذا الملك المجنون بحب الكرسي . حتى أخوه الملك إدوارد لم يسلم منه ويبقى ريتشارد يحاول اقناع زوجة أخيه الملك المقتول على انه بريئ من قتله وبعدها تقتنع به ويصبح القائد الاوحد والمطلق للبلاد. ويعتبر الممثل& يوناس& كارلسون ممثل مبهر ومدهش في أداء شخصية الملك ريتشارد الثالث في قوة صوته&&&& وحركته& الرشيقة وحركة يديه واستخدامه للغة الاشارة والايماءة والتصفيق وهو يجيد فن السحر اللفظي وخاصة في مشهد اليزابيت الملكة العجوز الارملة يغريها ويعيش مع انجيلا أولسون مابين لغة التهديد والامل. هذه المسرحية تصلح لكل الازمنة بوجود شخصيات أنانية ومتعطشة& للدماء وحب الكرسي وهل ينجح الحب في مواجهة الكراهية والعنف ؟ وفي مشهد القتل والرأس المقطوع وإساءة إستخدام السلطة وتصبح المرأة ضحية وعاجزة في مواجهه شره. طوال العرض النساء ترتدي الملابس السوداء رمزآ للحزن وكأبة الحياة نساء حزينات في عالم فوضوي وطقوس الدمار إستطاع المخرج ستيفان لارسون وهو صاحب خبرة عريقة قدم واخرج العديد من المسرحيات في المسرح الملكي دراماتن أما الممثل يوناس كارلسون ممثل أنيق ونابض بالحيوية والنشاط ممثل يتصرف ويتحرك بشكل طبيعي وبدون مبالغة وتشنج في تمثيله مقنع ومدهش في أدائه لشخصية الملك ريتشارد الثالث وخاصة في جدلية حركته الفردية وتحكمه بالاخرين مثل مايحصل في الموكب الجنائزي والجميع يجلسون على الكراسي ويعيشون دوامة الخمول والجلوس وحركته الدائرية وبأشارة يستلمون اوامر الملك بخنوع وينفدون مايأمرهم به مثل الروبوتات يحركهم متى مايشاء، وقد كانت شخصية ريتشارد الشريرة أبلغ تأثيرآ وفاعلية وتجسيد لحالة الشر وربما الشر يقنع بالجمال ويصبح أشدُ فتكآ وأكثرٌ شرآ وخطرآ.وفي عصر النهضة الاوروبية ظهرت مأساة الانتقام وإعطاء الدور الاكبر للشخصية الشريرة في كل من الادب الانكليزي& والاسباني& مثل إنتقام الولد لقتل أبيه& أو إنتقام الوالد من قتلة إبنه، أو الانتقام للعرض والشرف . وظهور الاشباح والساحرات والمقابر& والجنون والتأمرْ ولعل ابرز مسرحيات وليام شكسبير& واصبحت الشخصية الشريرة في مأساة الانتقام& ذات دور مهم& ومع ذلك وليم شكسبير لم يشارك شخصياته الشريرة في كتابة مأساة الانتقام فحسب بل ربما يعتبر من أكثر كتاب عصره& في المسرح الذين رسموا معالم الشخصية الشريرة& وفي تنوع عجيب ويعتبر ياجو في مسرحية عطيل وشخصية ريتشارد الثالث& ذوق جلوستر وتدور أحداث المسرحية حول شخصية الملك ريتشارد الثالث& اي شخصية شيطان بملابس عصرية وربما نتعاطف معه او نختلف معه لبروز شروره ولمحات فكاهته الساخرة& وكذلك ظهور دناءته والتي تنتهي بنهاية سقوطه وهو لايتق بنفسه ولا بالاخرين ويوصف ريتشارد بالشرير لكونه يندفع بطرق غير مشروعة في إغتصاب العرش والقتل والقسوةعندما تكون الحرب على شفا حفرة بسبب العنف والحكم الشمولي كل شيئ يصبح مخيف ويظهر الامير الميكافيلي وهو مستعد للغزو وتحويل العالم وكوكبنا الجميل الى الدمار والخراب وسونامي الحروب الوهمية إغتزل المخرج ستيفان لارسون كل المشاهد العنيفة الى صور لضحايا ويسيل الدم من الرأس الى الوجه ويبقى شكسبير ولغته المدهشة والمذهلة ربما استطاع هذا السفاح الماهر ريتشارد الثالث ان نشاركه في لعبته وهو عصر الطغاة والشخصيات الميكافيلية والتي توقد نيران الحروب وقتل كل من يقف في طريقه وفي النهاية يفقد أقرب المقربين منه ويفر الجميع ويبقى يصرخ اعطي مملكتي لكل من يمنحني حصان أريد حصان! هذا الرجل الذئب الغارق في الشر والعربذة فعلآ نستطيع ان نطلق اسم وعنوان المسرحية الملك يوناس كارلسون لكونه جسد الدور بكل ذكاء وحساسية مفرطة حتى إن سماع إسمه يثير الخوف والحزن وهو يغوي الجميع ويتصرف بكل خبث وهذا الملك دمر البلد وشرد وقتل كل وريث شرعي للحكم وقتل الناس من أجل شهوة السلطة&&&

&عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم