تضطرني الظروف الحياتية غالباً أن انتقي ما ينبغي أن أضعه في مصاف السُّلّم التدريجي رغم التأخر الزمني، ورغم تموجات التأمل الفكري بجدية الاستعداد الذاتي، لذلك أضطر أحياناً للتفاوض مع ذاتي على انتقاء ما يناسب مقدرتي في تمحيص وتدقيق وتحليل ما يتراءى لي عن نصوص سفر معين في رياض الشعر مما تخوضه أفكار شعرائنا المعاصرين.
ولتحقيق هذا الافتراض توّجْتُ بوصلتي لمضامين ديوان شعر حداثوي من اهداء الزميل فهد اسحق من كندا بعنوان "الصفصاف الذي عبر النهر". ويقع في 185 صفحة من الحجم المتوسط، الصادر عام 2019 عن دار نينوى في دمشق بدعم من منظمة "بلا حدود" وبثلاث اهداءات جوهرية متجسدة في فلذة كبده الوحيدة إيلبرات، وروح الفقيد شقيقه دكتور الياس وبالتالي كل المعذبين على أرض البسيطة من الباحثين عن رغيف الحياة.

ثلاثة أقسام
وبما أن الديوان أفرده في ثلاثة أقسام متفاوتة من حيث المضمون لتشمل الأجزاء الثلاثة قصائد فيها من الغرابة نوعاً ما، حيث عَمَدَ القسم الأول بعنوان نصوص، والقسم الثاني بعنوان نصوص قصيرة وومضات، والثالث منه بعنوان نصوص رومانسية.
تساؤلي هنا ما الذي حَـفّـزَ شاعرنا أن يتنقل في هذه المحطات التي تقاربت فيها الوشائج بتراكيبها الشعرية، وكأنه في الغالب يتبع الطريقة الهايكوية بإسلوب استحداثي مغاير ليضيف عليه مسحة التطور النظمي المغاير لمعايير أسسه الجذرية المتعارف عليها عالمياُ.
ومما دعاني للاستغراب أن ألمس في بعض القصائد وكأنها مجردة من هويتها الارشادية بالعناوين المألوفة التي عادة ما تتوج القصائد التقليدية وحتى المستحدثة، وعلى وفق خاص في مدخل الديوان وهو يقول:
(القصائد تُرَقّعُ القلبَ، بنفس الإبرة التي تخيطُ بها سطورها
بعد أن تُفصلَ وتقصّ على مقاس ِ الصُّدفةِ
نوعاً من الكلمات.)
ولربما كانت هذه اجابته المفترضة التي اردفها في أربع صفحات متتالية، لينتقل فيما بعد الى العنوان المؤثر كمرثية (إلى روح أخي الياس) من ص 15 التي جعلته في حالة تأسف مزمن بشدته من الحدث المأساوي مخاطباً روحه بنص تعبيري.
(ركبتَ عربة السماء
ونثرتَ على دروب الغيم
ما تبقى منك من عطاء
وصرتُ أنا جذعاً نازفاً
قطرة قطرة
يلتهمني اليباس.)
متواصلاً لحد ص 61. وكأنك تقرأ قصيدة واحدة، وفي حال تأملك لمقاطعها تجدها متناثرة بين فقرة وأخرى. وإن سألتني لِمَ هذا الاعتبار لأجبتك بعدم ترابط الفقرات وفق تسلسل الصفحات على التوالي. وكأن كل فقرة مستقلة تشير لك عن نتفة أو قطعة من مصطلحات تسمية أجزاء القصيدة التقليدية. حيث يقال كل ثلاثة ابيات هي نتفة القصيدة، وكل ستة أبيات هي قطعة من القصيدة وما فوق ذلك تُكنى بالقصيدة. علماً بأنها ذات معانٍ مستقلة متفاعلة وذات الشاعر نفسه.

وفي تأمل دقيق تتضح للقارئ بأن المقاطع المتناثرة في العديد من الصفحات المحصورة من ص17 لحد ص 61 هي هواجس خاصة وترنيمات متفاوتة في مراميها وفق تخيلاته التي يرصدها بحس مرهف ومعان متعددة لها أبعادها برموزها المعنية على وتيرة واحدة من النبات المقصودة، وكما يؤكد في ص 17 بأحاسيسه المرهفة قائلاً:
حين يلسعني الحزنً
أغلقُ ستائرَ الليلِ
وأفتحُ نافذةَ القصيدة،
لأتنفس الصُّعداءَ
أنضَمُّ إلى حروفها،
سِربُ طيورٍ
نسير نحو أفقٍ بعيدٍ.

وبما أن الشاعر فهد اسحق يتبحر وأمواج بحر القصيدة التي نحن بصددها، نراه يتأسى بلوعةٍ وكأنه يعيش على مقربة من مأساة المرثية وهو القائل في ص 22 في مقطع مشابه بمقولة:
كلّ يومٍ
يسقطُ قلبي
على الأرض،
يتجذّرُ في مأساةٍ جديدة
ويورِقُ كالبنفسج
على أسوار القصيدة.

وأقل ما يمكن قوله، بأن الشيء البارز في قسم النصوص في مجموعة فهد الشعرية، هو تنوع أغراض وموضوعات باتجاهات عديدة وفق ما كان يتسنى له بما يستله من الأحداث والذكريات التي عاشها في الوطن الأم وتزاوجها مع نغمات أعماق الذاكرة في ربوع الغربة في آن واد.
وعادة ما تنم عن أحاسيس مرهفة بمشاعره الذاتية بغية الارتقاء بهيبة الأحداث كذكرى متأصلة للحياة المستقبلية متلفظة على صفحات التاريخ التدويني.
وهذا ما يتبادر للذهن وتلمسه مباشرة في مقاطعه المتفاوتة الشبيهة بانتقال الفراشة من ارتشاف رحيق زهرة زاهية لأريج زهرة بألوان مغايرة، ودليل ذلك يبدو واضحاً حين يتغنى بدعوات امه وهو القائل في ص19.
(كل هذه الدوالي
التي اعترضت قلبي
وتحولت إلى قصائد
هي دعوات أمي.)

ولكي لا يظلم اتعاب الشطر الثاني من حياته المثمثلة بالأب يؤكد اخلاصه بتعبير صادق بمقاربة كليهما وهو ينشد:
(إلى بيادر العمر،
أبي وأمي أورثاني
هذا الغيمً المارق...)
وما أجمله تعبيراً بتجسيد مشاعره حين يؤكد بنتفة شعرية متألقة في فحواها بمقولة:
(إثنان لا يمكن نسيانهما
قمر قريتي
ووجه أمي.)
وتجده مسترسلاً في مكان آخر بمخاطبة أهمية مرتع الطفولة وأيام الصبا حين يزفه الحنين للقرى الخابورية في ص 26 حيث يقول:
(أبي
وهو يحرث النهار
بتنهيدته العميقة
مُزيحاً عن دربه الترابي
بعصاه الرمانية
حجارة صغيرة
لكيلا يتعثر بها أحد
نكهة قيلولته تحت عريشة العنب
في حوش الدار...)
وتراه منطلقاً في تشكيلة هذه المناجاة لينتقل الى دور الكنائس وفاتنات القرية بعمر السبعة عشر ربيعاً حين يتبخترن برفقة الغروب.

وكان بإمكانه أن يفرد ما أشرنا اليه في قصيدة مستقلة كما عمل في البعض من مقاطعه في القسمين اللذين سنأتي اليهما.
وللحديث عن قسم النصوص تتوسع فيه المقاصد، ولكي نكون على مقربة من رحلة التّيَهان نستذكر عواطف الشاعر وهو يتذكر رحيل قلبه مع زورقه حين يقول:
(زورقي الورقي الصغير
الذي اخذته معها ساقة الماء
عند فجر الطفولة
الى الحقول والكروم والبساتين،
نسيتُ قلبي فيه.)
من خلال هذه الانطلاقة يشده انين الهجرة الى قريته ليعود اليها بزورق الخيال مخاطباً تلك الأيام بصور شعرية مستوحاة من ربوع الخابور بإضافة تلك البقعة التي حوته منذ طفولته المألوفة بتل شميرام حين يخاطبها (حبيبتي التي تعرفونها جيداً متنقلاً بما يشفي غليله بمقولته:
(كطفلٍ
يجري قلبي كل يوم
صوب أروقة قريتي المنسية
المشبعة بأحزان ٍ خابوريه
يبحث عن أحبته
يُلاحق صدى أصواتهم
يُلقي التحايا على أرواحهم....)
ولطالما لا زلنا في مقاطعه المتحررة من قيود العَنْوَنَة الرئيسية بتتويجها، يتراءى لنا بوثبة شبه تَحَوْلِـيّة الى رسم هيكلية القصيدة المتكاملة بلفظ جزيل وأسلوب رصين بطرقه ثلاثة أبواب من قصيدته المتوجة بعنوان (من رفوف المأساة) مطعماً أياها بثلاثة نصوص، وبمخاطبة النص الأول بما تفوح به رائحة الموت، وبطريقة تلقائية يميل بشعور تأكيدي لنغمات حزينة مشبعة بالمأساة، الى أن يشتد به الوجع الذي ينهيه بفصل المعجزات.
ولى ذات المنوال تجرفه أمواج الشعر في قصيدة (رسائل على سطح الماء) وكأنه يرسم خطوطاً بأضلع رقمية لمربع قصيدته بإسلوب ممدود في مناخ حيوي يختصره في الرقم 3 بذكاء مسار النمل وهو يقول:
(كمستعمرات النمل، نسير طوابير، لا لنعمل، بل لنقبل الأيادي.) ص69 لتزيحه في نهاية المطاف باستغراق وابتهال معجزة الحياة لمواسم الأحزان ليجمع ما تبقى من الحقيقة في سلال الماء، مثلما تستقر متأملة ومتألمة اسراب النمل في رحلتها. ليقول في الخاتمة راحلاً بما يخامره. وبرحيله تجده قد عاد وأطلق العنان لأفكاره متحرراً في بعض الصفحات لمقاطعه المتحررة، مقيداً أياها في ص 80 بقصيدة (محفظة القلب) وهنا يبدو واضحاً بعملية اختياره للمفردات التي يشع منها مناخاً شعرياً تدب في سطوره السحب القاتمة بالكآبة وعلى وفق متميز حين يهبه الخابور الحكيم جناحي نسر ٍ وقلب حمامة ليفقد ذاكرة الجريان وهو طالما بات يشق أنفاسه بصعوبة، متكئاً على قلبه.. الملاحظ في هذه القصيدة يطاوع تكرار هيبة "القلب" في ثلاثة أمكنة مقطعية رغم تعوده على تكرارها في العديد من الصفحات التي ندعها للقارئ. وكأنه مغرماً بما تملي عليه مشاعر القلب من الأفراح والأتراح ولهذا يتغنى الشعراء به طالما يوجد تواصل بين منبت الأفكار أي الدماغ والقلب ولهذا تتغير ضربات القلب بتغير مواقف الفرد..

ومضات
ولتأكيد ما نحن عليه حين ننتقل الى القسم الثاني الموسوم (نصوص قصيرة وومضات) تجد في قصيدته القصيرة الأولى (وصية) من هذا القسم يعيد مفردة القلب في مكانَيْنِ مُتفاوتينِ. مثلما يقول: (فرغيف الحياة يُصنعُ من قلب شعر.) وكذلك (في ملاعب قلبي يلهوا أطفال الوطن.) وهنا علينا أن نأتمن من عملية التكرار طالما تجنح لازدواج في الصورة الشعرية المعتمدة في التعبير.
وبما أن الشاعر فهد اسحق ينتقل إلى انطلاق جديد، نجده يمتطي صهوة الهدوء، ولكنه يبقى متعبداً في هيكل الحزن والأسى متجاوزاً حدود هيمنتها، بدلالة انطلاقته اللا اعتيادية وهو يخاطب اعماقه بمقولة: (في أعماقي قصيدة، لم يقرأها الله بعد، ولو قرأها لانتحر.) وما اجمله وهو يردد:
(على دروب الغد، اضعت كل حقائب، إلا حقيبة الأحزان.) ومن ثم متحولاً ومؤكداً ظاهرة التركيز بوضوح وبما تعصف به العواطف بهذه الأبيات الصاخبة.
(ليتنا نشبه الغيم
يترك كل مرة موطنه الأصلي الأرض
ليعيش فترة اغتراب قصيرة في السماء
ثم يعود بشوق ثانية
إلى الوطن الأم.)
وهنا يتنعم بمفهوم وجوده العميق للوجود، كالشمس التي تشرق لتعيد مكانتها يومياً، ناهيك عن الانقلابات المناخية البيئية بصحو ٍ مشرقٍ جميل وشتاءٍ قارصٍ مؤلم. وبهذا الجو المفعم من التأملات والخيالات التي تجرفه إلى عوالم تدعه في تساؤلات واحتمالات استغرابيه ومنها تشبثه كما أشرنا بمرتع طفولته، وها هو يخاطب قريته.
(تل شميرام قريتي الخابورية الحبيبة
أيتها المكتظة طيبة وبساطة وروعة
في أزقتك الطينية تحوم روحي
كفراشة وتحط على صدر أطفالك القلقين
عساكِ بألف خير؟)
ولكي ندع هذا الجانب من النصوص المقطعية على مسار شرعية الشعر الحر والبعض منها على الإسلوب الهايكوي المستحدث بالتوجيه العربي كجمل تشم منها نفحات حكمية ذاتية المصدر، تستوجبنا الشهادة لبعض الجمل من الإشارة اليها مثل:
(أنا أحيا بلا قلب، حروفي تنبض في صدري.) // (خذلتني طيبتي، وأتعبني إصرار قلبي) // عندما يختمر الحب، سنخبز رغيف السلام.) // (لا زلت أبحث عن مأوى، يشبه قلب أمي.) // (لا أملك سوى القصائد لأخيط بها شرخ الوطن.) // (أعمى البصيرة مرشد، ومبصر البصيرة أخرس!).

ومما ينبغي قوله في نهاية الجزء الثاني تشبثه الذي لا يثنيه عجزه طالما نما وكبر وارتقى ووجد نفسه واضعاَ خطاه في طريقه الى معبد الشعر متذكراً امه التي جعل منها معبودته الروحية كالآلهة المقدسة مناجياً في عدة صلوات ختامية متقاربة وهي: (قلب أمي المعبد الوحيد الآمن.) و (أمي، وضعتني في عربة مصنوعة من دموع، تجرها أحصنة التضحية.) إلى أن يختتم (أمي، ها نحن ننتظركِ مرة أخرى، في شوارع الوطن.)

رومانسية
وبما أن الشاعر فهد لم ينقطع في مسيرته الحياتية الناشطة، بقي مراوحاً في مقاطعه البارزة في القسم الثالث والأخير من ديوانه ليوسمها بنصوص رومانسية مؤطراً انفرادية قصيدته المنعزلة بعنوان (ثلاثة نصوص وقلب واحد) مجزأة بأرقام ثلاثية تكشف عن استثماراته العشقية وكأن التمزق النفسي ينصت لدقات قلبه الواجف مبتدئاً بابتسامتها وبنبضات تراه، يفيض عشقاً لقدها الممشوق.

وفي جولته الثانية تشده القبلة التي أزهرت في قلبه القصيدة. وينتهي به الأمر في ثلاثيته بمقولة:
(تعالي لنمارس، أمام أنظار الملائكة، أسرارنا المقدسة، بعيدين عن شهوة النساك، وخفايا قلوبهم المترهبة، تعالي نصلب حرماننا، على درب آلام قبلة عميقة، ليهتز عرش جسدينا ويتزلزل مضجعنا) إلى أن يختتم (نموت ونولد في لحظة، ونعيش معاً ملكوت الانتعاش.)
بهذا الوصف الدقيق والتشابيه الواضحة للعيان، وبكشفه لأوراق عاطفته فيما بيناه، نجده متألقاً في غيبوبة لحظات متفاوتة بما ينثره من عبارات متناثرة على العديد من الصفحات التي تؤرقه مضامينها وفي الوقت ذاته تملؤه البهجة ومن تلك النفثات ننقل ما يلي كدليل على هيجانه في رياض الحب. (أعلم إنك تجالسين المساء وحدك، تنتظرين قدومي على صهوة الكلمات.) // (عندما ينام الليل، سأخطف من شفتيك قبلة البداية.) // (أشتاق إليك حد الجنون، كطفل فقد لعبته، وعندما أراك، يصبح الكون كله في يدي لعبة.) // (لو كنت نحاتاً، لنحت روعتك، وزرعتُ قلبي في صدرك.)// (أحببتك بصمت الروح، والآن حان وقت ثورتي الجسدية عليك.)
وبالتالي ينتهي به الأمر في جملة تساؤلات ترحل به لعالم الحيرة والتنبؤ مردداً قوله: (إسألي أي سؤال، فنشوة أجوبتي تنتظر) ليتابع (إسألي ما شئتِ عن هواي) (إسألي عن مرايا انكسرت) إسألي وتمردي على العقائد وكل الترهات).
إلى أن ينهكه الضجر لينطلق من حيرة الذات ومن عملية صلبه على أعمدة الحب، حيث يدوي صارخاً:
(إلى متى سأبقى كقارب، تحمله رياح المحبة إلى شواطئ أنثى، غابت عنها شمس الاهتمام.)
وكأنه هنا يضيع في عالم آخر، طالما من منطلق هذه العبارة الدالة على مفهوم المعاناة ينجرف في تيارين مترابطين من الأحاسيس والمشاعر يجسدهما في عنوانين مألوفين في حياة من الغرابة والدهشة، الأمل واليأس، الحلم واليقظة حين يهتف منادياً: (همس المرايا) و (رسائل شفهية) تتشابك فيهما التساؤلات وأبعاد التوقعات من مناجاته، وآخر ما يترجاه زورقٌ، يسير مع نهر الشهوة ليصل محيط ممنوعاتها. ليقول في خاتمة المطاف: (مراهقةٌ أنتِ، إلى أن أبلغ أنا، سن القصيدة! وعلى مقاسك تخيطُ قصيدتي فستانها.)

خلاصة
وفي خاتمة المطاف وبمجدافينا اللذين اوصلا بنا لنهايات النهر الشعري الساري الجريان أوقفتنا بعض العوارض لنتأمل ونتنسم بأناة فيما توصلنا إليه بشكل عام على شكل نقاط متتالية ندرجها كالآتي سلباً أو إيجاباً، علماً بأن الإيجابية دعتنا لجملة مؤشرات استخلصناها وفق ما يلي:
ـ هاجس الوطن الأم يلمح في ثنايا ضميره رغم غيابه عنه.
ـ سكن وعشعش هاجس الموت بشارات الحزن في رؤاه من حيف ما تأصل فيه.
ـ عادة ما يصطاد المفردات ليلائمها في مضمون هادف وبمعاودة تكرارها.
ـ تجنحه الى وشم ما يتيسر له من مشاعر بتمنيات يقولبها في رياض الحب العذري، بحيث يزفه الحنين ليعيش حالة صراع نفسي.
ـ يفرد في العديد من مقاطعه الشعرية ما يدور في خلده عن مشاعر الأطفال وأمانيهم، كأنه يستمدها من حالة واقع البيئة الخابورية بتـأكيد مفردته (قلبي طفل مغلق عليه باب قصيدة.)
ـ تميز الديوان بالعطاء المكثف من منطلق إطار التحرير من القيود الشعرية المتمثلة بالوزن والقافية، واستدراجه عوضاً عنها بانسجام الموسيقى الداخلية.
ـ الإفضاء برماح الشعر اعتبره مضماراً رحباً للإفضاء بما يراوده ويصل إليه.
ـ من ركائز النصوص العربية التزامها بالعلامات الفارقة كالفاصلة والنقطة والشارحة وغيرها، تمرد عليها بشكل عام، ربما من منطلق مصطلح الشعر النثري الحر. ومن عدا ذلك افتقار أغلب النصوص من الرموز الهادفة للمعاني المقصودة وخاصة المتمثلة بالتراث الآشوري والأدب العالمي. ناهيك عن ما استورده في تشبيهاته الرمزية بحنان وعطف الوالدين، وأهمية القمر والقلب والخابور، وما زج من تعابير متمثلة برموز النمل، والفراشة والشمس والوطن.

بقي أن يعلم القارئ بأن الشاعر فهد يهندس قصائده بتحصيله العلمي للهندسة الكهربائية، وكان قد شارك في عدة مهرجانات منها مهرجان القصيدة الآشورية في القامشلي 2002 ونيله المرتبة الأولى، وكذلك في مهرجان الشعراء العالمي في مدينة أكابولكو في المكسيك عام 2008 ونيله المرتبة الثانية عن قصيدته بالأنكليزية "روح الشاعر". إضافة لذلك كتب في مجال أغاني الأطفال وأصدر قصائد صوتية عام 2007 في قرص مدمج. ولا زال يحارب بسيف الكلمة بعدة لغات.