عصام المجالي من عمّان: طال غلاء المعيشة وإرتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة جميع شرائح المجتمع، وتأتي خطوة الحكومة لرفع الرواتب والتي تآكلت بنسبة التضخم إضافة إلى تنفيذها لشبكة الأمان الاجتماعي في إطار التخفيف من غلاء الأسعار وإيصال الدعم إلى مستحقيه من شرائح المجتمع ومكافحة الفقر والبطالة. فقد جاء في خطاب العرش السامي أمام مجلس الأمة، وكذلك خطاب الحكومة أمام المجلس لنيل الثقة بأن الحكومة تلتزم برفع رواتب الموظفين والمتقاعدين من القطاع العام ورواتب الضمان الاجتماعي بنسبة لا تقل عن نسبة التضخم. وقال مسؤولون إن ما تضمنه كتاب التكليف السامي لحكومة المهندس نادر الذهبي من أهمية دراسة ربط الرواتب بمعدلات التضخم وبمؤشرات الإنتاجية والأداء كان توجيهًا للقطاعين العام والخاص ولم يقتصر على موظفي الحكومة.

وقال مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال لـ quot;إيلافquot; إن توجيهات جلالة الملك تعتبر لكافة العاملين في الأردن، خاصة وأن الدراسات الرسمية تشير إلى إن الحد الأدنى لخط الفقر هو 500 دينار، في الوقت الذي يقدر فيه الحد الأدنى للأجور بـ 110 دنانير.

وأضاف المعايطةquot; هذه هوة واسعة لا بد من تجسيرها من خلال الرفع التدريجي للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص ليواكب خط الفقر quot;. وأقترح المعايطة كخطوة أولى أن تقوم اللجنة الثلاثية المشكلة من وزارة العمل ووزارة الصناعة والتجارة والاتحاد العام لنقابات العمال برفع الحد الأدنى للأجور إلى 200 دينار ثم التدرج في ذلك لتواكب الارتفاع المضطرد في تكاليف المعيشة.

وطالب المعايطة بإصدار قرار سياسي يلزم جميع المنشآت الاقتصادية غير المنتظمة التي توظف حوالى 90 في المئةمن القوى العاملة في الأردن برفع رواتب العاملين لديها بنسبة لا تقل عن نسبة التضخم، مشيرًا في السياق ذاقه إلى أن المسألة بالنسبة إلى المنشآت الكبيرة محلولة لأن الرواتب في هذه المنشآت مرتفعة نسبيًا.

غلاء الأسعار
ويطال غلاء الأسعار والتضخم أيضًا موظفي القطاع الخاص وبالتالي فإنه يؤمل أن تحذو الفعاليات الاقتصادية في القطاع الخاص برفع الرواتب أيضًا أسوة بالقطاع العام وحتى تتحقق المساواة بين القطاعين وشرائح المجتمع كافة مما يحقق أيضًا نوعًا من العدالة الاجتماعية والتوازن الاجتماعي المرغوب لتحقيق الاستقرار بكافة إشكاله.

أما في ما يتعلق برفع الرواتب بنسبة التضخم فهي تعتبر خطوة للحفاظ على القيمة الشرائية للراتب مع العلم بأن النمط الاستهلاكي ليس موحدًا بين شرائح المجتمع، فطبقة الأغنياء لا تستهلك من الخبز قدر ما تستهلكه الشرائح الفقيرة وطبقة الأغنياء تستهلك المحروقات أكثر بكثير من الطبقة الفقيرة وهكذا في سلع ونفقات أخرى.

ولرفع الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص محاسن وعليهما مثالب. فزيادة الرواتب بنسبة التضخم قد يثير تضخمًا آخر مما يستتبع زيادة الرواتب مرة أخرى مما يعني الدوران في حلقة مفرغة أو حلزونية، وقد جرب هذا الأسلوب في دول أميركا اللاتينية التي عانت من معدلات تضخم عالية ولكنها أقلعت عن هذا الأسلوب بعد ما تأكد عدم نجاعته باعتبار إن التضخم وارتفاع الأسعار ورفع الرواتب بعد ذلك خدم الطبقات الغنية وطبقات التجار والملاك بحيث أنهم يعكسون نسبة التضخم في كل مرة على المستهلك.

كما أن رفع الرواتب يجب أن يرتبط برفع الإنتاجية، وإلا فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التضخم مع العلم بأن جزءًا كبيرًا من التضخم في الأردن يعود لأسباب خارجية كارتفاع أسعار عملات كثير من الدول المصدرة إلى الأردن مقابل الدينار.

وترتبط مكافحة التضخم بزيادة المعروض من السلع والخدمات وكذلك بتنفيذ شبكة الأمان الاجتماعي التي تخذ الشرائح الفقيرة وذات الدخل المتدني والمحدود.كما أن توفير مخزون استراتيجي من المواد الغذائية الأساسية طول الوقت في إطار الأمن الغذائي يساعد على الحد من ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.

ويخفف إيصال الدعم (سواء أكان نقدياً أم سلعياً) إلى مستحقيه أيضاً من تآكل القوة الشرائية للدينار وغلاء الأسعار، فزيادة مخصصات الصناديق المخصصة لدعم الفقراء والعاطلين عن العمل كصندوق المعونة الوطنية والتنمية والتشغيل وغيرها يساهم بشكل كبير في التخفيف من حدة ارتفاع الأسعار وتوفير عيش كريم للمستفيدين منها.

من جهة أخرى، فإن هناك أنماطًا استهلاكية لا بد من مراجعتها لدى الكثير من المستهلكين والتي تستهلك جزءًا كبيرًا من ميزانية الأسرة كالتدخين والاتصالات غير الضرورية من خلال الموبايل وغيرها يمكن إن يوفر كثيرًا من النفقات الاستهلاكية غير الضرورية وتوفير حاجات أساسية للأسرة عوضًا عنها.