لتمكين الحكومة من ضخ رأس المال في البنوك مباشرة
البيت الأبيض يعيد إصلاح خطة الإنقاذ لتأميم الصناعة جزئيا ً

أشرف أبوجلالة من القاهرة
كشفت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن أنه في الوقت الذي احتشد فيه زعماء دول العالم في الولايات المتحدة أمس لمناقشة تداعيات الأزمة المالية العالمية، كانت تشرع إدارة الرئيس بوش في فحص وإصلاح استراتيجيتها الخاصة بإنقاذ نظامها المالي المتهاوي. وأشارت الصحيفة إلي أنه وبعد أسبوعين من إقناع الكونغرس بالموافقة علي إنفاق 700 مليار دولار من أجل شراء السندات المدعومة بالرهن العقاري المصابة بالإجهاد، وضعت إدارة بوش تلك الفكرة لمناقشتها من جديد من أجل التوصل لطريقة جديدة، تمكن الحكومة من ضخ رأس المال مباشرة ً إلي بنوك البلاد ndash; في خطوة من شأنها أن تساهم في تأميم الصناعة بشكل جزئي من الناحية العملية.

وأكدت الصحيفة علي أنه في الوقت الذي تقول فيه وزارة المالية الأميركية أنها لا زالت تخطط لشراء الأصول المنهكة، كان المدي الخاص بتلك الخطة أمرا ً غير واضحاً. وفي الوقت ذاته، قامت الحكومة الفيدرالية بتوجيه quot;فاني مايquot; وquot;فريدي ماكquot; وعمالقة الرهن العقاري التي تسيطر عليها الحكومة حتي تصاب مشترياتهم من سندات الرهن العقاري المضطرب بالانحدار، بطريقة قد تعتبر أكثر سرعة وأقل رسمية مقارنة ً بالمزادات العكسية التي اقترحتها وزارة المالية.

هذا وقد أمرت وكالة التمويل السكني الفيدرالية التي استولت الشهر الماضي علي فاني ماي وفريدي ماك، الشركات بشراء كميات أكبر من سندات الرهن العقاري. وقالت الصحيفة أن الخطة الجديدة الرامية لشراء الأوراق المالية في المصارف وهو التركيز الأول الآن للإدارة الأميركية تقترب خلال هذه الأثناء من عملية تأميم جزئية للنظام المصرفي أكثر من أي وقت مضي. وفي مقابل توفير رأس المال، سوف تطالب الحكومة بنوع من حصص الأقليات غير المصوتة.

ونقلت الصحيفة عن مجموعة من الخبراء والمحللين قولهم أن القرار الذي اتخذته وزارة المالية الشهر الماضي بعدم إنقاذ بنك quot;ليمان برازرزquot; عن طريق أموال دافعي الضرائب أدي لتفاقم الذعر الذي تحول سريعا ً لأزمة دولية. وفي محاولة منه لتخفيف وطأة الموقف ، عقد الرئيس جورج بوش اجتماعا في الصباح الباكر من يوم أمس في البيت الأبيض مع وزراء مالية مجموعة الدول السبع الصناعية .

وقالت الصحيفة أنه في الوقت الذي تتعاون فيه الولايات المتحدة مع دول القارة العجوز من أجل تأمين وإنقاذ أنظمتهم المصرفية، تراود الاقتصاديون بعض مشاعر القلق بشأن احتمال تدفق الأموال من بلدان أخري وبخاصة من الأسواق النامية للدول الغربية إذا ما قرر المستثمرون أن تلك الأسواق ليست بالأسواق الآمنة. وسعت الولايات المتحدة لطمأنة تلك الدول في اجتماع مساء أمس لـ 20 دولة كان من بينهم دولا تمتلك أسواق ناشئة أو نامية مثل الصين وروسيا.

ونقلت الصحيفة عن دافيد ماكورميك، وكيل وزراة المالية للشؤون الدولية قوله :quot; نحن نريد أن نطمأن ونؤكد التزامنا بأننا سنأخذ تلك الإجراءات بطريقة لن تقوض اقتصاديات بلدان أخري quot;. وأشارت الصحيفة إلي أن بريطانيا شأنها شأن الولايات المتحدة، تخطط لضخ راس المال بشكل مباشر إلي البنوك. ومع هذا فلم تتبني الولايات المتحدة وعدد آخر من الدول المقترح البريطاني لضمان عملية الإقراض بين البنوك كوسيلة لإطلاق سوق الائتمان.

ويري بعض الخبراء أن تأجيل تنفيذ خطة الإنقاذ التي أقرتها إدارة بوش بقيمة 700 مليار دولار لن يضر سوي بجوانب نجاحها. ويقول فريدريك ميشكين، أستاذ علم الاقتصاد بكلية التجارة في جامعة كولومبيا الذي تنحي من منصب محافظ هيئة الاحتياط الفيدرالي في نهاية أغسطس الماضي :quot; حتي وان كانت مناسبة قبل ذلك، إلا أنها لم تعد صالحة أو ملائمة الآن. فإذا تم تأجيل تلك الخطة ومن ثم تولد مناخ من الشكوك والريبة ، فان حجم الأموال التي سيتم طرحها سترتفع quot;.

وبحسب الصحيفة فان كثير من المسؤولين يرون أن فكرة قيام الحكومة الأميركية بشراء جزء من النظام المصرفي عبارة عن تدخل يحمل بين طياته أسلوب تدخل الحكومات الأوروبية في الأسواق. وهو ما أكد عليه السيد بولسون في حديثه أمام اللجنة المصرفية في مجلس النواب يوم الـ 23 من سبتمبر الماضي بقوله quot; يقول البعض أن علينا أن نلتزم برأس المال الموجود في البنوك، وأخذ الأوراق المالية المفضلة في البنوك. وذلك ما نفعله عندما نتعرض للفشل quot;.

ونقلت الصحيفة أيضا عن ميكي ليفي، كبير الاقتصاديين ببنك أميركا :quot; إن أزمة الثقة تسير لتجاوز الخسائر الفعلية التي سيتم تكبدها نتيجة سندات الدين. وبالفعل يتعين علي صانعي السياسات أن يواجهوا تلك الأزمة quot;. وقالت الصحيفة في النهاية أن مسؤولي وزارة المالية بدؤا في عملية استطلاع آراء البنوك وشركات الاستثمار عن إمكانية قيام الحكومة بشراء حصص فيهم. ويعطي قانون خطة الإنقاذ الجديدة لوزارة المالية الحق في شراء معظم ما تريده من أنواع الموجودات أو الأصول كافة والتي من بينها أسهم أو البعض المفضل منها في المصارف.