انتهت في بغداد اليوم المرحلة الأولى من جولة التراخيص الثانية لاستثمار 5 حقول نفط عراقية، تم إرساء التعاقد على اثنين منها، فيما سيقوم العراق باستثمار الثلاثة المتبقية لعدم تقدم أي شركة لاستثمارها، حيث سيقوم العراق بهذه المهمة، من خلال إمكاناته الذاتية، بينما تجري غداً المرحلة الثانية لاستثمار 5 حقول أخرى، بمشاركة 45 شركة، تمثل 23 دولة لحقول، تبلغ احتياطاتها النفطية 2.41 مليار برميل. بينما قدم رئيس الوزراء نوري المالكي ضمانات للشركات الفائزة بتوفير الأجواء المناسبة لإنجاح مهامها وحماية كوادرها وجميع من يعمل منها في العراق.

أسامة مهدي من لندن: في مستهل جلسة استلام العطاءات وإعلان أسماء الشركات الفائزة باستثمار الحقول النفطية والغازية التي جرت في مقر وزارة النفط في بغداد، أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن بلاده بحاجة إلى تطوير صناعته النفطية من أجل الحصول على الأموال اللازمة لتنشيط اقتصادها. وقد التزمت مع الشركات بتقديم التسهيلات كافة لإنجاح عمليات استثمارها للحقول، مؤكداً عدم عودة العراق إلى مرحلة التقلبات السياسية والأمنية، التي سادت العراق خلال السنوات الأخيرة، وأدت إلى تأخير التقدم في مجالات مختلفة.

وأشار المالكي إلى أن quot;واردات النفط كانت في زمن النظام المباد تتحول إلى أسلحة وحروب لا منفعة للعراقيين فيها. أما اليوم فستتحول عناصر سلام ومحبة وخدمة وتحقيق تطلعات الشعب العراقي، لأنه صاحب هذه الثروة، وأن نفط العراق للعراقيين، وفي ظل الإدارة الجديدة وسيادة القانون ودولة المؤسسات، لابد أن يرى أبناء الشعب الثروات النفطية تتحول إلى مصانع وخدمات وزيادة في الإستقرار السياسي، خصوصاً وأن العراق أصبح اليوم منفتحاً مع كل الدول على أساس الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخليةquot;.

واعتبر رئيس الوزراء العراقي quot;أن هذه الجولة تمثل ظاهرة متطورة في تاريخ الصناعة النفطية العراقية، من خلال ما نشهده اليوم من تنافس واضح وشفاف بين الشركات العالمية، الذي يتم أمام أنظار الجميع، وليس كما كان يحصل سابقاً في الغرف المغلقة وخلف الأبواب، وهذا الوضع الجديد والمتطور يولي الصناعة النفطية والإستثمار أهمية كبيرة، لأن النفط هو المصدر الأساس للطاقةquot;.

ائتلاف شل-بتروناس يفوز بعقد استثمار حقل نفطي عراقي

وشدد على أن العراق أصبح متطوراً في العملية السياسية، ولم يعد يتعامل مع القضايا بتقلبات سياسية، إنما يتعامل معها ضمن نظام دستوري ومسؤول، معرباً عن سعادته بهذه الظاهرة، التي تتم بعيداً من الإتهامات للحكومة والتشكيك بمواقفها بهذا الجانب.
وأضاف أن تطوير الصناعة النفطية هو تطوير لحياة العراقيين، وهو تطوير للمنطقة عندما يكون العراق فيه خدمات، وفي السنوات المقبلة حينما تتوفق هذه الشركات في عملها سيكون العراق قادراً على تطوير مرافق الحياة كافة، وتوفير النفط للعالم وفق أطر التفاهم والتعاون المعمول بها دولياً. ودعا المالكي الشركات الفائزة بجولة التراخيص إلى الإسراع بتنفيذ العقود، مؤكداً أن الحكومة ستوفر الأجواء المناسبة لإنجاح مهامها وحماية كوادرها وجميع من يعمل في العراق.

وقد فاز بعقد استثمار نفط حقل مجنون العملاق على حدود العراق الشرقية مع إيران ائتلاف شركتي شل الانكليزية الهولندية و بيتروناس الماليزية، فيما خسر الائتلاف المنافس الذي يضم شركتي توتال الفرنسية وquot;سي ان بي سيquot; الصينية الذي قدم عرضاً بلغ 75.1 دولارا للبرميل، وبسقف إنتاجي يصل إلى 4.1 ملايين برميل يومياً. ويحتوي حقل مجنون على 11 مكمناً نفطياً من النفط الثقيل والمتوسط والخفيف، وينتج بعد استثماره مليون برميل يومياً، فيما هو ينتج الآن 50 ألفاً يوميا فقط.

وفاز باستثمار حقل quot;الحلفايةquot; في محافظة ميسان الجنوبية، والذي يقع جنوب عاصمتها العمارة ائتلاف شركات توتال الفرنسية بالاشتراك مع quot;سي ان بي سيquot; الصينية وشركة بتروناس الماليزية. ويقدر احتياطي حقل الحلفاية بحوالى 1.4 مليون برميل من النفط يومياً.

لكن لم يتقدم أي ائتلاف مستثمر أو شركة للتعاقد على استثمار حقل نفط شرقي بغداد، وهو حقل عملاق يمتد لمساحات شاسعة، وينتج يومياً ربع مليون برميل من النفط الثقيل. ويبدو أن عزوف الشركات عن التقدم لاستثماره يعود إلى طبيعته المعقدة، حيث يوجد قسم كبير منه تحت دور المواطنين، ويحتاج تقنيات عالية للحفر والاستثمار.

أما الحقول الشرقية الأربعة في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، والتي تنتج الغاز أيضاً، وحقل القرنة فلم يتم إرساء عقود لاستثمارها من قبل الشركات المتنافسة أيضاً. لذلك قال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني إن بلاده ستجد سبلاً لتطوير حقول النفط التي لم يتم إرساء عقود تطويرها على شركات نفط عالمية. وأضاف أن وزارة النفط ستطور كل الحقول التي لم يتم منح عقود تطويرها اليوم بالاستعانة بالإمكانيات المحلية، معتبراً أن هذا واجب وطني.

وكانت وزارة النفط العراقية قد أعلنت في وقت سابق أن 45 شركة عالمية ستتنافس في ما أسمته جولة التراخيص الثانية للاستثمار في عشرة حقول نفطية اليوم وغداً السبت، حيث يشعل عرض هذه الحقول الضخمة التنافس بين شركات النفط العالمية العملاقة للفوز بحقوق استثمار النفط العراقية. وجولة اليوم هي الثانية التي يتم إجراؤها لمناقصات عقود حقول النفط العراقية الكبرى منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003. وحاولت الشركات التي لم تتمكن من الفوز بعقود في الجولة الأولى التقدم للحصول على عقود في هذه الجولة. ومن بين الشركات الـ 45 المتنافسة شركات عملاقة أمثال برتش بتروليوم وإكسون موبيل وشيفرون وشل وتوتال، فضلاً عن عدد من الشركات الصينية والهندية.

وتتعلق مناقصة اليوم وغداً بعشرة حقول نفطية، منحت خمسة منها اليوم، والخمسة المتبقية غداً السبت، وفي مقدمتها حقل غرب القرنة 2، الذي يحوي احتياطي قدره 8.12 مليارات برميل. ويبلغ إجمالي الاحتياطي للحقول العشرة المطروحة في المزاد 2.41 مليار برميل، وفي حال نجحت المناقصة، فقد يصبح العراق بعد ست سنوات في مستوى كبار منتجي النفط في العالم.