رغم صعوبة الفصل ما بين القرارات الاقتصادية والتحديات السياسية
سقوط كرايسلر قد يساعد أوباما على إعادة هيكلة جنرال موتورز

أشرف أبوجلالة من القاهرة: في الوقت الذي شن فيه البعض هجوماً على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد الدور الذي يُقال إنها لعبته في الدفع بمجموعة كرايسلر ndash; ثالث أكبر شركة لإنتاج السيارات في أميركا - لإعلان إفلاسها والاحتماء بالفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس، كشفت اليوم تقارير صحافية أميركية النقاب عن أن الآمال تحدو الرئيس أوباما وطاقمه الاقتصادي في أن تساعدهم تلك الخطوة المتشددة التي اتخذوها الأسبوع الماضي بشأن كرايسلر في إعانتهم على إحداث سلسلة من التغييرات الضخمة بشركة جنرال موتورز، تلك الشركة التي تفوق كرايسلر من حيث الضخامة وتعقيد بنيتها وأنشطتها التجارية.
لكن مسؤولين قالوا ndash; وفقاً لصحيفة النيويورك تايمز الأميركية ndash; إنَّه وبالرغم من صعوبة القرار الذي اتخذه أوباما يوم الأربعاء الماضي متحدياً المخاطر كافة بدفع كرايسلر لإعلان إفلاسها، إلا أنَّ سياسات إعادة هيكلة جنرال موتورز سوف تكون أكثر صعوبة. ليس لشيء، وإنما لأن ما تبقى من ظلال تلك الشركة التي كانت تهيمن من قبل على الساحة الأميركية، في طريقه للزوال. كما إنها ستضطر للتخلُص من عشرات الآلاف من الوظائف الإضافية والقيام كذلك بإغلاق المصانع والوكلاء في جميع أنحاء البلاد.
أما في حالة كرايسلر، فقد تم بالفعل اتخاذ القرار المتعلق بتخفيض الوظائف، ولا تأخذ الحكومة الآن إلا حصة صغيرة فقط. كما إن التحالف العالمي الاستراتيجي الذي أقامته كرايسلر أخيراًً مع شركة فيات الإيطالية لتكوين شركة جديدة قوية، سوف يُساعد الشركة الأميركية على بيع سيارتها في مجموعة جديدة من الأسواق حول العالم.
ومع هذا، فقد أكدت الصحيفة على أن الأمر سيختلف في حالة جنرال موتورز، حيث سيضطر أوباما على تخفيض المزيد من الوظائف وسيصبح حامل الأسهم الرئيس. كما إنه سيشرف على عملية تقليص جذري للقوي العاملة الخاصة بجنرال موتورز في الوقت الذي يحاول فيه التصدي لمعدلات البطالة المتنامية. ونقلت الصحيفة في هذا الإطار تصريحات كان قد أدلى بها أول أمس راحم إيمانويل، كبير موظفي البيت الأبيض، وقال فيها :quot;جنرال موتورز مختلفة تماماً عن كرايسلر. لكني أقترح درساً واحداً لجنرال موتورز، وغيرها من الأطراف، وهو أننا نمر الآن باللحظة التي قال فيها الرئيس الديمقراطي (أنا مستعد في واقع الأمر بالسماح لأي شركة أن تتخذ قرار الحل، ولن يكون هناك دفتر شيكات مفتوح). لكن يجب أن تكون هناك جدوى حقيقية للإقدام على ذلكquot;.

ولا يعتقد أحد أن أوباما سيسمح لجنرال موتورز بأن تتعرض الانهيار، ولن يسمح ببيع أصول الشركة أو التخلي عنها. وقال مسؤولون من فريق عمل أوباما المكلف بالإشراف على قطاع صناعة السيارات أنَّه في حالة تطور العملية القانونية لكرايسلر، كما يأمل البيت الأبيض أن تتم في غضون الأسابيع المقبلة، فإن خيار الإفلاس قد يبدو جذاباً بصورة متزايدة بالنسبة إلى جنرال موتورز أيضاً. من جانبه، قال رئيس مركز بحوث السيارات في مدينة آن أربور في ولاية ميتشيغن الأميركية دافيد كول، quot;يتمتع تهديد الإفلاس بأهمية بالغة في المفاوضات مع حملة السندات والتجار وغيرهم. وبدون وقوع خطر واضح وقائم عليهم، فإنهم لن يقوموا بعقد صفقة منطقيةquot;.
في حين قال أحد كبار مسؤولي فريق عمل أوباما الذي رفض أن يكشف عن هويته لأن المفاوضات مع جنرال موتورز كانت لا تزال جارية: quot;ما لدينا من أوامر هي أن نقدم لكل من كرايسلر وجنرال موتورز الطريقة التي سنبرم من خلالها صفقة تجارية بحتة. فلن نجلس هناك ونسأل جنرال موتورز عن عدد الوظائف التي تعتزم تخفيضها، أو نوعية النماذج التي تسعى للتخلص منها. لكننا سننظر إلى البيانات المالية، والميزانية العمومية، وننتظر لنرى إذا ما كانت الخطة التي أتوا بها ستنجح في اجتياز هذا الاختبار أم لاquot;.

ونظراً إلى أن كرايسلر تعتبر الشركة الأكثر هامشية بالفعل لما كان يطلق عليه في الماضي ( The Big Three ) ndash; ( وهم أكبر ثلاثة شركات أميركية لتصنيع السيارات في ديترويت ) ndash; فإن ذلك سوف يكون ثالث تقمص لها على مدار عقد كامل، وسيكون بإمكان أوباما اتخاذ موقف متشدد. لكن عند التعامل مع شركة تتمتع بحساسية من الناحية السياسية وضخامة مثل شركة جنرال موتورز، فإن الإدارة ستحصل على وقت أكثر صعوبة في الفصل ما بين القرارات الاقتصادية وبين التحديات السياسية. هذا وقد سبق للرئيس باراك أوباما وأن أعلنها بكل وضوح حين قال أنه يتوجب على شركة جنرال موتورز أن تقوم بإنتاج سيارات صغيرة، وفعالة من حيث استهلاك الوقود، وتنبعث منها مستويات منخفضة من مركب الكربون ndash; وهي الخطوات التي اتخذتها جنرال موتورز بصورة متعثرة إلى حد كبير.