الكويت - إيلاف: انتهجت عُمان سياسة مالية توسّعية منذ العام 2003، استهدفت تنويع اقتصادها. وقد كانت هذه السياسة مدعومة بالزيادة المستمرة في الإيرادات، ولاسيما إيرادات النفط والغاز. وركزت مصروفات الموازنة بصفة أساسية على المصروفات الاستثمارية أكثر من المصروفات الجارية. وعلى أساس النمو السنوي المركب، تبيّن ذلك خلال الفترة ما بين العام 2003 والعام 2008؛ حيث ارتفعت كلّ من الإيرادات والمصروفات بنسبة 18.8 % خلال تلك الفترة.

وقد ساعدت الطفرة النفطية على زيادة الإيرادات الإجمالية بدرجة كبيرة؛ حيث ارتفعت من 3.3 مليارات ريال عُماني في العام 2003 إلى مستوى قياسي بلغ 7.8 مليارات ريال عُماني بنهاية العام 2008. وعموماً، يلعب فائض قطاع النفط والغاز الطبيعي دورا رئيساً في إصلاح الوضع المالي لاقتصاد السلطنة. فقد سجل صافي إيرادات النفط نموا بمعدل 17.9 % مرتفعاً من 2.3 مليار ريال عُماني إلى 5.3 مليارات ريال عُماني خلال الفترة الممتدة ما بين العام 2003 والعام 2008.

بالمثل، ارتفعت إيرادات الغاز بمعدلات أسرع مسجلة 59.9 % لترتفع من 87.0 مليون ريال عُمان إلى 909.9 ملايين ريال عُماني بنهاية العام 2008. وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع إيرادات النفط والغاز قد دعمت الفائض المالي، والذي كان موجّها لتسديد الدين العام سنة تلو الأخرى. ومن ثمّ، فقد سمح الوضع المالي المتحسّن طوال الأعوام الماضية، للحكومة بتخفيض نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي من 13.9 % في العام 2004 إلى 4.2 % بنهاية العام 2008.

وعلى المستوى المطلق، استمر الدين العام في الانخفاض بشكل كبير خلال الخمسة الأعوام الماضية، مسجلاً انخفاضاً بمعدل سنوي مركب مقداره 7.5- % خلال تلك الفترة. فقد انخفض الدين العام من 1.3 مليار ريال عُماني في العام 2004 إلى 964.8 مليون ريال عُماني في العام 2008. ونتيجة لذلك، تراجعت أيضاً خدمة الدين من 447.7 مليون ريال عُماني في العام 2002 إلى 354.3 مليون ريال عُماني في العام 2008، مسجلاً تراجعاً بمعدل سنوي مركب مقداره 5.7 %.

وعلى صعيد الموازنة الحالية، أقرت الحكومة الموازنة الجديدة للعام 2009، والتي صدرت بموجب المرسوم الملكي رقم 1/2009. وقد تم إعداد الموازنة الجديدة في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وقد توقّعت حدوث ركود اقتصادي عالمي مصحوباً بانخفاض كبير في أسعار النفط. ومن هذا المنطلق، واصلت عُمان تطبيق سياستها المالية التوسّعية التي تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي ومن ثمّ، أشارت المصادر الرسمية إلى أن quot;الموازنة الجديدة تضمنت إعادة ترتيب أولويات الإنفاق إلى حدّ ما، ولكن من دون التخلي عن تنفيذ المشاريع الأساسية، لتبقى في نطاق الخطة الخمسية السابعة للتنمية (2006-2010rlm;)quot;.

ووفقاً للبيانات الصادرة من وزارة المالية، يتوقّع أن تسجل الموازنة الجديدة عجزاً بقيمة 810.0 ملايين ريال عُماني بالمقارنة مع عجز مقداره 400 مليون ريال عُماني في موازنة العام السابق. وترى الوزارة أنّه من الأهمية بمكان التصدي لدورة الانكماش الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية الكبرى بهدف تنويع مصادر الاقتصاد، حتى وإن كان ذلك سيؤدي إلى عجز في الموازنة. وبحسب ما ذكرت الوزارة، quot; أتاحت أسعار النفط الإيجابية خلال الأعوام الأخيرة، للحكومة تجميع فوائض مالية كبيرة، من شأنها أن تساعد في تمويل أيّ عجز محتمل في الموازنة.

قدرت الإيرادات الإجمالية بقيمة 5.6 مليارات ريال عُماني، أي بزيادة تبلغ نسبتها 4.0 %عن مستواها المقدّر في موازنة العام 2008. وكما جرت العادة، يتألف جزء كبير من الإيرادات العُمانية المقدّرة للعام من إيرادات النفط والغاز. ويتوقّع أن تشكّل إيرادات النفط و الغاز حوالي 74.7 % من إجمالي إيرادات العام 2009. قدرت إيرادات النفط للعام 2009 بقيمة 3.5 مليارات ريال عُماني، بانخفاض مقداره 2.4 % عن الإيرادات المقدرة موازنة العام 2008 والبالغة 3.6 مليارات ريال عُماني.

ويعزى هذا الانخفاض إلى الافتراضات الأساسية التي بنيت عليها الموازنة الحالية والتي حددت مستوى الإنتاج عند 805آلاف برميل يومياً و سعر برميل النفط عند المستوى المقدّر ذاته في موازنة العام 2008 والبالغ 45 دولاراً أميركياً للبرميل. وعلى الرغم من ذلك، من المتوقّع أن نسجل إيرادات النفط نمواً بمعدل 8.1 % للعام 2009 لتبلغ 670 مليون ريال عُماني. وقد بُنيت الزيادة المتوقّعة في إيرادات الغاز على عاملين رئيسين وهما: تشغيل حقول الغاز مثل حقل الكوثر بعد أعمال الحفر والتنقيب التي شهدها إضافة إلى تحسّن شروط عقود واتفاقيات الغاز.

وفي ما يتعلّق بالإيرادات غير النفطية للعام 2009، فقد قدّرت بقيمة 1.4 مليار ريال عُماني بزيادة بلغت 21.5 % عن مستواها المقدّر في موازنة العام 2008 والبالغ 1.2 مليار ريال عُماني. على الرغم من احتمالية تباطؤ النمو الاقتصادي، تعزى الزيادة المقدرة في الإيرادات غير النفطية إلى الزيادة المتوقعة في القاعدة الضريبية والإيرادات، إضافة إلى الرسوم والإيرادات غير الضريبية.

قدّرت المصروفات الإجمالية للعام 2009 عند مستوى 6.4 مليارات ريال عُماني بزيادة نسبتها 10.8 % عن المصروفات المقدّرة في موازنة العام 2008 والبالغة 5.8 مليار ريال عُماني. و يعزى ارتفاع المصروفات المقدّرة لموازنة العام 2009 إلى ارتفاع المصروفات الجارية بنسبة 13.2 %، والذي اقترن بارتفاع مقداره 2.9 % في المصروفات الاستثمارية.

وتحت بند المصروفات الجارية، شكلت مصروفات الوزارات المدنية، والدفاع و الأمن القومي الجزء الأكبر من المصروفات، حيث بلغت 53.5 % و 38.4 % على التوالي. ويقدّر أن تسجل الفئتان نمواً ثنائي الرقم بمعدلي 12.8 و 13.6 % مقارنة بالمستوى المقّدر في موازنة العام 2008 لتصلا إلى 2.1 مليار ريال عُماني و 1.5 مليار ريال عُماني على التوالي.

وفي ما يتعلّق بالمصروفات الاستثمارية، فقد قدرّت عند مستوى 1.91 مليار ريال عُماني بالمقارنة مع 1.86 مليار ريال المقدّرة في موازنة العام 2008. ووفقاً للمصادر الرسمية، quot;تأتي الزيادة في الإنفاق الاستثماري التي قررتها الحكومة في إطار السياسة التي تتبعها الحكومة لمواصلة تنفيذ مشاريع البنية التحتية rlm;والمشاريع التنمويةquot; quot;وتعتبر هذه السياسة، سياسة طويلة المدى، وهي مبنية على المتطلبات التنموية المستقبلية للبلادquot;.

وأخيراً، سيتمّ تمويل العجز في الموازنة من خلال سحب 710 ملايين ريال عُماني من الاحتياطيات الحكومية، ومن خلال الاقتراض الخارجي، وذلك باقتراض 100 مليون ريال عُماني. ولكن، نظراً إلى أن الموازنة مبنية على افتراض سعر متحفظ لبرميل النفط مقداره 45 دولارا أميركياً للبرميل، فمن المرجح أن تحقق الحكومة العُمانية فائضاً كبيراً خلال العام 2009. ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى أنّ أسعار النفط قد بدأت في الانتعاش بدرجة كبيرة خلال العام 2009، متجاوزة التقديرات المتحفظة لسعر النفط في الموازنة. ومن ثمّ، في حالة إذا حافظت أسعار النفط على مستوياتها الحالية حتى نهاية العام 2009، فمن المحتمل ألا يقع الوضع المالي العُماني تحت وطأة الضغوط بل قد يسجّل فائضاً.