من المعروف أن أسعار المحروقات، التي يتم تحديدها دورياً وفق المعادلة السارية بين اليورو والدولار الأميركي والتي تنتمي الى اجراءات طالما حرصت أوروبا على معالجتها من جميع الجوانب من جراء تعلقها الشديد بتجهيزات الطاقة الخارجية، تتعرض، بين الفينة والفينة، لسلسلة من المضاربات التي تضمن أرباحاً ممتازة لأدمغتها المدبرة. بيد أن ما يجري من تسعير ومضاربات لا علاقة له، اليوم، بتجهيزات الوقود الأوروبية التي دخلت نفق أزمة مقلقة!

برن (سويسرا): الجميع بأوروبا وسويسرا، متخوف من شح الوقود بسبب استمرار الاضراب، في مرفأ quot;فو لافيراquot; (Fos Lavera) الفرنسي، لليوم 13 على التوالي. ويعتبر هذا المرفأ أكبر ثالث مرفأ نفطي، حول العالم، أين تقدر حركة منتجات الهيدروكربون(مثل البنزين) بحوالي 65 مليون طن، سنوياً. وبما أن المرفأ يعمل على تجهيز ثماني مصاف، في فرنسا وألمانيا وسويسرا، فان الأخيرة مهددة أنشطتها بالشلل في حال تواصل الاضراب لغاية نهاية الأسبوع. من جانبهم يشير الخبراء السويسريين الى أن هذه المصافي قادرة على معالجة حوالي مليون برميل من النفط، يومياً. في ما يتعلق بمصفاة شركة quot;توتالquot;، في مدينة quot;لا ميدquot; الفرنسية، فان شرايين النفط، داخلها، ستستهلك آخر قطرة من احتياطاتها يوم الأحد القادم.

في سياق متصل، يشير الخبير النفطي أوتو ماير الى أن أوروبا وسويسرا قد تتعرض لنقص quot;محرجquot; في امدادات الوقود، في الأسبوعين القادمين. كما أن أزمة الوقود ضربت جزيرة كورسيكا الفرنسية التي تنتظر سفينة كارغو، حمولتها ستة آلاف لتر من الديزل، قادمة من جزيرة سردينيا الايطالية. نظراً لحالة الطواريء، التي قد تعتنقها عدة كانتونات سويسرية لفترة وجيزة، فان تجهيز الوقود، راهناً، في جزيرة كورسيكا مخصص للشرطة وعربات الاسعاف. علاوة على ذلك، يشير الخبير ماير الى أن طابور من سفن نقل النفط ينتظر منذ أيام عدة، لتفريغ حمولته، من النفط أم المنتجات التي خضعت للتصفية، في مرفأ فو لافيرا. وهذه سابقة خطيرة. أوتوماتيكياً، يتفاعل التجار مع هذه الأزمة لتحقيق أرباح فلكية، وفق المعطيات الصادرة عن هذا الخبير. اذ ان تكلفة نقل 80 ألف طن من النفط، في البحر الأبيض المتوسط، زادت حوالي 60 في المئة، في الأسبوع الأخير! أما سعر أسهم الغازولين في مؤشر (ICE) الأوروبي فهو قفز الى أعلى مستوى له، منذ خمسة شهور.