حالة من الغليان تسيطر على البائعين والمشترين في مصر، بعد توحش أسعار السلع الغذائية، وخاصة الخضر والفاكهة في الأيام الأخيرة. وقد أدى هذا الارتفاع إلى صعود نسبة التضخم إلى 7.11 % في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، في توقيت يراه خبراء حرجًا للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، قبيل عقد انتخابات مجلس الشعب المقبلة في أواخر نوفمبر والانتخابات الرئاسية العام المقبل.

القاهرة: بينما يتوقع أن تلقي ظروف بالمزيد من الضغوط على الحزب الوطني قبيل الاستحقاق البرلماني المرتقب في مصر، الذي يعد الأهم في تاريخ البلاد، حيث سيتحدد على أثر نتائجه خريطة المرشحين على منصب رئيس الجمهورية العام المقبل، إلا أن استصدار تشريعات وقوانين ملزمة لضبط الأسعار والرقابة على الأسواق أصبحت مسألة ملحة، ولا تحتمل الانتظار في بلد 40 مليونا من سكانه فقراء بحسب تصنيف البنك الدولي.

يقول محمد مدكور بائع في أحد المتاجر الكبرى لـquot;إيلافquot; إن الأسعار تسير كالقطار.. تزيد بشكل مستمر. وفي الأيام الأخيرة وصل بعض السلع إلى مستويات غير مسبوقة، ما أثر بشكل بالغفي حركة البيع والشراء. وأوضح أن quot;أسعار الجبن والحليب والبيض ارتفعت ما بين 10 % و 12 %، وزيت الطهي والسكر بنسبة 8 %، والفواكه ما بين 10 % و15%quot;، بالنسبة إلى أسعار الجملة التي تعتبر أقل مقارنة بأسعار التجزئة للزبون العادي.

وكان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قد أرجع ارتفاع معدل التضخم بصورة أساسية إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بما يقرب من 21.3 %، وشهدت أسعار الخضر والفواكه أعلى الزيادات، حيث ارتفع سعر الطماطم بنسبة مذهلة، متجاوزًا الـ 51 %.

ووصل سعر كيلو الطماطم (البندورة)، التي تعد العنصر الأساسي في المطبخ المصري، إلى 15 جنيهًا ( حوالي 2.5 دولارات)، وهو مبلغ يعد باهظًا جدًا بالنسبة إلى ما يقرب من 40 مليون مصري، من جملة 80 مليونا، يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، وفقًا لإحصاءات البنك الدولي.

تقول quot;فوزيةquot; التي اكتفت بذكر اسمها الأول لـquot;إيلافquot; أثناء لقائها في سوق للخضر، وهي تشير بحسرة إلى سعر كيلو الطماطم quot;زوجي راتبه لا يتجاوز الـ 800 جنيه بالحوافز والبدلات، ولدينا أربعة أطفال في المدارس.. بالله عليك كيف نشتري كيلو طماطم بـ 15 جنيهًا، وكم سيبقى من النقود لشراء مكونات طبخة كاملة؟quot;. مؤكدة أن quot;المرتب بهذا الشكل لا يكفي لأربع أو خمس طبخات لو فكرنا في شراء لحمة أو دجاجquot;.

واضطرت الكثير من الأسر إلى وضع البروتين الحيواني، اللحوم والدواجن على وجه التحديد، في قائمة أطعمة الترف والرفاهية التي يمكن الاستغناء عنها ndash; بحسب فوزية - بعدما ارتفعت أسعارها بصورة لافتة في الفترة الأخيرة، وتجاوز سعر الكيلو المائة جنيه في بعض المناطق.

وبينما تحاول الحكومة برئاسة أحمد نظيف، رئيس الوزراء، تهدئة غضب المستهلكين بإلقاء اللوم على الطقس الحار وتأثيره على المحاصيل الصيفية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن الأسعار ستنخفض مرة أخرى فى الأسابيع المقبلة، إلا أن الخبراء يقولون إن الحكومة يجب أن تلعب دورًا أكبر في عملية ضبط الأسواق من خلال سنّ quot;قوانين جديدة تنظم الرقابة على الأسواق وتحارب الغش التجاريquot; وفقاً لعمرو عبد الجليل، محلل اقتصادي.

ويرجع عمرو السبب وراء تلك الأزمات إلى غياب الرقابة على المزارعين والسيطرة على الأسواق، مشيرًا إلى أن الحكومة لا يمكن أن تبرئ نفسها quot;بمزاعم السوق الحرة وما إلى ذلك لأن المستهلكين الفقراء هم الذين يتحملون كامل العبء فى النهايةquot;. وأزمة ارتفاع الأسعار، واحدة من سلسلة أزمات تعاقبت على رأس حكومة نظيف في السنوات القليلة الماضية، عكست فشل الحكومة في تلبية الخدمات والمتطلبات الأساسية للمواطنين مثل، على سبيل الذكر لا الحصر، رغيف الخبز والبنزين وقارورة الغاز.

وقد وصل الأمر في بداية عام 2008 إبان أزمة رغيف الخبز إلى حدوث توترات وأعمال عنف أمام المخابز، انتهت بمقتل وإصابة بعض المواطنين، إلى أن تدخل الرئيس مبارك، وأصدر قراره بمشاركة الجيش والشرطة في تصنيع وتوزيع رغيف الخبز.

وأمام المشكلة الراهنة، اضطر الرئيس مبارك إلى التدخل مرة أخرى، فأصدر توجيهاته للمحافظين والحكومة لضبط أسعار الخضر والفاكهة. ويأتي تدخل الرئيس مبارك في وقت حرج توجد فيه أزمة ثقة بين المواطنين والحكومة قبيل انتخابات مجلس الشعب المقررة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.

ويعتقد الكاتب الصحافي إبراهيم منصور أن هذه الأزمات المتتالية التي تسقط على رؤوس الفقراء بين الحين والآخر قد تؤثر في موقفهم من الحزب الوطني الحاكم في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، quot;نحن على أعتاب انتخابات مجلس الشعب.. وانتخابات الرئاسة.. وتحت أي ظرف من الظروف لا يمكن للمواطنين المتواضعي الحال أن يمنحوا أصواتهم لحزب وحكومة تذلهم وتتعمد تنفيذ ذلك فيهمquot;.