إتفق المشاركون في فعاليات اليوم الختامي من المؤتمر الإقليمي الخامس للقيادات العربية الشابة الذي عقد في دبي على ضرورة مواجهة تحديات البطالة المتزايدة وضرورة تشجيع الشباب العربي على خوض تجارب إبداعية جديدة تقدم حلولاً نوعية للمشكلة المتفاقمة، وعدم طرح المشروعات المكررة من دون البحث عن فرص أفضل تعود بالإنتاجية وتحقق الجدوى الاقتصادية المطلوبة لأصحاب المشاريع.


دبي: تشير الإحصاءات إلى وجود مئة مليون شاب عربي يواجهون تحديات البطالة ويسعون للحصول على فرص عمل ووظائف ، فيما بلغت نسبة البطالة 24% مقارنة ب 13% على مستوى العالم، مما جعل الهجرة أحد أهم الخيارات التي يطمح اليه الجيل الجديد، إذ تشير إحصاءات البنك الدولي إلى أن العالم العربي بحاجة إلى 6 ملايين فرصة عمل عام 2020، في حين أشار تقرير للجامعة العربية عام 2009 أن معدل البطالة في الدول العربية يصل إلى 16%، 80% منهم من الشباب، كما أشار تقرير منظمة العمل العربية إلى أن نسبة 19% من الشباب العربي يرغبون في الهجرة للخارج وأن 88% منهم أكدوا أن السبب هو الحصول على فرصة عمل.

وتشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 70% من إجمالي الشركات في العالم العربي، فيما لا تز يد إسهاماتها في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة على 30% ، كما أن هناك 15% من الشباب العربي يمتلكون خطة للبدء بمشروع أو تأسيس شركة، وعلى الرغم من ذلك فهم يبحثون عن وظيفة حكومية، بينما 4% من الشباب في الدول الغربية فقط لديهم خطة للبدء بمشروع.

وردّ المشاركون في المؤتمر السبب الرئيس في زيادة معدلات البطالة لعدم فعالية الإرشاد المهني في بعض الدول العربية أو إنعدامه في دول اخرى، حيث أن طلاب المدارس لا يتم توجيههم لإختيار مهن تتوافق وحاجات السوق، فيتخرج عدد كبير من الطلاب الجامعيين ليجدوا أنفسهم دون عمل, حيث أجمع المشاركون على ضرورة حث الشباب على الإستثمار في المهارات العملية عوضًا عن شهادات جامدة لا يحتاجها السوق في وقت يتعذر فيه على القطاع الرسمي أن يستوعب كافة الخريجين، كما أن القطاع الخاص يخضع لمنافسات حادة ويعاني من أزمة ثقة مع المجتمعات المحلية.

الإستثمار في المهارات لا الشهادات

طارق يوسف عميد كلية دبي للإدارة الحكومية أشار في كلمته إلى أن الضخ الهائل من الشباب الجدد الداخلين إلى سوق العمل هو أحد التحديات الأساسية لكنه ليس التحدي الوحيد، فهناك 100 مليون شاب عربي في المرحلة العمرية من 15 إلى 29 في حالة إنتظار يواجهون تحديات متعددة أحدها التوظيف، وأن هناك ضغوطا شديدة على الإقتصاد الإقليمي وخاصة فيما يتعلق بنظم التعليم وأسواق العمل، وهناك تحديات اجتماعية أسرية وأمنية داخلية وأجواء دولية قاتمة سياسياً واقتصادياً، فالتحديات تتسع لتشمل كذلك التعليم والزواج والسكن معتبراً أن الظروف الحالية تبعد الشباب عن مجالات الحياة المعاصرة والحديثة.

وفي ضوء تحليله لتطورات معدلات البطالة ونسب الإشغال الوظيفي خلال الأعوام الماضية أشار إلى زيادة إقبال العاملين ضمن القطاع غير الرسمي الذي يحرم الموظف من عقود العمل والحقوق المترتبة عليها، فيما يجد الشباب المتعطل نفسه في حالة إنتظار يضطرهم للقبول بأي عمل لإنعدام الفرص وتدفع بهم للقبول بالشروط المجحفة والغير عادلة ، مشيراً إلى إنحسار دور القطاع الخاص الرسمي والقطاع الحكومي في مجال توظيف الشباب، موضحاً أنه حتى في أوج الطفرة النفطية فإن النمو الذي رأيناه في فرص العمل كان لوظائف مؤقتة تلا شت مع
إنتهاء الطفرة.

أما من الناحية الإجتماعية فقد أشار يوسف إلى مخاطر البطالة وإنعكساتها على بنية المجتمع حيث تؤدي إلى تأخر سن الزواج في ظل صعوبة الإدخار لشراء السكن وقلة القروض التمويلية للإسكان، وأعتبر أن أسوء ما يواجهنا في المرحلة الحالية هي فقدان الثقة بالقطاع الخاص، والتشكك في جدوى السياسات التي إتبعتها دولنا للإعتماد على تنشيط دور الأسواق، مشيراً إلى إفتقاد مؤسساتنا للمرونة اللازمة في التعامل مع هذه التحديات.

أما في إطار الحلول فقد أشار طارق يوسف إلى ضرورة البحث عن مدى فعالية القطاع الخاص في إطار نظام تعليمي أفضل ، داعياً إلى التركيز على بناء المهارات بدلاً من البقاء في نطاق البحث عن الشهادات.

الحوكمة للإرتقاء بمستوى المؤسسات

فادي غندور الرئيس التنفيذي لشركة أرامكس وفي جلسة جاءت بعنوان quot;تشجيع ريادة الأعمال في الشرق الأوسطquot; ركز على ضرورة إيجاد الحلول ولابد من دراسة المشاكل بدقة لإيجادها.

مشيراً إلى أنه علينا ألا نقع في فخ السلبية ونحن نشخص حالتنا فنضعها في إطار التحديات الضخمة التي لا يمكننا مواجهتها بل يجب أن نغيّر طريقة النظر إلى الأشياء وطريقة التفكير بها وأن نبدأ وننطلق لأن أخذ الأمر بأيدينا.

من جهة أخرى فقد طرح غندور نماذج من رواد الأعمال في الدول العربية الأخرى موضحاً أن هناك الملايين من رواد الأعمال لكن المعرفة بوجودهم محدودة، رغم أن هناك حاضنات أعمال تكمل في كل المنطقة، لكننا نحتاج إلى مزيد من الدعم معتبراً أنه لا ينبغي إنتظار المبادرات من الحكومات دائماً بل ينبغي أن يبادر القطاع الخاص إلى القيام بدوره على هذا الصعيد.

وأوضح أن الناس يلقون الأمر دائماً على الحكومات إذ يجب أن نأخذ الأمر بأنفسنا فالحكومة ليس بإمكانها إعطاء كل شيئ فيما هي شريك في المجتمع، مشيراً إلى أن أكبر موظف للقطاع الخاص في دولنا هي الشركات الصغيرة والمتوسطة وليست الشركات الضخمة، وهي التي تقوم فعلياً بالدور الحيوي في التشغيل، وأن هناك الكثير من المؤسسات الناجحة في العالم العربي التي تدر الملايين، وهناك الملايين من رواد الأعمال ومنهم عدد كبير من الذين خلقوا فرص عمل جيدة.

أما فيما يتعلق بالحلول فقد شدد على أهمية إصلاح نظام التعليم ككل وهذا يعني زيادة الإستثمارات في بناء المدارس والجامعات وحسب، بل من خلال تغيير جذري بالمناهج لتستطيع أن ترفدنا بمخرجات تعليم متطورة قادرة على الإنخراط بسوق العمل داعياً إلى إعتماد الحوكمة في الإعمال للإرتقاء بمستوى المؤسسات مركزاً على ضرورة السعي لمضاعفة إسهام الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي العربي على المدى القريب.