نزل المؤشر الرئيس للبورصة بأكثر من 3.5 % اليوم الاثنين بسبب تكهنات بشأن صحة مبارك، رغم أن المستشفى أعلن أنه يتعافى بشكل جيد، بعد جراحة لإزالة الحوصلة المرارية. ويثير الافتقار الواضح للشفافية بشأن حالته الصحية، وعدم التيقن بشأن من يمكن أن يخلف مبارك يثير قلق المستثمرين المصريين والأجانب.

القاهرة - وكالات: أثارتجراحة أجريت للرئيس المصري حسني مبارك، الذي يحكم البلاد منذ نحو 30 عاماً، يوم السادس من مارس/ آذار الجاري، وهو الآن يتعافى في مستشفى في ألمانيا، أثارت شائعات عن حالة الرئيس المصري، الذي لا يوجد خليفة واضح له.

غير أن الافتقار الواضح للشفافية بشأن حالته الصحية، وعدم التيقن بشأن من يمكن أن يخلف مبارك يثير قلق المستثمرين المصريين والأجانب.

ماذا سيحدث في البورصة؟
عادة ما تهزّ المخاوف بشأن صحة مبارك الأسواق في مصر. ففي عام 2004 نزلت البورصة، عندما أجريت جراحة في الظهر للرئيس، وهبطت الأسهم كذلك بعد الجراحة التي أجريت له أخيراً. ويستبعد متعاملون أن تنتعش السوق من تراجعها في الفترة الأخيرة، حتى يظهر مبارك على شاشات التلفزيون في بثّ مباشر.

تساؤلات حول صحة مبارك تهبط بالبورصة المصرية

ورأى خالد عبد المجيد المدير المشارك في شركة مينا كابيتال للاستثمار ومقرها لندن أنه quot;إذا حدث شيء لحسني مبارك، أتوقع أن تنخفض السوق، حتى يتضح من الذي سيتولى السلطة، ومدى كفاءتهquot;. وحتى الآن، كانت البورصة المصرية من أفضل البورصات أداء في المنطقة، لكن محللين يقولون إن المستثمرين قد يبحثون عن عائدات أعلى بالمقارنة بأسواق ناشئة أخرى، بسبب مخاطر الخلافة المحتملة.

ماذا سيحدث لسياسات تحرير الاقتصاد؟
شمل برنامج تحرير الاقتصاد، الذي أطلق عام 2004، خفض الضرائب والحد من البيروقراطية وبيع أصول مملوكة للدولة عن طريق البورصة أو في صفقات بيع مباشرة وخفض الدعم.

ويعتقد ريتشارد فوكس رئيس فريق التصنيفات السيادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني quot;أنه يمكن افتراض درجة كبيرة من الاستمرارية، لكن ذلك لا يعني القول إنه ستكون هناك حالة شديدة من عدم التيقن، عندما يحدث ذلك، كما إن وتيرة الإصلاح قد تتراجع، في حين يحاول الرئيس الجديد تعزيز شعبيته أو تحسين مصداقيتهquot;.

تأثير التصنيف الائتماني
ويراقب محللو الديون سياسات الخلافة في مصر، لأنها قد تؤثّر على قدرة البلاد على خفض الإنفاق وسداد ديونها ومدى استعدادها لذلك. غير أن استدانة مصر من الخارج محدودة، وبلغت حسب إحصاءات حكومية ما يعادل نحو 14 % من الناتج المحلي الإجمالي في منتصف عام 2009. يذكر أن الدين المحلي الكبير البالغ نحو 50 % من الناتج المحلي الإجمالي في سبتمبر/ أيلول 2009، حسب إحصاءات حكومية، تملكه بالأساس بنوك مصرية، مما يجعله مستقراً نسبياًَ.

ومخاطر حدوث تحول كبير في السياسة الاقتصادية المصرية تبدو ضئيلة كذلك، لأن الإصلاحات التي نفذت في الفترة الأخيرة حققت معدلات نمو جيدة، حتى في وقت التراجع العالمي، لكن عدم التيقن يؤثّر. وقال فوكس من فيتش إن المخاطر والافتقار للوضوح بشأن مسألة الخلافة quot;يحدّ بالتأكيد من ارتفاع التصنيفاتquot;. وتضع مؤسسات التصنيف مصر دون الدرجة الاستثمارية مباشرة.

المخاوف من اضطرابات بسبب الخلافة محدودة
رغم المخاوف التي تسود مصر حالياً إثر وعكة الرئيس الصحية، فإن استمرار تدفق الاستثمار الأجنبي، وإن كان بمعدل أبطأ بالمقارنة بفترة ما قبل الأزمة المالية العالمية، يشير إلى أن غالبية المستثمرين يتفقون مع المحللين السياسيين على أن المخاوف من وقوع اضطرابات بسبب الخلافة.. محدودة.

وأوضح ولفرام لاتشر رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحليل المخاطر quot;أن التوقعات واضحة بشكل معقول على الأقل في المدى القصير إلى المتوسط، وأن احتمالات حدوث انتقال مستقر للسلطة في مناخ مستقر للأعمال خلال هذا الانتقال جيدةquot;.

رغبة المستثمرين بخلافة جمال
يتولى حلفاء جمال مبارك في الحكومة الوزارات الاقتصادية الرئيسة، وهم المسؤولون عن إجراءات تحرير الاقتصاد التي رحب بها المسؤولون التنفيذيون. وقال عبد المجيد من مينا كابيتال quot;أعتقد أن مجتمع الأعمال سيرحّب بخلافة جمال مبارك لوالدهquot;.

وذكر مسؤول تنفيذي كبير في واحدة من أكبر 30 شركة مدرجة في البورصة لرويترز، مؤكداً وجهة النظر هذه أنه يساند جمال مبارك - وهو مسؤول سابق في بنك استثمار - ليصبح رئيساً للجمهورية في المستقبل. وهناك مسؤولون تنفيذيون في شركات أخرى رائدة أعضاء في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. لكن المحللين يشككون في ما إذا كان جمال يستطيع حشد تأييد واسع النطاق في دولة، يعيش خمس سكانها البالغ عددهم 78 مليون نسمة، بأقل من دولار في اليوم. ويفتقر جمال كذلك للخلفية العسكرية.

وأشار عبد المجيد إلى أن quot;هناك الملايين من فقراء المصريين، الذين ربما يتبنون وجهة نظر مختلفة، لأن الفجوة بين الفقراء والأغنياء اتسعتquot;. ويقول بعض المصرفيين في بنوك استثمار إن نظاماً يتبنّى الديمقراطية، ويعطي صوتاً للفقراء، سيوفر استقراراً أكبر على المدى الطويل. وتنتقد جماعات حقوق الإنسان الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مصر، وتقول إنه يجري تزويرها.

لا دلائل على هروب الاسثمارات من مصر

يشار إلى أنه خلال الأزمة المالية العالمية في النصف الثاني من 2008 سحب مستثمرون أجانب بضعة مليارات من الدولارات من مصر، لتغطية مراكزهم في أسواقهم المحلية. غير أن البنك المركزي تمكّن من تغطية ذلك من خلال خفض الاحتياطيات.
لكن هذه الاحتياطيات عادت للارتفاع مرة أخرى، وتتجاوز حالياً 34 مليار دولار. ورغم عدم التيقن بشأن الخلافة، ليس هناك دلائل تذكر على تراجع مستثمرين عن استثماراتهم في مصر.

والبورصة أصغر من بعض البورصات في منطقة الخليج العربية، لكنها مفتوحة بالكامل أمام الأجانب، وتتسم بالسيولة. وتوفر مصر لأصحاب الاستثمارات المباشرة عمالة رخيصة، كما إنها قريبة من الأسواق الرئيسة، مثل أوروبا. وعوامل الجذب هذه من شأنها أن تضمن على الأرجح استمرار المستثمرين للأجل الطويل في التطلع إلى مصر، حتى إذا شهدت بعض الاضطرابات المؤقتة.

لكن المخاوف في الأجل القصير قد تؤثّر على سعر الجنيه المصري القابل للتحويل بشكل كامل. لكن المحللين يقولون إن احتياطيات البنك المركزي عند مستوى مريح يمكنها من الحد من أي اضطراب في السوق.

البورصة تتأثّر بالغموض حول صحة الرئيس
في المقابل، سجلت البورصة المصرية الاثنين هبوطاً هو الأكبر من نوعه منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، في مناخ اتسم، حسب محللين ماليين ومتعاملين، بتساؤلات حول صحة الرئيس حسني مبارك، الذي لم يظهر علناً منذ الجراحة التي أجريت له في السادس من الشهر الجاري في ألمانيا.

ورأى محلل مالي آخر، لا يريد كذلك الإفصاح عن هويته، أن quot;الانخفاض سيستمر، ما لم يظهر الرئيس على شاشة التلفزيونquot;، معبّراً بذلك عن وجهة نظر العديد من العاملين والمتعاملين في البورصة المصرية.

ولم يظهر الرئيس المصري علناً أو في التلفزيون منذ أن أجريت له الجراحة، كما لم تنشر له أي صورة في المستشفى. ولم يعلن كذلك عن موعد عودته المرتقب للقاهرة. وكتبت صحيفة الدستور المعارضة الاثنين في عنوانها الرئيس أن quot;مصر تنتظر صورة الرئيس مبارك من ألمانياquot; بعد عشرة أيام من إجرائه الجراحة.

فدفعت عمليات بيع مكثفة نفذها فئات من المستثمرين العرب والمصريين مؤشرات البورصة المصرية إلى مواصلة موجة تراجعها لليوم الثالث على التوالي، ليخسر المؤشر الرئيس أكثر من 3.8 % لدى إقفال تعاملات اليوم، وزاد من هذا التراجع الغموض والتساؤلات التي تتعلق بصحة الرئيس المصري حسني مبارك، وتأثّرها بالأداء السلبي لمعظم البورصات العالمية.

وانخفض مؤشر البورصة الرئيس quot;إيجي إكس 30quot;، الذي يقيس أداء أنشط 30 شركة متداولة في السوق بنسبة 3.84 %، مسجلاً 6353.14 نقطة، كما تراجع بشدة مؤشر quot;إيجي إكس 70quot;، الذي يقيس أداء الأسهم الصغيرة والمتوسطة، ليخسر 6.4 %، مسجلاً 647.85 نقطة، وامتدت الانخفاضات إلى مؤشر quot;إيجي إكس 100quot; الأوسع نطاقاً، الذي فقد 5.19 %، ليغلق عند مستوى 1056.09 نقطة، بقيمة تداولات تجاوزت 1.3 مليار جنيه.