في كل يوم تزداد قضية المرأة في السعودية جدلاً وإثارة، وتزداد الأصوات المنادية بحقوقها العملية قبل كل شيء ارتفاعاً وشدة عن الأيام التي قبلها، فما إن ظهرت زوجة وزير العمل الجديد بتصريحها الجريء، إلا وتصدرت صفحات وعناوين الصحف المحلية كأهم من تصريح أي مسؤول آخر.

الرياض: أصبح محور عمل المرأة في السعودية الأكثر جدلاً وإثارة من بين الموضوعات التي يتم طرحها في مختلف الصحف ووسائل الإعلام، ودائماً ما تتم مناقشته في مجلس الشورى، وتظهر النتائج، ثم تتوقف القرارات عن العمل والتنفيذ في ما بعد، وعمل المرأة في محال الملابس النسائية خير دليل على ذلك. ولم تؤت الجهود المبذولة من وزارة العمل السابقة ثمارها حتى الآن في مساعدة المرأة السعودية في التغلب على نسبة البطالة المرتفعة، وتلك الأرقام المخيفة إلى حد كبير، فالحلول ربما تكون عديدة، ولكن إمكانية تطبيقها ربما أصعب.

تشير تقارير مؤسة النقد الأخيرة إلى أن عدد الإناث السعوديات في المملكة بلغ 9 ملايين نسمة بنسبة نمو سنوية 36 % تقريباً، تمثل نحو نصف سكان المملكة السعوديين، ويبلغ عدد الإناث اللاتي تبلغ أعمارهن من 14 سنة إلى 39 سنة حوالي 4 ملايين أنثى، وهن من نستطيع أن نصنفهن بالقادرات على العمل. وتشير الإحصائيات أيضاً أن عدد السعوديات العاطلات عن العمل حوالي 177 ألف امرأة، بنسبة 25 %من إجمالي قوة العمل النسائية في المملكة، 77 % منهن يحملون الشهادة الجامعية، إضافة إلى أن عدد السعوديات العاملات في القطاع الخاص 51 ألف امرأة فقط.

إذا نظرنا إلى الأرقام السابقة نجد أننا بحاجة إلى خطة عمل محكمة لتعديل هذه الأرقام أو تقليصها إن صح التعبير، لما لها من أضرار اجتماعية واقتصادية كبيرة جداً، ستنعكس سلباً على العائلة وعلى المجتمع كحد سواء. وجاء القرار بإيقاف تنفيذ قرار وزارة العمل بتوظيف النساء في محلال الملابس النسائية الذي تعتبر محاسنه أكبر من مساوئه بمراحل عديدة، فعطفاً على مراعاة خصوصية المرأة في اختيار حاجياتها، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى تقليل معدلات البطالة النسائية، إلا أن إيقافه كان سلبياً جداً، ويعمل في الاتجاه المعاكس للأهداف السابقة.

وفي الأيام الماضية، أثار قرار شركة صافولا السعودية بالسماح بالفتيات السعوديات بالعمل كمحاسبات في العزيزية بنده بدءاً من محافظة جدة حفيظة الكثيرين ممن لم يقرأوا الأرقام السابقة، وإن قرأوها فبدون تمعن، فتعالت الأصوات، وبدأت الشعارات المنادية بالطريقة المعتادة (حيلة الضعفاء)، وهي المقاطعة الشعبية، وبغض النظر عن الجهة التي تقوم بالتوظيف، ولكن إذا نظرنا للموضوع بشكل منطقي، فإنه لا يوجد مبرر لهذا الاستياء من قبل البعض، فإلى متى تبقى هؤلاء العاطلات عن العمل في بيوتهن، ولا يستفدن مما درسن في الجامعات والمعاهد، في انتظار الزوج المناسب الذي لم يأت إلى الآن، فأصبحت نسبة البطالة والعنوسة وجهين لعملة واحدة.

قبل أشهر عدة، التقت quot;إيلافquot; بأحد أعضاء مجلس الشورى، وبادرت بسؤاله حول التناقض الكبير بين معدلات النمو المرتفعة في الاقتصاد السعودي والمؤشرات الاقتصادية المزدهرة داخل المملكة، ومعدلات البطالة المرتفعة، وكيف يتم حل تلك الإشكالية، فرد قائلاً quot;إن المشكلة ليست اقتصادية، وإنما اجتماعيةquot;، فمتى أصبح المجتمع قابلاً لعمل المرأة في مجالات أخرى غير التعليم والصحة، فإن هذه النسب ستتعدل، وتنعكس إيجاباً، ولا يأتي ذلك إلا بالتدرج والتمرحل. فالهدف الأسمى هو المشاركة في تنمية الاقتصاد الوطني وتحسين القوى العاملة، وتقليل معدلات البطالة والاستفادة من العلم والخبرات المكتسبة، وليس العائد المادي هو كل شيء، وإلا لكان صرف رواتب للعاطلين هو الحل الأنجع، دون اللجوء إلى مسألة التوظيف والتدرج الوظيفي وتنمية القوى العاملة في المملكة.