يعتبر الخبراء السويسريين ولادة اليورو مشروعاً سياسياً واقتصادياً، معاً. أما عمليات المد والجزر التي ترمي باليورو من شاطيء الى آخر فهي بدورها مضاربات سياسية واقتصادية لا تبشر بالخير أبداً.


برن: ولادة اليورو، وفق الخبراء، كانت تفعيل لاستراتيجية أوروبية ابتكرها وزير الخارجية الفرنسي السابق quot;روبير شومانquot; الذي طالما سعى الى تخليق الاتحاد الأوروبي للكربون والفولاذ quot;سيكاquot; (CECA). على مر السنين، تعرض مشروعه لعدة تغييرات آلت الى ولادة الاتحاد الأوروبي، اليوم.

في الحقيقة، فان فكرة تأسيس الاتحاد الأوروبي، التي تعود الى عام 1950، كان هدفها، أيضاً، بناء محرك انتاجي ضخم مفتوح أمام مشاركة جميع الدول، الأوروبية وغير. في المقابل، كان من المقرر أن تستفيد الدول المشاركة من سلة متكاملة من العوامل، الضرورية لانتاج صناعي سليم، بشروط متساوية بين الجميع تمهيداً لتوحيد اقتصادياتها بأسرع ما يمكن. اذن، يمكننا القول ان ولادة اليورو مصدرها فرنسي وليس ألماني، كما يسود الاعتقاد للآن. كما أن الخطوات الرامية الى توحيد دول الاتحاد، اقتصادياً، كانت مزدوجة الوظائف. من جهة، كان ينبغي على الدول الأعضاء تعزيز الانتاج، اقتصادياً. أما من جهة ثانية، فان التوحيد الاقتصادي كان ينبغي استكماله بوحدة سياسية، من الصعب تحقيقها راهناً.

في سياق متصل، تشير المحللة الاقتصادية فرانشيسكا نوفايرا الى أن قدرة اليورو على تجاوز عدد من الفحوص، الضرورية لضمان مستقبله، غير محسومة ايجابياً. فالعديد من الاقتصاديات الأوروبية تحتاج الى أخصائيين في التنجيم لمعرفة ما هي حقيقة صحتها، اليوم. علاوة على ذلك، تتوقف هذه الخبيرة للاشارة الى أن تقلص فرص العمل في أوروبا اضافة الى معاناتها من غياب عملية توحيدها، ضريبياً، قد تمثل ضربة قاضية لليورو. ما يعني أن فرص بقائه quot;طيباًquot; أقل من 50 في المئة!

في ما يتعلق بالمرحلة التي تلي احتمال موت اليورو، لا تستبعد الخبيرة نوفايرا أن تتحول منطقة اليورو الى كانتونات اقتصادية مشابهة لما هو واقع في سويسرا. أما بخصوص تحركات المصارف الأوروبية، المركزية وغير، فانها تحاول الابتعاد عن خوض المخاطر الكبرى. وتترجم هذه الخبيرة آلية التملص من المسؤوليات هذه بأنها بداية العودة الى عصر ما قبل اليورو من دون الحاق صدمة فورية ومؤلمة لدى الشعوب الأوروبية التي ما زالت تحلم بعملة أوروبية موحدة!