طلال سلامة من برن: ربما يستعد اليونانيون والإيطاليون للرجوع إلى عملتهم القديمة، أي الدراخما والليرة الإيطالية قريباً جداً. ومع أن السياسيين والاقتصاديين يعارضون هذه الفكرة، تتجه شعوب أوروبا، بدءاً من قسمها الجنوبي، إلى استرجاع عملتها القديمة مهما كان الثمن.

في الماضي مثلاً شهد التاريخ الاقتصادي أحداثاً درامية مماثلة. فالعملة الأميركية الموحدة أثناء الحرب الأهلية في عام 1861 لم تدم حياتها طويلاً. كما إن العملة الموحدة، التي جمعت هنغاريا والنمسا تحت سقف واحد، في عام 1919، لم تبصر النور إلا فترة قصيرة.

بعدها، عمل البلدان على إعادة طبع العملة القديمة. مع ذلك، فإن المراقبة على هجرة رؤوس الأموال تم تشديدها، فضلاً عن التدقيق في هوية المسافرين. آنذاك نجح جزء من المستثمرين في تهريب أمواله الى الخارج، بهدف بيع أكبر قدر من العملة الوطنية وشراء عملة أخرى، فاخرة ودولية.

نظرياً، يمكن لحكومتي روما وأثينا الرجوع إلى الوراء. بيد أن سيئات التخلص من اليورو لها تفرعان اثنان. فكل الحسابات المصرفية، وعددها الكلي بالملايين، سيتم تجميدها لتحويلها من اليورو إلى الدراخما أو الليرة الإيطالية وفق أسعار صرف تقررها الحكومات.

في ما يتعلق بالعملاء فإنهم سيهرولون إلى مصارفهم، لدى اشتمام رائحة موت اليورو في بلادهم لسحب أموالهم باليورو قبل فوات الأوان، والهرب بها إلى الخارج، قبل أن تكبدهم أسعار الصرف خسائر جنونية. فقيمة الليرة الإيطالية أو الدراخما ستنهار 40 % على الأقل أمام اليورو، مقارنة بالأسعار الرسمية التي أعطيت لهما قبل مباشرة التداول باليورو في عام 2002.

في سياق متصل، يشير الخبير أليكساندر بوسلر لصحيفة quot;ايلافquot; إلى أن حسنات التخلص من اليورو تعادل السيئات. فصادرات الدول، التي ستعود إلى عملتها القديمة، ستنتعش بفضل أسعار الصرف في الأسواق الدولية. وهذه نقطة إيجابية لن تتبلور بسرعة. أما بالنسبة إلى المصارف، فينبغي إعادة رسمتلها على الأثر، وإلا فهي ستواجه الإفلاس الحتمي لكونها غير قادرة على تحويل ديونها مع الخارج باليورو إلى العملة القديمة. كما إن الدراخما اليونانية طالما اعتبرها المحللون غراباً مخيفاً لأوروبا.

علاوة على ذلك، ينوه هذا الخبير بأن التخلّص من اليورو سيكون قرارًا تراجيديًا في العامين الأولين. إذ ينبغي إعادة برمجة كل الأنسجة المالية والاقتصادية، حتى الكمبيوترات وآلات توزيع المشروبات الغازية والسجائر.