يرجح اقتصاديون أن يضرّ قرار جامعة الدول العربية القاضي بتجميد عضوية سوريا باقتصاد البلاد، ما قد يشكل خطراً على بقاء الأسد، الذي لا يمكن أن يستمر نظامه صامدًا أكثر من 8 أشهر. ويؤثر فرض عقوبات اقتصادية بحق دمشق على اتخاذ التدابير اللازمة لبقاء الوضع الاقتصادي في البلاد ثابتًا إلى حد ما.


الوضع الاقتصادي في سوريا على المحك

لميس فرحات: يبقى الخطر الأكبر في أن تفقد سوريا الدعم الإقليمي، الذي يمثل ضربة نفسية مهمة للنظام، مما يخفض مؤشرات بقاء الأسد في السلطة. كما إن فرض عقوبات اقتصادية على سوريا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على اتخاذ التدابير اللازمة لبقاء الوضع الاقتصادي في البلاد ثابتًا إلى حد ما.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن محللين اليوم قولهم إن قرار الدول العربية المفاجئ بالتحول ضد الرئيس السوري بشار الأسد سيزيد الأضرار على الاقتصاد السوري، في الوقت الذي يعاني فيه أضرارًا كبيرة بسبب الانتفاضة الشعبية المتواصلة منذ ثمانية أشهر.

وتشكل الخسارة الإقليمية للحدود مع سوريا ضربة نفسية قوية للنظام، الذي كان يتفاخر يومًا ما بأنه رائد القومية العربية. وجاءت تصريحات الملك الأردني عبد الله الثاني، الذي دعا بشار الأسد إلى التنحّي، لتدلّ بشكل واضحة على الوضع المأساوي للرئيس السوري.

وأشارت الصحيفة إلى أنه يمكن أن يكون لهذه العقوبات تأثير أكثر عمقاً وإلحاحاً من تعليق العضوية وخسارة الدعم السياسي، في الوقت الذي يستبعد فيه التدخل العسكري، بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي أن العقوبات ستشمل أكثر من 18 فرداً مرتبطين بنظام الأسد، وحرمانهم من الوصول إلى بنك الاستثمار الأوروبي.

وقال أيهم كامل محلل في شؤون الشرق الأوسط من مجموعة quot;أوراسياquot; إن quot;الاقتصاد هو نقطة انطلاق لكثير من القضايا على مستوى العالم، ومن الصعب قياس مدى الضرر الذي تعرّض له المسؤولون السوريون، بعد فرض العقوبات عليهم، لكن لا يمكن الاستهانة بخطورة الوضعquot;.

وذكّرت الـ quot;واشنطن بوستquot; بتصريح لوزير الإقتصاد السوري محمد نضال الشعار في مؤتمر خلال الشهر الماضي، حيث أشار إلى أن الإقتصاد السوري في quot;حالة طوارئquot;، إضافة إلى مقابلة مع حاكم مصرف سوريا المركزي، أديب مياله، الذي وصف الوضع بأنه quot;خطر جدًاquot; وأن سوريا تواجه مشاكل اقتصادية.

وأضاف أديب أن نسبة البطالة في ارتفاع، وأن إيرادات الحكومة انخفضت بشكل كبير، ولا يوجد أي نشاط اقتصادي، وبالتالي لا يستطيع الناس دفع الضرائب، لأنهم لا يعملون، لذلك تواجه البنوك أزمة صعبة، وهذا كله يؤدي إلى إضعاف الاقتصاد.

وأشارت التقارير إلى انخفاض بنسبة 40 % فى الأعمال التجارية، ووقف الإنفاق على البنود الأساسية، إضافة إلى أن السياحة انخفضت إلى حد التوقف، وهو ما يمثل خسارة 2 مليار دولار شهرياً. ونقلت الصحيفة عن راتب الشلاح، رجل أعمال بارز في دمشق، قوله quot;إن النظام بكامله قد تقلّص، وهذه العقوبات تهدف إلى الضغط على النظام، وبالتأكيد فإنها تؤثر علينا بشكل كبيرquot;.

حتى الآن، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان عقوبات على سوريا، مع اتخاذ تدابير محدودة نسبياً، استهدفت في معظمها الأفراد والخدمات المالية. ويعتبر المقياس الأكثر خطورة، هو فرض الحظر على مشتريات النفط الأوروبية في آب/ أغسطس، والذي سيدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، لأن إيطاليا تسعى إلى ضمان احترام العقود الحالية.

لكن تجربة الحظر النفطي تعتبر الأصعب لدى سوريا، التي تواجه أزمة ثقة، حيث يشكل النفط أحد الصادرات الرئيسة في سوريا. وأشارت الـ quot;واشنطن بوستquot; إلى أن القيود المفروضة على الخدمات المالية والأفراد لها تأثير ضار حتى على جوانب الاقتصاد، التي ليس لها علاقة مباشرة، عن طريق إقناع المستثمرين والشركات بعدم التعامل مع سوريا.

وأردفت الصحيفة بالقول إنه يمكن لسوريا الاعتماد على اثنتين من الدول المجاورة، التي تشترك معها في حدود طويلة وسهلة الاختراق، وهما دولة لبنان، واحدة من اثنيتن فقط من الدول التى صوّتت ضد قرارات الجامعة العربية في إلقاء اللوم على سوريا، والعراق الذي امتنع عن التصويت.

وظل العراق يسعى إلى تعزيز العلاقات التجارية مع سوريا في المنطقة، والتي انخفضت في الآونة الأخيرة، بسبب التأثير غير المباشر للعقوبات.

وقال نائب وزير الاقتصاد السوري خالد محمود سلوطة quot;إن الشركات التي تتعامل مع تجاريين عبر الحدود في أوروبا، اضطرت للحد من معاملاتها، مما يقلل من قيمة الصادرات السورية إلى العراق بنسبة 10 %quot;، مؤكداً أن الاقتصاد لن ينهار بين عشية وضحاها، quot;لكن بالتأكيد ستسير سوريا على طريق محفوف بالمخاطرquot;.