العاصمة التونسية |
هناك قلق من إحتمالات تأثير أزمة الديون الأوروبية على الإقتصاد التونسي، وذلك لإرتباطها التجاري مع أوروبا، ورغم تأكيد مسؤولين أوروبيين أن الأزمة لن تطال تونس وأن الإتحاد الأوروبي ماض في تنفيذ تعهداته تجاهها، حذر مدير مرصد التجارة الخارجية التونسي من انعكاسات الأزمة المستقبلية على الإقتصاد.
تونس: تضاربت التصريحات بين المسؤولين في تونس وأوروبا حول مدى تأثير الأزمة الأوروبية على الإقتصاد التونسي، فالسفير رئيس البعثة الأوروبية في تونس اندريانوس كوتسنروجير قال إنّ الأزمة الأوروبية لن تؤثر بأي شكل من الأشكالفي تعهدات الاتحاد الأوروبي تجاه تونس، بينما يرى لطفي خذير مدير مرصد التجارة الخارجية في وزارة التجارة والسياحة التونسية أن الأزمة الاقتصادية الأوروبية لها تداعيات وإنعكاسات مستقبلية وإن لم تؤثر سلباًفي الاقتصاد التونسي بعد، وبالتالي لا بد لنا من الحذر و التيقظ.
وقد كان الإتحاد الأوروبي رفع من الدعم المخصص لتونس حيث خصص مساعدة مالية قيمتها 400 مليون يورو إلى جانب قرض يبلغ 3 مليارات يورو للفترة من العام الحالي إلى العام 2013.
سفير الإتحاد الأوروبي أوضح أنه يتوقع بلوغ المساعدات الإضافية للفترة 2011-2013، نحو 140 مليون يورو تضاف إلى ميزانية تونس والتي تبلغ 257 مليون يورو.
من جانبه قال السفير رئيس البعثة الأوروبية في تونس اندريانوس كوتسنروجير في حديث لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إن الإتحاد الأوروبي متمسك بالوعود التي قطعها لتونس في إطار برنامج يمتد حتى العام 2013.
وأضاف أنّ الإتحاد الأوروبي عقد العزم على العمل مع الحكومة الجديدة التي جاءت بها الإنتخابات الأخيرة، مؤكداً المضي في دعم تونس من خلال رسم سياسات اقتصادية عادلة حتى تكون قادرة على تحقيق تطلعات الشعب من خلال توفير فرص العمل والعدالة في توزيع الثروات.
سفير الإتحاد الأوروبي بيّن كذلك أنّ المصلحة مشتركة بين الإتحاد وتونس في اعتماد مقاربة جديدة مع دول الجوار وذلك من أجل تمكين دول المنطقة من الحصول على دعم أوروبي في شتى المجالات.
من جانبه حذر البنك المركزي التونسي من تداعيات أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو وتأثيراتها السلبية على المعاملات الاقتصادية مع تونس وأكد أن هناك تواصلا للضغوط على النشاط الاقتصادي وذلك بسبب تباطؤ النمو وتباطؤ الصادرات وانخفاض العائدات السياحية واستمرار تقلص الاستثمار الداخلي والأجنبي المباشر.
وأدى هذا الوضع إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري ليبلغ 5.7٪ من الناتج المجلي الإجمالي في شهر أكتوبر من العام الحالي ، وبالتالي تواصل انخفاض مستوى الاحتياطي من العملة حيث تراجع إلى 10.551 ملايين دينار.
من جهة ثانية، فإن شركاء تونس في أوروبا شهدت إقتصاداتهم إنكماشاً واضحاً حسب التقديرات، ففي فرنسا (1.6%) و في ايطاليا (0.5%) و اسبانيا (0.7%) و لم يستثن من هذه الوضعية غير ألمانيا التي حققت نسبة نمو بلغت 2.9%.
لطفي خدير |
لطفي خذير تحدث عن الأزمة الأوروبية و انعكاساتها على الإقتصاد التونسي مبيّنا أنّ :quot; تونس وفي ظروف استثنائية حققت نسبة نمو في الصادرات بلغت 8.8% و زيادة في الواردات بنسبة 6.1% وهو ما يجعل نسبة التغطية تصل إلى 75.1% وقد كانت في حدود 73.3% في الفترةنفسها من السنة الماضية 2010.
وأضاف خذير في حديث لـquot;إيلافquot; أنّ الصادرات التونسية كانت في الستة أشهر الأولى قد حققت نموا بنسبة 13.8% و لكن في نهاية شهر أكتوبر الماضي تقلصت لتصبح في حدود 8.8% ، هذا التباطؤ أكده البنك المركزي وهذا التراجع في النمو نتج من تراجع صادرات الفسفاط ومشتقاته في العشرة أشهر الأخيرة بنسبة 34.8% وكان في نهاية الستة أشهر الأولى متراجعاً بنسبة 17.6%، وكذلك بالنسبة إلى الصناعات المختلفة التي تضم المواد الإنشائية تقلصت فيها نسبة النمو بنحو 7.5% بينما كان التراجع في حدود 3.6% فقط، كما أنّ نسبة نمو الصادرات في قطاع الطاقة كانت في حدود 11.5% فتراجعت لتصبح في حدود 8.8% وهذه القطاعات تمثل 27% من إجمالي الصادرات التي شهدت تراجعا.
أما القطاعات التصديرية الأخرى والمرتبطة أساسا بالإتحاد الأوروبي ومنها قطاع الميكانيك والكهرباء فقد تقلصت هي الأخرى من 22.3% في نهاية الستة أشهر الأولى من العام الجاري ليبلغ 17.5% في نهاية شهر أكتوبر الماضي، بسبب تراجع عامل الأسعار أما عامل الحجم فقد تراجع بنسبة (ناقص 4.5%) وكذلك كان بسبب تراجع إنتاج السيارات في أوروبا وبالتالي فإن نسبة 17.5% تعتبر جيدة عموما قياسا بما يحدث في أوروبا.
أما بالنسبة لقطاع النسيج و الجلد فقد بلغت نسبة نموه 7.5% وهي أساسا متأتية من عامل الحجم وهو ما يؤكد النشاط في هذا القطاع.
مدير مرصد التجارة الخارجية في وزارة التجارة و السياحة أوضح أنّ هذه النتائج إجمالا و منها القطاعات الموجهة للتصدير نحو الإتحاد الأوروبي تعتبر جيدة اعتبارا إلى أن التراجع في قطاع الميكانيك والكهرباء قد شهد خلال السنة الماضية 2010 تراجعا كذلك، ويعود ذلك إلى تقلص انتاج السيارات في الدول الأوروبية، كما أن عامل الحجم في قطاع النسيج و الجلد حقق نموا ايجابيا وهو ما يؤكد وجود نشاط.
بالتالي على تونس أن تكون جاهزة لمختلف السيناريوهات نظراًَ لإمكانية توسع أزمة الديون في أوروبا وهناك العديد من الآليات المتوفرة ومنها توظيف عامل القرب وخاصة في أفريقيا التي يبلغ عدد سكانها المليار نسمة والتي تستأثر على 2% من إجمالي الصادرات وبالتالي تعتبر سوقاً واعدة ولها إستراتيجية واضحة.
ويضيف لطفي خذير لـquot;إيلافquot; أنه quot;لم يكن النشاط في قطاع الفسفاط جيدا نظراً إلى الإضرابات و الإعتصامات، وكذلك المواد الإنشائية على غرار الإسمنت حيث سيدخل مصنعان جديدان للإسمنت وحصتها 8% إلى جانب الفسفاط و حصته 5% و كذلك الطاقة إلى جانب الإكتشافات وهذا ما يجعل على الأقل ثلث الصادرات خلال السنة القادمة 2012 في حالة جيدة، وهو ما سيرفع من نسبة نمو الصادرات بكل تأكيد.
كما أكد خذير ضرورة تفعيل اتفاقيات التبادل الحر مع الإتحاد الأوروبي والرابطة الأوروبية للتبادل الحر وبعض البلدان العربية.
أما بالنسبة إلى الزراعة والصناعات الغذائية لا بد من تدعيم التواجد في الأسواق التقليدية والعمل على تنويع الأسواق.
وأكد لطفي خذيرضرورة الحذر والتيقظ قائلا إن: quot;أزمة الديون في أوروبا لم تبلغ دولاً أوروبية عديدة وقد تتوسع شيئا فشيئا ولكن تأثيراتها العميقة لم تصل بعد إلى تونس و هو ما يجعلنا بالضرورة حذرين ومتيقظين وجاهزين لكل الإحتمالات لمواجهة أي طارئquot;.
التعليقات