بيروت: اتخذت المصارف اللبنانية تدابير مشددة تماشيًا مع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، تتضمن رقابة صارمة على معاملات الزبائن السوريين وحذرًا كبيرًا في التعامل مع السوريين الراغبين في فتح حسابات جديدة، بحسب ما أفاد مسؤولون مصرفيون الخميس وكالة فرانس برس.

وقال مسؤول في أحد أكبر مصارف لبنان، رافضًا الكشف عن هويته، quot;إن المصارف اتخذت تدابير احتياطية مشددة في ما يتعلق بالأشخاص او المؤسسات التي طالتها العقوبات حتى تتجنب مفاجآت غير سارةquot;.

واضاف quot;المصارف حذرة جًدا في التعامل مع الموضوع السوري، ولا أحد يريد أن يعرّض نفسه لضغط أو لخضّة. إنها تهرّب من هذا الموضوع كما من مرض معد، لأن الأميركيين يدققون كثيرًا في هذه المسألةquot;.

واشار الى ان المصارف تدقق بحذر بكل المعاملات، التي يقوم بها زبائن سوريون يملكون حسابات منذ ما قبل الأزمة، وكذلك في طلبات فتح حسابات جديدة، رفض العديد منها خلال الفترة الأخيرة.

وكان مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر زار لبنان قبل أسابيع، وحذر خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين من quot;محاولات سورية محتملة للتهرّب من العقوبات المالية المفروضة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةquot; عبر القطاع المالي في لبنان. ودعا لبنان الى اتخاذ الخطوات الضرورية لضمان quot;قطاع مالي شفاف ومنظمquot;.

وفرضت جامعة الدول العربية اخيرًا عقوبات على سوريا، تتضمن وقف التعامل مع المصرف المركزي السوري، وكل تعامل تجاري ومالي مع الحكومة السورية. واعلن وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني نقولا نحاس أن لبنان quot;ملتزم بتنفيذ العقوبات العربيةquot;.

وقالت مسؤولة في مصرف آخر رفضت بدورها الكشف عن اسمها نظرًا إلى حساسية المسألة، إن quot;كل الحسابات التي يملكها سوريون في لبنان هي تحت المراقبةquot;، مشيرة إلى أن المصارف لا تريد أن تعرّض نفسها لعقوبات محتملة في حال خرقت الحظر المفروض على سوريا.

واوضحت ان المصارف quot;ترفض إجراء أي تحويلات بالدولار من حسابات سوريين، وأن بعض المبادلات المالية تحتاج موافقة خاصة من الادارةquot;. ويعتبر القطاع المصرفي اللبناني متينًا، ولديه أرباح ثابتة منذ سنوات رغم الأزمات السياسية والتردي الاقتصادي في البلاد.

ودفعت العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا في الصيف الماضي، دمشق الى وقف التعامل بالدولار الأميركي، كما ساهمت العقوبات الأوروبية المتعلقة بوقف استيراد النفط السوري في تقليص السيولة بالعملات الأجنبية في سوريا.

واشار المسؤولان المصرفيان الى انه، على الرغم من السرية المصرفية في لبنان، فهناك مؤشرات عديدة تدل على أن عددًا كبيرًا من السوريين سحبوا أموالاً من مصارف سورية، بعدما طالت الحركة الاحتجاجية التي تواجه بقمع تسبب حتى الآن بمقتل أكثر من 3500 شخص، وأودعوها في لبنان.

وبحسب ارقام صادرة من جمعية المصارف في لبنان، فإن أموالاً كثيرة خرجت من لبنان في كانون الثاني/يناير، بلغت قيمتها 1.1 مليار دولار، يرجّح أن سبب هروبها الأزمة الحكومية التي كانت قائمة في حينه.

في المقابل، وبعد بدء الانتفاضة الشعبية في سوريا في آذار/مارس، دخل 1.34 مليار دولار الى المصارف اللبنانية، وفي نيسان/ابريل فقط دخل 1.8 مليار دولار. ويقول احد المسؤولين المصرفيين quot;هناك اقتناع تام في لبنان بأن هذا المال معظمه سوريquot;.