أكد الرئيس الأول للإستشارات في بنك دبي الوطني أن شهية المستثمرين مفتوحة على شراء أسهم الأسواق الناشئة والسلع الأساسية.


دبي: قال الرئيس الأول للإستشارات في بنك دبي الوطني غاري دوغان: أثناء الكشف عن توقعاتنا للسنة المقبلة بحضور جمع من المستثمرين الأسبوع الماضي، تبين أن شهية المستثمرين مفتوحة على شراء أسهم الأسواق الناشئة والسلع الأساسية، ولكن حركة شراء الأسهم المحلية شهدت انخفاضاً ناجماً في اعتقادنا عن استمرار الأوضاع المضطربة في مصر. كما انقسمت الآراء حول وضع الدولار، ولكن نظرتنا إزاءه تبقى أكثر إيجابية. ولغاية الأسبوع الماضي، كان من المفاجئ هبوط الدولار إلى ذلك الحد، وخاصة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني. وبالنظر إلى الأنباء القادمة إلى الولايات المتحدة، سنجد أن توقعات الاقتصاد الأمريكي تبقى أقوى بكثير من منطقة اليورو أو المملكة المتحدة. وقد ألمح quot;البنك المركزي الأوروبيquot; الأسبوع الماضي إلى أنه ليس في عجلة من أمره لرفع أسعار الفائدة، مما وضع اليورو تحت تأثير ضغوط البيع وعزز موقف الدولار.

وفيما نحافظ على نظرتنا المتفائلة حيال أسهم الأسواق المتقدمة التي ستشهد مكاسب كبيرة ومؤكدة، فإننا نرى ذلك بمثابة ظاهرة قصيرة المدى وليس توجهاً قوياً. كما تتواصل الشكوك حول مدى استمرارية النمو الاقتصادي؛ فالاقتصاد الأمريكي يستمر في تأكيد صحة جميع المظاهر والفرضيات التي انطوت عليها الأشهر الأخيرة، والمتمثلة في المستوى الجيد لثقة المؤشر الصناعي بالتزامن مع ضعف النمو في فرص العمل. وقد فاقت نتائج المسوح الاستقصائية لمؤشر القطاع الصناعي الأمريكي (ISM) للثقة الصناعية توقعاتنا إلى حد كبير، مؤكدة أن قطاع الشركات لا يزال في وضع جيد. وفي حين سجل المسح الرئيسي لمؤشر الصناعات التحويلية أعلى مستوى للثقة منذ عام 2004، إلا أن الأرقام لا تشير إلى أي تحسن يذكر في عدد الوظائف الجديدة رغم الثقة الواضحة بقطاع الشركات.

وفيما أظهرت بيانات الوظائف الأخيرة انخفاض معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 9%، نزولاً من 9.4%؛ إلا أن هذا الانخفاض أسفر فقط عن زيادة متواضعة في عدد الوظائف الجديدة، حيث لم تتجاوز هذه الزيادة 36 ألف فرصة عمل. وربما يلعب الطقس دوره أيضاً في كبح نمو الوظائف، ولكن توجه التوظيف الحالي ليس في مصلحة السوق، لاسيما أن نسبة العاملين إلى إجمالي عدد السكان لا تزال عند مستويات أكتوبر 2009.

ونواصل إبداء بعض التحفظات حيال توقعاتنا قريبة المدى في ما يخص أسهم الأسواق الناشئة، التي تميل إلى التراجع في الأداء أو حتى تعريض المستثمرين لخسائر مالية عند دخول مرحلة من ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية عموماً. ولغاية الآن، لم تتعجل البلدان الناشئة رفع أسعار الفائدة، حيث فضلت البنوك المركزية في العديد من الدول فعل أي شيء بخلاف رفع أسعار الفائدة. كما قامت الصين بزيادة متطلبات الاحتياطيات النقدية مما أجبر البنوك على الاحتفاظ بالأصول ذات العائد المنخفض بدلاً من اللجوء إلى الإقراض. وأفضت موجة التباطؤ المسجلة في البنوك المركزية ضمن كثير من البلدان إلى هبوط الأسعار الحقيقية للفائدة إثر تخفيف السياسة النقدية، وقد تضطر البنوك المركزية على التصرف على نحو أكثر حزماً بسبب استمرار التضخم.

من جهة ثانية، لا نزال نرى أن الاضطرابات المصرية الحالية في سياق مشكلة عالمية ناجمة في المقام الأول عن تراجع خطير للعدالة في توزيع الثروات. ولعل شراء الذهب هو الطريقة الوحيدة للتحوط ضد المخاطر الجيوسياسية. كما نؤكد مجدداً بأن الصحافة الغربية تتسرع في حكمها حين تؤكد أن موجة الاضطرابات الأخيرة مقتصرة فقط على منطقة الشرق الأوسط؛ إذ تشير المعطيات إلى وجود مشاكل مشابهة في أنحاء أخرى من العالم، وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المثير للاهتمام حرص القادة الماليين المشاركين في quot;منتدى دافوس الاقتصاديquot; على الاستفاضة في مناقشة مسألة انعدام الكفاءة في توزيع الثروة مع بعض المحللين والمستثمرين الدوليين البارزين مثل جورج سوروس، الذي تطرّق لأبرز المخاطر الناجمة عن هذه المشكلة.

وفي حين تواجه مصر مشكلاتها حالياً، فإن دولاً عديدة لاسيما في الغرب، ستواجه هذه المشكلات نفسها عاجلاً أم آجلاً خلال السنوات المقبلة للمحافظة على الاستقرار الاجتماعي. وفي سياق متصل، سلّط رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الضوء على المظاهرات الطلابية العنيفة في المملكة المتحدة، وهي ظاهرةً لم تشهدها المملكة منذ ستينيات القرن الماضي، موضحاً أن أحد الأسباب الكامنة وراء هذه الأعمال هو حالة السخط السائدة في عموم المملكة جراء تقليص الحكومة للإنفاق على الخدمات العامة، فيما ينزع القطاع المالي للعودة إلى منح مكافآت كبيرة للقلة الثرية. وقد تفكر الحكومة البريطانية مجدداً في رفع ضريبة الدخل على الرواتب المرتفعة، مما سيؤدي لإرهاق كاهل القطاع المالي بمزيد من الرسوم الإضافية.

وقد سجلت أسهم شركات الطاقة والمواد أداءً جيداً خلال الأسبوع الماضي، بينما قادت أسهم السلع الأساسية صعود السوق. وجاءت شركات التقنية مباشرة وراء أسهم شركات النفط والمواد، بزيادة متواضعة خلال الأسبوع. ونعتقد أن تداول أسهم شركات التقنية يجري بأقل من قيمتها الحقيقية، وكنا ننتظر الحافز الناجم عن رفع توقعات أرباح الشركات قبل أن نبدي اهتماماً خاصاً بهذا القطاع. وتتوقع السوق نمو الأرباح بنحو 18% خلال عام 2011، وستكون نوعية النمو المتوقع لشركات التقنية أفضل من بقية السوق عموماً، لاسيما وأن هذا القطاع يعتمد بدرجة أقل على زيادة هوامش ربح الشركات.

وارتفعت أسعار السلع بواقع 2% تزامناً مع ارتفاع خام برنت فوق 102 دولار أمريكي للبرميل. كما واصلت أسعار المنتجات الزراعية صعودها بسبب تأثير سوء الظروف المناخية الأخيرة في الولايات المتحدة وأستراليا، مما عزز مخاوف حدوث نقص في المعروض. ومن هنا، فإننا نوصي المستثمرين بضرورة الانكشاف على المنتجات المالية المرتبطة بأسعار المنتجات الزراعية، مثل quot;صناديق المؤشرات المتداولةquot;.

وتكمن المعضلة الحقيقية التي تربك أذهان المستثمرين حالياً في ما إذا كان عليهم الإقبال على أسواق السندات الحكومية الأوروبية والأمريكية؛ لا سيما وأن عوائد السندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بقيت عند نسبة 3.35% خلال شهري ديسمبر ويناير، ولكنها عادت لترتفع إلى 3.65% خلال الأيام العشرة الماضية. وقد بدأ ارتفاع العوائد وهبوط الأسعار يثير اهتمامنا لأسباب عدة: أولاً، نفضل شراء الأصول عندما تهبط الأسعار؛ وثانياً قد تضعف الأسس التي تقوم عليها فرضية ارتفاع العوائد، والمتمثلة في زيادة التضخم والنمو القوي، كلما تقدم العام الحالي أكثر نحو نهايته؛ وثالثاً حتى لو بقي النمو قوياً فقد يبدأ مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى الحديث على الأقل عن تشديد محتمل للسياسية النقدية، مما سيفضي إلى هبوط العوائد على سندات الخزانة طويلة الأجل. ونحن واثقون بأن العديد من المستثمرين يترقبون بلوغ العائد مستواه السحري عند 4% قبل الشراء، لذلك، تجدر مراقبة السوق للشراء ربما عندما تتجاوز العوائد عتبة 3.58%.