تفيد مؤشرات أنّ حجم الإنفاق على عيد الحب في الجزائر يبدو محدوداً هذا العام، ومتراجعاً نسبياً قياسًا إلى ما شهدته البلاد في سنوات سابقة. ويشير متابعون تحدثوا لـquot;إيلافquot; أنّه فضلاً عن الوضع الاجتماعي المزري والعديد من الاعتبارات المتداخلة التي لا تحفزّ المحبين على رصد قسط كبير من المال لإحياء المناسبة، تسبب تزامن الفالنتاين مع الاحتفالات بذكرىالمولد النبوي الشريف، في تحجيم حدة الإنفاق المحدود أصلاً.


الجزائر: خلافاً لما تشهده أسواق خارجية من انتعاشات بمناسبة حلول عيد الحب، لا يبدو الواقع كذلك في الجزائر. وعلى منوال السنوات المنقضية، لاحظت quot;إيلافquot;خلال جولة قادتا إلى عدد من محال المرطبات، وكذا أسواق الهدايا والمطاعم في العاصمة وضواحيها، انتفاء شبه كامل لمظاهر الاحتفال بالفالنتاين.

يؤكّد عادل، وكريم ووليد، وهمأصحاب مطاعم وصالونات شاي في ضواحي بابا حسن، والقبة واسطاوالي، أنّهم لا يتوقعون إقبالاً كثيفًا من المحتفلين بالفالنتاين هذا الاثنين، تمامًا مثل نجم الدين، ومشعل وسمير، وهم ملاّك محال لطهي الكعك والحلوى في أحياء باش جراح، والمرادية والدرارية.

هؤلاء يبرزون افتقاد أبناء البلد تقاليد خاصة بهذه المناسبة الحديثة الظهور في الجزائر، ولا تزال مقصورة على تنظيم حفلات غداء أو عشاء في أوساط الميسورين، بمعزل عن أي حركية اقتصادية اجتماعية ذات بال.

في المقابل، يبدي عبد الحق صاحب محل للهدايا، ومحمد، وعماد، وفريد ومالك الذين يمتلكون محال لبيع الورود، تفاؤلاً بجني بعض المكسب، مشيرين إلى تلقيهم طلبات كثيرة لبيع أصناف من الشوكولاتة الفاخرة، فضلاً عن عطور ودببة وتشكيلات من الزهور، يُنتظر أن تتكاثر في الـ24 التي تستبق الموعد، رغم جزمهم بأنّ عيد الحب أبعد من أن يكون مربحًا لهم في مجتمع محلي ينبذ quot;الفالنتاينquot;، ويعتبر طقوس الرابع عشر من شباط/فبراير quot;شاذةquot; وquot;دخيلةquot;.

كمايلفت فاروق عيادي إلىأنّ الظرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحساس الذي تجتازه الجزائر حاليًا، وما يغلفه من هدوء حذر وحالة من الغليان المؤجلّ، إلى جانب معاناة ثلث الشباب من بطالة مقنّعة، فيما يشكو غالبية موظفي القطاع العام من رواتب هزيلة، عوامل لا تترك المجال البتة لمواطنيه كي يستشعروا بالاسترخاء، فكيف بهم الجنوح إلى الاحتفال بعيد الحب، الذي يعتبر بأعينهم ترفًا من اختصاص الأثرياء دون سواهم، خصوصًا مع المغالاة التي تشهدها محال الورود والصالونات والمطاعم في المناسبة.

من جهته يربط أنيس بن مختار هزال الإنفاق على عيد الحب في بلاده، بخلفية اجتماعية اقتصادية، فهناك quot;طابوquot; التقاليد السائدة بقوة، إضافة إلى حالة العوز التي تحاصر الشباب، خصوصًا فئة الطلبة وكذا حزب العاطلين، وحتى الموظفين لا يمكنهم الإنفاق بكثرة،خاصة أنّ الفالنتاين أتى مع آخر عناقيد الراتب الذي صار ينفذ قبل منتصف الشهر بفعل موجة الغلاء.

في جامعة الجزائر، وكذا سوق quot;رضا حوحوquot; وميدان الشهداء، لم يبد كثير ممن استجوبناهم مبالاة بالفالنتاين، حيث أكد حسين أنّه سيهدي حبيبته برتقالة، فيما أشار نبيل إلى أنّ ظروفه الكارثية لن تسمح له بدعوة خطيبته إلى حفل غداء، وسيكتفي بعلبة شوكولاتة من النوع الجيد، بينما بدا جيلالي وعباس أفضل حالاً، بتأكيدهما على نيتهما لتقديم هديتين قيمتين إلى رفيقتي دربهما، مع اعترافهما بأنّ ذلك حال المهووسين فقط.

على النسق عينه، تصرّح ميساء، وعبلة وزفيرة أنّهنّ يفضلن احتفالاً رمزيًا كتلقيهنّ ورودًا حمراء وكلمات رقيقة بالمناسبة على سبيل تجديد عهد الحب، بدلاًمنالإسراف في الإنفاق، ما سيمزّق الجيوب أكثر، على حد تعبير ميساء، ويعلّق رضا الطالب في كلية العلوم الاقتصادية أنّ فكرة الاحتفال بعيد الحب تغدو عبثية في بلد يعاني مواطنوه ألوانًا من المعاناة ومآزق معيشة ضحلة وفجّة.

من جانبه، يقحم جمال بوجملين معطى مهمًا يطبع فالنتاين هذا العام، من حيث حلولهوهو الاحتفال بذكرى المولد النبوي، والمعروف عن الجزائريين إنفاقهم بسخاء على لوازم ليلة المولد من مآكل ومفرقعات وحلوى، ما أسهم في تحجيم الإنفاق على عيد الحب، خصوصًا مع إفراط الشباب في شراء ألوان وأصناف من المفرقعات وما يتصل بها من ألعاب نارية متنوعة، وهي مقتنيات تبتلع مليارات الدنانير كل سنة.

إلى ذلك،يؤيد السعيد وردان نظرة بوجملين بقوله إنّ عرّابي السوق السوداء تمامًا مثل التجار الرسميين، يمنحون الأولوية لأغراض ليلة المولد التي تلقى انتشارًا هائلاً ورواجًا منقطع النظير، ما يسيل لعاب عموم الباعة، لا سيما المناسباتيين، لما يدره عليهم بيع المفرقعات من عائدات طائلة، تفوق تلك التي يمكن أن يتم جنيها جراء بيع علب الشوكولاطة وتوابعها، احتكامًا للهوس المحلي الغريب بعالم الألعاب النارية التي تكتسح الأسواق لكونها الدجاجة التي تبيض ذهبًا، على حد وصف مراجع محلية.