أظهر تقرير للبنك الأهلي التجاري تزايدت عقود الإنشاءات التي تم ترسيتها في السعودية خلال العام 2010، حيث بلغت قيمتها 107 مليار ريال.


الرياض: ما شهدناه خلال عدة سنوات ماضية من توجه في تزايد ترسية العقود في قطاع الإنشاء فإنه قد تواصل خلال عام 2010. كان المحرك للعديد من المشاريع العملاقة هو التزام الحكومة ومبادرات القطاع الخاص لتطوير البنيات التحتية الأساسية والإجتماعية بالمملكة. ومن هنا، بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها في عام 2010 نحو 107 مليار ريال.

وتوفرت معظم قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها في قطاعات تتسم بالإنفاق المكثف، مثل قطاع الطاقة، والمياه، والعقارات السكنية. وقد شكل قطاع الطاقة منفرداً 37% من قيمة كل العقود التي تمت ترسيتها (الرسم البياني رقم 1). وإستناداً على بيانات الثلاثة أعوام الماضية، فمن المألوف أن ترتفع قيمة العقود التي تتم ترسيتها خلال النصف الثاني من العام، ولم يكن عام 2010 إستثناء لهذه القاعدة؛ فقد شهد النصف الثاني من العام حوالي 70% من قيمة العقود التي تمت ترسيتها.

ونظراً لأن معظم العقود التي تمت ترسيتها أبرمت في النصف الثاني من عام 2010، فإن مؤشر عقود الإنشاء ndash; الذي تباطأ خلال النصف الأول من العام ndash; قفز بمعدل 101 نقطة ليبلغ 180.2 نقطة فيما بين الربعين الأول والرابع من عام 2010. وبلغ المؤشر أعلى نقطة له خلال العام في الربع الرابع حينما سجل 196.9 نقطة في شهر نوفمبر. وفي حين أن مؤشر عقود الإنشاء أنهى عام 2010 في مستوى أدنى عنه في عام 2009 حينما سجل 259.4 نقطة، إلا أنه أنهى عام 2010 أعلى بعشر نقاط عن مستواه في عام 2008. وكما أشرنا في التقارير السابقة، كان عام 2009 عاماً استثنائياً من حيث العقود التي تمت ترسيتها. ويعود ذلك أساساً إلى قيمة العقود العالية التي تمت ترسيتها في قطاعي الطاقة والبتروكيماويات. وعلى الرغم من ذلك، فإن عام 2010 مثّل عاماً مميزاً لقطاع الإنشاء، حيث أن القطاعات المرتبطة بالقطاع مثل الطرق والمياه، شكلت قيمة أعلى من العقود التي تمت ترسيتها مقارنة بالعامين السابقين.

أكتوبر

بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها في شهر أكتوبر 13.3 مليار ريال. وشكل قطاعي الصناعة والعقار السكني حوالي 46% و 40% على التوالي من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها. وتمت ترسية عقد في القطاع الصناعي من قبل مجموعة الراجحي لشركة اس تي اكس للصناعات الثقيلة من كوريا الجنوبية لإنشاء مصنع بولي سيلكون وأيضاً مصنع بنـزين بتكلفة 4.1 مليار ريال, ووفقاً للاتفاقية، ستنجز الشركة الكورية إنشاء المصنعين في منطقة ينبع الصناعية في عام 2014. وتضمن القطاع الصناعي عقداً ثانياً بمبلغ 1.5 مليار ريال، تمت ترسيته من قبل شركة الخفجي للعمليات المشتركة (وهي مشروع كويتي سعودي مشترك) لشركة تيكنيب الفرنسية. ويقتضي العقد من شركة تيكنيب تولي كافة العمليات الهندسية، والمشتروات، والتصنيع، والتركيب، والتكليف بالأعمال، والتشغيل الأولي لحفارتان للتنقيب البحري، ومنصتان للتوزيع الكهربائي، وكابل كهربائي رئيسي غاطس.

وأرست شركة بن لادن السعودية عقداً كبيراً بمبلغ 5.0 مليار ريال على شركة عربتيك السعودية في قطاع العقار السكني. ويقتضي العقد إنشاء 5,000 فيلا جديدة في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية. وشركة عربتيك السعودية هي شركة تابعة لشركة عربتيك القابضة التي مقرها دبي بالإمارات العربية المتحدة، ومن المرتقب أن تقوم الشركة بتجهيز الموقع وإنشاء الفلل على مدى 48 شهراً.

وتضمن قطاع التعليم ترسية عقد من جانب وزارة التعليم العالي لعدد من شركات المقاولات المحلية بمبلغ 790 مليون ريال، وذلك لإنشاء وحدات سكنية لهيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز بجدة.

نوفمبر

تراجعت قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال شهر نوفمبر مقارنة مع شهر أكتوبر. بيد أن شهر نوفمبر شهد إبرام العديد من العقود في قطاع الطرق بين وزارة النقل والعديد من شركات المقاولات المحلية، بلغت قيمتها الإجمالية 2.2 مليار ريال. وتغطي العقود التي أبرمت في هذا القطاع مناطق مختلفة بالمملكة. وتتضمن الأشغال التي تقتضيها العقود توسعة شبكات طرق، وإنشاء كباري على بعض الطرق،وصيانة شوارع وطرق سريعة.

وحاز قطاع الكهرباء على ثاني أعلى قيمة إجمالية للعقود بلغت 1.8 مليار ريال. وأرست شركة الكهرباء السعودية عقداً لشركة بيمكو العربية للمقاولات لإنشاء المرحلة الثالثة من محطة كهرباء القصيم بمبلغ 1.4 مليار ريال، والتي يتوقع أن تضيف 560 ميجاواط للطاقة المنتجة بالمحطة.

وضمن القطاع الصناعي، تمت ترسية عقد لمنجم نحاس من قبل شركة بريق للتعدين إلى شركة اس ان سي لافالين الكندية بمبلغ 1.1 مليار ريال. وستتولى شركة اس ان سي العمليات الهندسية، والمشتروات، وإدارة عمليات الإنشاء في مشروع بريق للتعدين بجبل صايد في حائل. وتشمل الأعمال التي يقتضيها العقد تجهيزات لطحن ونقل المواد الخام، ومرافق للتخزين وتجهيزات للتركيز ومستودعات ومرافق تحميل؛ إضافة إلى البنية التحتية للمنجم وتشمل تجهيزات الكهرباء والمياه وتصريف النفايات. ومن المتوقع إكمال المشروع خلال النصف الأول من عام 2012.

ديسمبر

شكل قطاع العقار السكني المتعدد الاستخدامات والقطاع الصناعي 73% من القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها خلال شهر ديسمبر والتي بلغت 8.7 مليار ريال. وكان أكبر عقد في قطاع العقار السكني متعدد الاستخدامات ذلك الذي قامت بترسيته شركة تطوير جبل عمر إلى شركة نسمة وشركائها للإنشاء للبدء في جزء من المرحلة الأولى من مشروع تطوير جبل عمر في مكة المكرمة. وستتم أعمال الإنشاء في الجزء من المشروع المتاخم لشارع إبراهيم الخليل. ويتوقع أن تنجز شركة نسمة وشركائها هذا الجزء من المرحلة الأولى خلال 24 شهراً من البدء فيه. ومن المقرر أن يضم مشروع تطوير جبل عمر 37 برج بمساحة مباني كلية تبلغ 2 مليون متر مربع، بينما تغطي المساحة الكلية للمشروع 230 ألف متر مربع.

وفي القطاع الصناعي، تمت ترسية عقد بمبلغ 3.0 مليار ريال من جانب شركة البتروكيماويات السعودية الدولية لشركة جي اس الهندسية والإنشائية من كوريا الجنوبية لتتولى مسؤولية العمليات الهندسية والتصميمية وعمليات التدبير والإنشاء لمصنع شركة البتروكيماويات السعودية الدولية(سبكيم) لإنتاج أسيتات فينيل الإيثلين بالجبيل. وينتظر أن تكون القدرة الإنتاجية للمصنع 200 ألف طن في السنة من أسيتات فينيل الإيثلين عند إكتماله في الربع الثاني من عام 2013. ويعتبر المشروع جزء من المرحلة الثالثة من توسعة التجهيزات الحالية لشركة سبكيم والتي رصدت لها 15 مليار ريال.

ومن العقود الكبيرة الأخرى التي تمت ترسيتها عقد تم إبرامه في قطاع النقل، حيث أرست المؤسسة العامة للخطوط الحديدية عقداً بقيمة 379 مليون ريال لشركة سعودي آرشيرودون، يُسند بموجبه إليها مهمة تشييد خط سكك حديدية مزدوج وسريع بين الرياض والدمام. ومن المنتظر أن يكتمل إنشاء الخط في منتصف عام 2012، وسيوفر خدمات نقل الركاب والبضائع بين المدينتين. وهذا العقد هو واحد من بين العديد من المشاريع التي تشكل الخطة الشاملة للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية التي تعتزم تنفيذها بالمملكة حتى عام 2040.

الآفـاق المسـتقبلية

إن مبادرات المملكة العربية السعودية لتوسيع نطاق التنمية المستدامة بها بالتركيز على الإنفاق الرأسمالي قد أتاحت إمكانيات الإزدهار لقطاع الإنشاء. ونتوقع أن يواصل قطاع الإنشاء توجهه الحالي المتميز بقوة النمو. كما أن مخصصات خطة التنمية الخمسية التاسعة (2010 ndash; 2014) للنفقات الحكومية الرأسمالية، والتي قدرت بنحو 1.44 تريليون ريال من شأنها أن تفسح المجال لقدر كبير من نشاطات الإنشاء، لتتواصل خلال المديين المتوسط والبعيد. إضافة إلى ذلك، كررت ميزانية المملكة لعام 2011 الإلتزام بتعزيز مشاريع البنية التحتية والعناية الصحية والتنمية الإجتماعية والاقتصادية. وكما أشرنا في تقريرنا السابق الخاص بميزانية عام 2011، نتوقع أن تبلغ الإيرادات الحكومية 753 مليار ريال والنفقات 677 مليار ريال، محققة فائضاً بمقدار 77 مليار ريال.

ونتوقع أن يشهد عام 2011 نفس النسب التي سجلت في عام 2010 في توزيع ترسية العقود بين القطاعات المختلفة، حيث ستستمر القطاعات التي تتسم بإنفاق مكثف، مثل قطاعات الكهرباء والمياه والبتروكيماويات، في استيعاب جزء كبير من قيمة العقود التي تتم ترسيتها. غير أن الإنفاق الحكومي المقرر لقطاع التعليم بمبلغ 150 مليار ريال سيتيح إنشاء مدارس وجامعات وتجهيزات تعليمية ذات صلة. علاوة على ذلك، فإن الإنفاق الحكومي المخصص بمبلغ 68.7 مليار ريال لقطاع الصحة والشؤون الإجتماعية سيوفر أعمال إنشائية تتمثل في مستشفيات ومراكز اجتماعية ومكاتب رعاية جديدة.