تعبيرًا عن رفضها غلاء الأسعار وتنديدها بجشع التجار، نظمت فعاليات جزائرية،أمس الخميس، حركة إحتجاجية سلمية quot;يوم بلا شراءquot; في كامل أرجاء البلاد. وفي جولة ميدانية قادت مندوب quot;إيلافquot;، كان التجاوب واضحًا مع المبادرة التي طرحت إمكانية إنشاء تنظيم جديد لحماية المستهلك، في ظلّ الغياب الغير مفهوم للجمعيات القائمة على الورق، ومحدودية الإجراءات الحكومية المتخذة لكبح الغلاء.
الجزائر: على منوال مبادرة شهدتها الجزائر في السابع نيسان/أبريل 2010، كان الموعد هذه المرة مع حملة quot;يوم بلا شراءquot;، وحضّ منظمو هذه الومضة الاحتجاجية التي رفعت شعار quot;لا نأكل غير السكر والزيتquot;، على الامتناع عن شراء كل أنواع الخضروات والفواكه، إضافة إلى زيت الزيتون، الحلويات بكل أنواعها، المشروبات الغازية والعصائر، مسحوق الحليب، المأكولات المعلبة بما فيها التونة، البقوليات الجافة، والقهوة، فضلاً عن اللحوم بأنواعها، واستثنت الحملة المواد الصيدلانية والمأكولات.
وبشأن مدى قدرة مثل هكذا تظاهرات على تغيير المشهد الراهن، يبدي quot;زبير فاضلquot; عرّاب الحملة، تفاؤلاً بإحداث الوثبة المرجوة، معتبرًا أنّ الهدف يتعدّ تنظيم يوم احتجاجي سنوي، ويتصور أنّ التجاوب الكبير الذي أبداه إعلاميون، أساتذة، أطباء وسائر الموظفين مع الحملة، من شأنه الدفع في الفترة المقبلة لإنشاء تنظيم قوي يُعنى بالدفاع الفعّال عن المستهلكين. وجرى تبرير المقاطعة بلهيب الأسعار الذي لا يزال يطال المواد المذكورة منذ فترة ليست بالقصيرة، إذ يُباع الكيلوغرام الواحد من البطاطا بخمسين دينارًا (0.80 دولار)، فيما لم ينزل قرع الكوسة تحت الـ80 دينارًا تمامًا مثل البازلاء والطماطم، والبصل بأربعين دينارًا ، أما الفواكه بما فيها الموسمية كالبرتقال والتفاح فحدّث ولا حرج.
وعلى الرّغم من تخفيضات قدّرت بـ41 في المئة من سعر الكُلفة العام، لا تزال أسعار الزيت والسكر عالية (90 دينارًا) للكيلوغرام بالنسبة إلى السكر و(600 دينار) لدلو
وفضلاً عن محذور الأسعار، يعدّد مستهلكون غاضبون محاذير متصلة بعدم احترام قطاع من التجار لقواعد النظافة وعدم إشهار الأسعار وتسويق مواد غير صالحة للاستهلاك وهلّم جرا، ما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية فرق الرقابة وقمع الغش التي لطالما تفاخرت بها وزارة التجارة الجزائرية.
وتبقى هذه الجمعيات لغزًا محيّرًا، حيث يرى quot;سيد أحمد قطوشquot; أنّ لا وجود لها في الميدان، ويظهر جليًا أنّ الأحداث تجاوزت هذه الجمعيات في ظلّ ضمور تعاطيها مع قضايا جودة السلع الاستهلاكية ومنطقية أسعارها ومساعدة المستهلكين على اختيار ما يناسبهم، بجانب حتمية تمكينهم من حقهم في التغذية وسائر الخدمات اللازمة، لا سيما بعد الكشف عن معاناة 85 في المئة من الجزائريين من سوء التغذية نتيجة تدهور قدرتهم الشرائية بنسبة تفوق 55 في المئة خلال الـ20 سنة الفارطة.
ولا ينظر كثير من الجزائريين بعين الرضا إلى أداء جمعيات حماية المستهلك المتكاثرة في البلاد، ويبدي السكان المحليون اشمئزازهم من خوضهم المنفرد لـ(حروب) الحليب والدقيق والقمح اللين والسكر والزيت والبطاطا، ووصول قطاع منهم إلى حد تناول (لحوم الحمير) في غياب تام لتلك الجمعيات، في وقت تتذرع الأخيرة بانعكاسات حرمانها من الاعتماد القانوني، ما أثر سلبًا بحسبها على حركيتها وهامش مناورتها.
ويتقاطع تصريح مبتول مع أكثرية الجزائريين الذين لا يفهمون كيف تعيش بلادهم السيناريوهات نفسها منذ سنوات عديدة، على الرغم من كل ما تتغنى به السلطات والإعلام الحكومي من مخططات ومنجزات وترسانة قانونية، وهو تباهٍ يحرص مسؤولين حكوميين على اجتراره بمناسبة أو بغيرها.
ويذهب مراقبون إلى أنّ ما سُمي quot;نجاحquot; الحكومة الجزائرية في امتصاص ثورة مواطنيها قبل ثلاثة أشهر على لهيب الأسعار، ظرفي وقد يعقبه احتقان أخطر في ظلّ ارتضاء السلطات حقنا مهدئة وحلولا ترقيعية، بدل اعتماد خطة شاملة بعيدة الرؤيا، وكسر الاحتكار المهيمن في وسط موسوم بهشاشة توازنه التجاري، ما يعرّض المستهلكين خصوصًا الموظفين المحدودي الدخل إلى مزيد من quot;شدّ الحزامquot; على الصعيد المعيشي.
التعليقات