أصدرت الجزائر، اليوم الخميس، ورقة نقدية جديدة من قيمة 2000 دينار، في خطوة من السلطات لإنهاء أزمة السيولة النقدية المحتدمة في البلاد، بيد أنّ الجدل يشتد بشأن مدى جدوى الإجراء. وفي تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، يستبسل فريق من المسؤولين في اعتبار العملية حاسمة، بينما يحذر فريق من المتخصصين والمتابعين من إفراز القرار لخطر التضخم وسقوطها في فخ رد فعل يصفونه بـquot;الارتجاليquot; لامتصاص غضب الشارع.


الجزائر: يعتبر محمد لكساسي محافظ بنك الجزائر المركزي، أنّ الورقة النقدية الجديدة ستسمح بدعم الأوراق النقدية في الجزائر وإنهاء أزمة السيولة النقدية، رافضًا التعليق على معارضي الخطوة، ووصفهم لها بالسطحية مقارنة بعمق المشكلة. ويلفت لكساسي إلى أنّ الإصدار النقدي الجديد سيثري مجموعة الأوراق النقدية في الجزائر، بحيث ستنتقل بذلك إلى خمس فئات من الأوراق (100، 200، 500، 1000، و2000 دينار).

ويشير لكساسي أيضًا إلى إسهام ورقة الألفي دينار في تحديث الأوراق النقدية المحلية، في إقرار منه بمشروعية الانتقادات التي طالب أصحابها بسحب الأوراق النقدية القديمة، بحكم إصدارها قبل نحو عشريتين. بدوره، يثمّن موسى بن حمادي وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، إصدار الورقة النقدية الجديدة، ويراها أداة فعالة لمواجهة ظاهرة النقص في السيولة على مستوى مكاتب البريد.

وإذ يسوّغ بن حمادي إصدار الورقة المذكورة بحتمية تلبية طلبات مواطنيه للاستفادة من رواتبهم في مراكز البريد والبنوك، وما لذلك من تبعات سلبية على التضخم، فإنّ الوزير يرفض تحميل الحكومة مسؤولية ندرة السيولة.

ويشرح بن حمادي أنّ الزيادات الأخيرة في أجور موظفي أسلاك الوظيف العمومي وعمليات الاسترجاع المكثفة للرواتب، إضافة إلى بحث الموظفين عن سحب نقودهم بالكامل من حساباتهم، هي المتسببة بوضع أفرز احتقانًا كبيرًا في الشارع المحلي، ولا سيما بين الفئات المعوزة التي تنتظر بفارغ الصبر رواتبها الزهيدة ومعاشاتها بالنسبة إلى المتقاعدين.

على طرف نقيض، يركّز فريق مضاد يمثله الخبير الاقتصادي أنيس نواري على أنّ السؤال الملّح يكمن في ما إذا كان إصدار أوراق من فئة 2000 دينار، له آثار تضخمية خطرة. ويبدي نواري شكوكًا تجاه تفكير السلطات بتمعنّ في خطوة كهذه، لأنّ إصدار المزيد من الأوراق المالية يتم بناء على أسس معينة، والضخّ (الاندفاعي) لقدر إضافي من الأموال دون مقابل، ستكون له انعكاسات غير محمودة.

من جهتهما، يستهجن كل من عز الدين رقيقي ومحمد الأمين فكايري تعامي الحكومة عن حتمية طبع أوراق نقدية جديدة، وتفضيلها حلا quot;ترقيعيًاquot; بحسبهما، لن يعالج فعليًا معضلة السيولة التي يعانيها الجزائريون، إضافة إلى ما تسببه الأوراق النقدية الممزقة والبالية الأكثر تداولاً، ومصدرها البنوك ومراكز البريد.

إلى ذلك، يُرجع نواري أزمة السيولة في عمقها، إلى رغبة السلطات في شراء السلم الاجتماعي بأي ثمن، وهو ما جعلها تجنح إلى الاستنجاد بما كان مدخّرًا في الخزانة العامة لتسديد الزيادات في الرواتب والمنح بغرض إسكات غضب الشارع، إلاّ أنّ قرارًا كهذا أنتج تبعات عكسية وآثاره ظهرت من خلال السيولة، التي جعلت الجزائريين يعانون الأمرّين في تسديد ثمن الخدمات والمشتريات.

وارتفع معدل التضخم في الجزائر خلال العام الأخير إلى 5.7 % في نهاية العام الجاري، وهي نسبة أرجعها الوزير الأول أحمد أويحيى إلى المضاربة في المواد الاستهلاكية، نافيًا أن تكون لها صلة بحركية الاقتصاد، بيد أنّ سمير عودية ينفي صحة ذلك، ويشير إلى صدق توقعات بعثة صندوق النقد الدولي، التي زارت الجزائر في أواسط السنة الماضية، وحذرت سلطاتها من كون quot;توسيعها الموازنةquot; سيعرض البلد إلى خطر تفاقم التضخم، في وقت تتباهى الحكومة الجزائرية بتحكمها في التوجهات الاقتصادية والمالية العامة في البلاد.