في واحدة من أكبر خططها لإنتاج الطاقة الحيوية عن طريق الوقود والماء، تتأهب الجزائر لتحويل الهيدروجين تبعا لكونه أداة فعالة لتخزين مختلف المصادر الطاقوية المتجددة. ويبدي خبراء سألتهم quot;إيلافquot;، تفاؤلا بانعكاس استغلال الهيدروجين إيجابا على النسيج الصناعي المحلي لبلوغ نسبة إدماج تربو بأكثر من 80 بالمائة العام 2030 مقارنة بالراهن.


الجزائر: يقوم برنامج إنتاج الطاقة الحيوية عن طريق الوقود والماء الممتد إلى العشرين سنة القادمة، على استخراج الثروة الهيدروجينية وتوجيهها لسائر الاستخدامات لا سيما الصناعية، ولأجل تجسيد التطلعات جرى رصد مخصصات تربو عن الأربعمائة مليار يورو وتجنيد ثلاثة آلاف باحث مع الاستعانة بدعم شركاء أوروبيين ويابانيين، إلاّ أنّ فريقا من المتخصصين يعتبرون القيمة المُشار إليها مبالغا فيها، حيث لا تتجاوز بنظرهم حدود مائة إلى 150 مليار يورو، على أن المرحلة الأولى (2011-2013) تجريبية.

أما المرحلة الثانية (2014-2015) فتقتصر على إنجاز مشاريع نموذجية، على أن تخصص المرحلة الثالثة (2016-2030) لتوسيع مشاريع الطاقة الهيدروجينية عبر مناطق البلاد. ويعتقد quot;خالد بوخليفةquot; المستشار في الطاقات الجديدة والمتجددة، أنّ استثمارا ضخما كهذا من المفروض أن يدرج التمويلات التي تخصصها السلطات، بالإضافة إلى تلك التي يجب أن تنجز في إطار الشراكات مع المتعاملين الخواص، وكذا الأجانب.

من جهته، يؤكد quot;إبراهيم بوزويةquot; مدير مركزتنمية التكنولوجيات المتقدمة، أنّ استخلاص الطاقة الهيدروجينية من حرارة الأرض الجوفية، هو استثمار واعد يسهم في دعم النمو وخلق فرص شغل، ويتيح أيضا تنفيذ تجارب عملية في قطاعات منتجة كالزراعة والصناعة والأشغال العامة، فضلا عن تشجيع البنوك على تقديم قروض طويلة الأمد للمستثمرين الشبان الراغبين بالخوض في تكنولوجيا الهيدروجين.

بهذا الصدد، يقدّر الباحث quot;بوزيان مهماهquot; المختص بطاقة الهيدروجين، أنّ المستوى العلمي العالي للكوادر الجزائرية، وكذا امتلاك البلد وعاء هائلا، يمكّنان من دفع توظيف هذه الطاقة المنسية.

ويوعز quot;عبد الله خلافquot; مدير بحث في مركز تطوير الطاقات المتجددة في الجزائر، أنّ الأخيرة بحاجة إلى إبرام شراكات حتى تتمكن من تجسيد مطامحها الهيدروجينية وتقديم بدائل لمختلف المشكلات الطاقوية محليا سواء في المدن والأرياف.ويلتقي quot;فوزي مسعودquot; وquot;محمد حموديquot; مع quot;معيوف بلهاملquot; مدير مركز تنمية الطاقات المتجددة في ضرورة تجهيز مخابر البحث الموجودة عبر الوطن بالتجهيزات اللازمة لتحقيق نتائج مجدية، فيما يركّز د/quot;مصطفى زروالquot; رئيس مخبر الفيزياء الطاقوية في جامعة باتنة (430 كلم شرقي الجزائر)، على صعوبة تخزين الطاقة الهيدروجينية بجانب كلفتها الاستثمارية العالية وخطورتها. بيد أنّ تقريرا حديثا لوزارة الطاقة الجزائرية ndash; تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه- يقلل أثر المحذور السالف الذكر، ويبشّر بمزايا استثمار الهيدروجين على صعيد تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد، بجانب تلبية حاجيات المناطق المعزولة من الطاقة.

وتعتزم الجهات الحكومية إطلاق عدة مشاريع تقدر طاقتها الاجمالية بثمانمائة ميغاواط في أفق 2020، كما سيتم انجاز مشاريع اخرى بطاقة تقدر بمائتي ميغاواط سنويا خلال الفترة ما بين 2021 و2030، عبر إنتاج بخار الماء للحصول على الطاقة الكهربائية، ويمكن للمحطات تلبية الطلب على الكهرباء نهارا أو ليلا بما أنها موصولة بوسائل تخزين حرارية أو طاقات اخرى مثل الغاز الطبيعي. وتذهب توقعات إلى حصد الجزائر أرباحا تربو على الثلاثة مليارات يورو سنويا، جراء خوضها في حقول الطاقات المتجددة، فضلا عما يتيحه تصنيع موارد غير قابلة للنفاذ من استحداث آلاف مناصب الشغل وتوفير طاقة نظيفة.

وأظهرت دراسة مؤخرا، أنّ الجزائر ستكون بحاجة إلى الانتقال من استهلاك 25 تيراواط في الساعة من الطاقة المتجددة إلى 74 تيراواط قبل انقضاء العشر سنوات المقبلة وهو ما يعادل مخزون عشرة حقول من البترول والغاز. بالمقابل، يجزم متخصصون بقدرة الجزائر على إنتاج 170 تيراواط في الساعة من الطاقة المتجددة، وهو ما يجعل من الجزائر أول دولة متوسطية من حيث إمكانيات إنتاج الطاقة البديلة، وهي تريد الاعتماد على الطاقة البديلة بشكل أكبر بحلول عام 2050 ، وتسعى إلى تصدير نحو 30% من هذه الطاقات إلى دول البحر المتوسط.

من جانبهم، يثمّن خبراء استغلال الهيدروجين بالجزائر كمحور طاقوي مستقبلي، ويعتبرون ذلك مقدمة لإعادة إنتاج الطاقة بصورتيها الحرارية والكهربائية عن طريق خلايا الوقود والماء.