يخشى مسؤولون أوروبيون أن تجر اليونان في حال إفلاسها، منطقة اليورو إلى الهاوية لكن تشكيل حكومة جديدة يمكن أن يسمح بتعزيز وحدة أوروبا كما يرى محللون.

مخاوف من عدوى أزمة اليونان

أثينا: السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو كيف يكون خفض الراتب التقاعدي المتواضع لمزارع يوناني امضى حياته في قطف الليمون في اخر بقعة في البيلوبونيز ذات طبيعة تؤدي الى انقاذ اليورو؟

ففي حين يخشى مسؤولون اوروبيون من quot;انتقال العدوىquot; الى منطقة اليورو في حال افلاس اليونان، فان تشكيل الحكومة اليونانية الجديدة أمس الجمعة قد يؤدي على العكس إلى تعزيز وحدة اوروبا ويكذب الاسواق، بحسب بعض المحللين.

وخطة التقشف التي تريد الحكومة اليونانية تمريرها من الان وحتى نهاية حزيران/يونيو، تتضمن من بين مواد اخرى، خفضا لنفقات صندوق التقاعد الزراعي، وكذلك فرض رسوم على ما يدل على ثروات تمثلها اليخوت واحواض السباحة، وهي طريقة للبدء بحلقة بناءة ذلك ان الادارة المتشددة التي يتعين على اليونان انتهاجها ستسمح لها بالحصول على الدفعة الخامسة من قرض ال110 مليارات يورو التي كان صندوق النقد الدولي ومنطقة اليورو قرر العام الماضي منحها للبلد، بالاضافة الى مساعدة مالية جديدة تتيح لها تجنب بلوغ مرحلة التخلف عن السداد.

وقد أعلن بلاتون مونوكروسوس الاقتصادي وكبير الباحثين في مركز الابحاث المالية في يوروبنك لوكالة فرانس برس quot;ان تبني وتطبيق خطة الموازنة المتعددة السنوات شرط ضروري لمواصلة المساعدة الدولية لليونان ولتجنب انتقال العدوى الى اوروباquot;، ويتعين بحث المبلغ ووسائل الرزمة الثانية من المساعدة التي قد تتراوح بين 60 الى 100 مليار يورو بحسب المصادر، اعتبارا من الاحد في لوكسمبورغ وبروكسل.

وسيكون التقارب الذي ظهر الجمعة ايضا بين مواقف الجهتين الرئيسيتين المانحتين، فرنسا والمانيا، اللتين كانتا مختلفتين حتى الان حول انخراط المصارف الخاصة في عملية السماعدة، بمثابة العنصر الذي سيسهل المحادثات.

وقد دعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل السبت في برلين الى تقديم مساعدة quot;كبيرةquot; للمصارف التي ستقدم قروضا لليونان لمساعدتها على حل ازمة مديونيتها العامة، كما نقلت عنها وكالة الانباء الالمانية، وقالت خلال مؤتمر لحزبها الاتحاد المسيحي الديموقراطي انه يجب خلال المفاوضات التي ستجري حول آلية مساعدة اليونان تقديم مساهمة quot;كبيرةquot; لدائني القطاع الخاص، وشددت المستشارة الالمانية امام حوالى 140 مندوبا لحزبها على الطابع quot;الطوعيquot; لمشاركة المصارف في اقراض اليونان، عملا بالاتفاق الذي تم التوصل اليه الجمعة بين باريس وبرلين.

من جهته، اقترح رئيس مجموعة يوروغروب جان كلود يونكر السبت ان تستفيد اليونان من دعم مالي اضافي من موازنة الاتحاد الاوروبي لمساعدتها على الخروج من ازمتها اضافة الى القروض التي تحصل عليها حاليا.

وفي الاجمال، فان الدولة اليونانية التي ترزح تحت ديون باهظة، تتوقع توفير 28 مليار يورو من الان وحتى 2015، وجني 50 مليارا اخرى عبر عمليات تخصيص لشركات حكومية او عبر تأجير اراض ذات اهمية سياحية ولفترات طويلة.

وجعلت الجهات المانحة لليونان من تبني هذه الخطة --مع اتفاق سياسي واضح-- شرطا واجبا لمنح رزمة المساعدات الثانية.

لكن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو الذي توصل الى اقناع اليونانيين، من دون صعوبات كبيرة، باول جرعة تقشف العام الماضي، فشل حتى الان في دفع هذه الخطة والاصلاحات. بما في ذلك داخل قاعدته النيابية بالذات كما دلت على ذلك التظاهرات الحاشدة في اليونان هذا الاسبوع على خلفية ازمة سياسية مفتوحة.

وأمس الجمعة، جاء تشكيل الحكومة الجديدة التي يمثل فيها وزير المال ايفانجيلوس فنيزيلوس وزنا ثقيلا بفضل تمتعه بثقة اوساط الاعمال اليونانية، فتح باب الامل على امكانية ان تهدأ الخصومات داخل الحزب الاشتراكي الحاكم (باسوك)، كما اعلن المحلل السياسي ايلياس نيكولاكوبولوس، وهو الامر الذي يفتح الطريق امام تصويت البرلمان على الثقة بالحكومة، كما طلب باباندريو، وكذلك امام تبني خطة التقشف الشهيرة المتعددة السنوات التي تصبح بذلك حجر الزاوية، على المدى القصير على الاقل، لمستقبل منطقة اليورو. ويتوقع ان يتم اقرارها في نهاية الشهر.

وتبقى علامتا استفهام حرجتين تتمثلان في عمر هذه الحكومة الجديدة اضافة الى الطريقة التي ستحكم بموجبها الاسواق على خطة المساعدة الثانية التي وضعهتها الجهات الدائنة لليونان، في حين ان وكالات التصنيف المالي لا تتوقف عن جر اليونان الى حالة التخلف عن السداد.

وتساءل الخبير السياسي جورج سيفيرتزيس quot;السؤال الذي يطرح نفسه هو معرفة ما اذا كانت هذه الحكومة ستصبح حكومة انتقالية مهمتها التحضير للانتخابات، او ما اذا كانت ستبقى المدة اللازمة لتطبيق خطة النهوض؟quot;، والنقطة الثانية المطلوب معرفتها ايضا هي ما اذا كان ارجاء الدائنين الخاصين في اليونان طوعا مواعيد سداد السندات التي يملكونها سيعتبر quot;حدثا ائتمانياquot; ام لا.

وفي القاموس اللغوي للاسواق، فانه في حالة quot;حدث ائتمانيquot;، يمكن للدائنين تفعيل التأمينات على القروض في حالات التخلف عن السداد، وبالتالي تبديل الديون ما يعني بعبارة اوضح افلاس اليونان.