اتفقت آراء خبراء الاقتصاد على أن محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك تحسن مستقبل الاستثمار في مصر سواء الاستثمارات الداخلية من قبل رجال الأعمال المصريين أو الاستثمارات الخارجية من قبل المستثمرين العرب والأجانب ، ويرى الخبراء أن ترسيخ مبادئ العدالة و سيادة القانون تهيئ مناخا ً لا مثيل له للاستثمار ، وأن عاملي الثقة والأمان أصبحا متوفرين بشدة بعد محاكمة رئيس الجمهورية في دولة كانت تعاني كبتا وقمع الحريات .


القاهرة: محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك تعد خطوة مهمة و غير مسبوقة وانتصارا تاريخيا للحرية وإرادة الشعب وقد انعكست هذه الخطوة على نظرة المستثمرين أو المقدمين على الاستثمار في مصر بشكل إيجابي فأصبحت تلك النظرة لا تحمل خوفا من المستقبل حيث إن مصر أصبحت دولة سيادة القانون وأن من يخطئ فيها سوف يلقى جزاءه حتى ولو كان أعلى سلطة في البلاد . الباحث الاقتصادي المصري سيد صادق أكد أنه هناك أكثر من 250 مستثمرا مصريا كانوا يخشون المغامرة بالاستثمار داخل مصر لأنهم يمتلكون خبرات في مجالات يتحكم فيها المقربون من القصر الرئاسي في مصر وان من يحاول في عصر مبارك أن يقترب من هذه المنطقة يلقى مصيرا سيئا لا تحمد عواقبه ولكن بعد محاكمة رأس النظام القديم أصبح الاستثمار في شتى المجالات مفتوحا أمام كبار وصغار المستثمرين و بدلا من توجيه أموال هؤلاء المصريين للاستثمار في الخارج فإن المناخ الاقتصادي والسياسي المصري أصبح ملائما لفتح المجالات الجديدة والمنافسات في المجالات القائمة وتحقيق خطوة في سد الفجوة التمويلية التي تعانيها السوق المصرية عن طريق ضخ هؤلاء لاستثماراتهم داخل مصر وجذب شركائهم في الخارج لمناخ استثماري جديد في مصر .


ويضيف أن سيادة القانون بعد مثول مبارك في قفص الاتهام يعطي الثقة لدى المستثمرين الأجانب أن الوضع السياسي في مصر أصبح أفضل حالاً من ذي قبل وأن مصر أصبحت بلدا يطبق الديمقراطية ويحاكم الظالم والمذنب مهما كان منصبه وفي بلد مثل هذا فإن المناخ السياسي لا مثيل له في العالم ، أما عن الظروف الاقتصادية فإن السوق المصرية تعد من الأسواق الأكثر جذبا في منطقة الشرق الأوسط وهي جاذبة للاستثمار في شتى المجالات. أما الدكتور عبد المنعم درويش الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في الجامعة الاميركية في القاهرة فيشير إلى أن مصر أصبحت مطلب أهل الاستثمارات من الأجانب بعد خطوة محاكمة مبارك لأن عنصر الأمان أصبح متوفرا و الارتباط القوي بين الاستقرار السياسي والاقتصادي أخذ خطوة مهمة للأمام بعد ان كانت المؤشرات تتراجع بعد ثورة يناير حيث إن حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي بعد الثورة وصل إلى 26 مليار دولار بعد أن تخطى 38 مليارا قبلها مباشرة وبعد التعافي من أزمة العالم الاقتصادية في 2008 -2009.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن تعافي الاقتصاد المصري مرهون بالضوابط الأمنية والسياسية في الفترة المقبلة حيث إنه في حالة الاستقرار سيتم مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية والإحتياطي النقدي الاجنبي في البنك المركزي حيث من المتوقع في هذه الحالة أن يتخطى 40 مليار دولار في غضون عامين و قال درويش إن الفترة القادمة تحتاج منا أن نستغل الظروف الجيدة والمؤشرات الإيجابية لنتائج ثورة يناير والعمل على تحقيق مشروعات التنمية في أسرع وقت حتى لا يداهمنا الوقت ونقع في مستنقع نقص التمويل ، ويجب أن نركز أيضا على المشروعات الصغيرة والمتوسطة ونجذب إليها صناديق الاستثمار العربي والأجنبي و خاصة أن التجربة القريبة أثبتت قدرة الاقتصاد المصري على العودة إلى المؤشرات المرتفعة والإيجابية في وقت قليل ولكن بشرط تحقيق الأمن والإستقرار السياسي والإجتماعي في البلاد.


ومن جانبه،أكد الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم ndash; رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق ndash; أن مصر قادرة على المضي قدما في مجال الاستثمار الداخلي والأجنبي المباشر وغير المباشر في ظل تغليب سيادة القانون وتحقيق العدالة لأنها تعد أرضية صلبة يستهدفها المستثمر المحلي والأجنبي ، ويرى أن محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك أكبر دليل أمام العالم أجمع أن مصر في طريقها لترسيخ دولة القانون التي غابت عنها الحرية والديمقراطية طوال العقود الأخيرة ولفت إلى أن الفترة السابقة كانت مصر محورا اقتصاديا مهما في المنطقة ومحط أنظار المستثمرين العرب والاجانب وكان ذلك نتيجة لاستقرار الوضع السياسي والتسهيلات التي كانت متاحة أمام الاجانب ولذا يجب الاحتفاظ بهذه المزايا والتسهيلات في إطار قانوني لا يخل بالأهداف التنموية للبلاد. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مصر لديها ميزات كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنها تعدد الأنشطة وتوفر الأيدي العاملة و الموارد الطبيعية التي تسهل إقامة المشروعات إضافة إلى مرونة الاقتصاد المصري وقابليته للانتعاش في فترة قصيرة .