في وقت يُتَوَقَّع فيه على نطاق واسع أن تفقد فرنسا تصنيفها الائتماني الذي يقف عند AAA في أي وقت، بدأت تستعدّ الحكومة الفرنسية لما يمكن أن ينجم عن ذلك من تداعيات. وبينما يستعدّ ساركوزي لخوض معركة شاقة خاصة بإعادة انتخابه رئيساً للبلاد، فإنه ومن أجل السيطرة على الأضرار المالية بدأ يرتكز بشكل متزايد على شخص لم يسمع عنه كثيرون خارج فرنسا، هو رامون فيرنانديز، الذي يترأس قسم الخزانة في داخل وزارة الاقتصاد والمالية والصناعة، وسبق له أن مرّ بتجارب مماثلة في إدارة الأزمات.


القاهرة: في مطلع شهر آب/ أغسطس الماضي، خفَّضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني البارز لحكومة الولايات المتحدة في وقت كان يقضي فيه معظم أعضاء النخبة الفرنسية إجازاتهم. وفي غضون ساعات من صباح أحد أيام السبت آنذاك، ساعد فيرنانديز في تنظيم سلسلة من مكالمات الطوارئ مع رئيسه وزير المالية، فرانسوا باروان، وغيره من المسؤولين في دائرة صنع القرار السياسي في باريس، لمنع الأزمة الأميركية من إرسال تسونامي مالي عبر المحيط الأطلسي.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، ظهر باروان على شاشة التلفزيون الفرنسي للاستفسار عن صحة القرار الذي تم اتخاذه لتخفيض تصنيف الولايات المتحدة. وقطع الرئيس نيكولا ساركوزي إجازته في شكل من أشكال التواصل مع الأحداث. لكن فيرنانديز هو من قام بالجزء الأكبر من المهمة فيما وراء الستار. وقالت في هذا الصدد اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إن تلك لم تكن المرة الأولى التي يقوم فيها فيرنانديز سراً بمثل هذا الجهد طوال فترة الأزمة الأوروبية الممتدة منذ عامين. كما أنها لن تكون ربما المرة الأخيرة التي يشارك فيها فيرنانديز بهذا الشكل.

وفي الوقت الذي تقود فيه فرنسا وألمانيا جهوداً في محاولة للإبقاء على اليورو، ظهر فيرنانديز باعتباره واحداً من أبرز وسطاء الجانب الفرنسي، سواء في ما يتعلق بدعم الموقف الفرنسي في مشاركة القطاع المصرفي بخطة إنقاذ اليونان، أو تأسيس صندوق إنقاذ للدول المتعثرة، أو الصفقة الحديثة من جانب معظم حكومات الاتحاد الأوروبي لدعم أسس منطقة اليورو. وهو ما كان سبباً في حصوله على قدر كبير من الثقة، حتى بدأت تطلق عليه وسائل الإعلام الفرنسية quot;حارس تصنيف AAAquot;.

ونقلت الصحيفة عن فيرنانديز، قوله :quot; أنا موظف حكومي. وأقوم بما يتوجب عليّ أن أفعلهquot;. ونظراً لأن التخفيض قد أُبرِق على نطاق واسع من جانب وكالات التصنيف الرئيسة الثلاث، لا يتوقع فيرنانديز وغيره من المسؤولين أن يكون التأثير مدمراً.ومع ذلك، نوهت الصحيفة بأن خفض التصنيف سيزيد من كلفة خدمة الديون على فرنسا، وسيصعب الأمور بالنسبة إلى صندوق الإنقاذ الأوروبي، التي تعد فرنسا من أكبر داعميه، لكي يعمل ويدخل حيّز التنفيذ. وهو ما قد يجدد بدوره التوترات بين فرنسا وألمانيا بشأن الطريقة التي ينبغي أن تعالج من خلالها الأزمة التي تعصف باليورو.

وتابعت الصحيفة بالدور البارز الذي يلعبه وراء الستار فيرنانديز مع كل من أمين عام الرئاسة الفرنسية، كزافييه موسكا، ونائب وزير المالية الألماني، يورغ أسموسن، بهدف تهدئة العلاقات الفرنسية ndash; الألمانية التي تتعرض في بعض الأحيان لتوترات.

كما سبق لفيرنانديز أن قام بمبادلة العديد من الرسائل عبر البريد الإلكتروني مع مسؤولين من وزارة الخزانة الأميركية لمواكبة التطورات على الجانب الآخر من الأطلسي. وبفضل القدرات التي يتمتع بها دوناً عن غيره من الموظفين الحكوميين الفرنسيين، ظهر القادة الفرنسيون بشكل جيد خلال فعاليات قمة العشرين التي استضافتها باريس عام 2011. وفي الوقت الذي بذل فيه فيرنانديز كل هذا الجهد بعيداً عن عالم الأضواء، بدا من الواضح أن تلك هي الطريقة التي يحب أن ينجز بها الرجل أعماله.

وقالت كريستين لاغارد، التي عملت معه حتى الصيف الماضي، قبل أن تستقيل من منصبها لتصبح مديرة لصندوق النقد الدولي :quot; رامون هو الرجل المناسب في المكان المناسب. فهو مفاوض ذكي ومتمكن وذو خبرة، كما يعتبر جزءًا هاماً من شبكة مغلقة من المستشارين بالنسبة إلى الشخصيات السياسية البارزةquot;. كما سبق لساركوزي أن أكد من قبل أن فيرنانديز يمثل ركيزة في إدارة الشأن المستقبلي لفرنسا.