رسم كاريكاتوري يظهر أحمدي نجادي يهرب من الدولار الذي يحاول أن يسحقه

الإقتصاد الإيراني مهدد بالانهيار تحت ضربات العقوبات الغربية، لكن نجاد مشغول بصراعه الخفي على السلطة مع المرشد علي خامنئي، إلا أنه يبدي بعض المرونة إزاء الغرب.


بيروت: quot;النجدة، النجدة، النجدة!quot; يصرخ الرئيس محمود أحمدي نجاد في فيلم كارتوني هاربًا من دولار عملاق يهدد بسحقه. تتزايد مثل هذه الانتقادات الساخرة لسوء الإدارة الإيرانية لمحنتها الاقتصادية المتفاقمة مع تراجع الريال مقابل الدولار، إلى جانب اتهامات بأن الرئيس يتلاعب عمدًا باحتياطيات إيران من العملات الاجنبية.

وتعكس هذه الانتقادات الاستياء العارم بين المواطنين الإيرانيين الذين لم يعد بإمكانهم تحمل نفقة المواد الغذائية الأساسية أو العثور على وظائف لائقة. وأشارت صحيفة غارديان البريطانية إلى أن نجاد غارق في الجدل وسيل الانتقادات منذ انتخابه في العام 2005، حتى أنه كان يتمتع بدعم المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي العلني، ويتلقى منه الذم في الخفاء.

واتهم الرئيس الإيراني في مؤتمر صحافي اليوم الثلاثاء الدول الغربية بشن quot;حربquot; اقتصادية على الصعيد العالمي ضد إيران لإخضاعها.

وقال نجاد في هذا المؤتمر الذي نقله التلفزيون على الهواء مباشرة ان quot;العدو فرض عقوبات (...) على مبيعات النفط. وجزء كبير من العملات (الصعبة) يأتي من النفط. والأدهى عقوبات على المبادلات المصرفية كي لا نتمكن حتى اذا بعنا نفطنا من استعادة المال. انها حرب خفية وثقيلة على المستوى العالميquot;.

وأكد أحمدي نجاد أن إيران لن تتراجع عن برنامجها النووي رغم الضغوط الاقتصادية والعقوبات الغربية. وقال quot;اذا اعتقد البعض انهم قادرون على الضغط على ايران فانهم يخطئون وعليهم تصحيح موقفهم. لسنا شعبا يتراجع في المسألة النوويةquot;.

140 حارسًا!

في الأسبوع الماضي، كان نجاد يلقي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الوقت الذي اعتقل فيه مستشاره الإعلامي الخاص. كما واجه أيضًا انتقادات غاضبة بسبب الوفد المرافق الذي ضمّ 140 حارسًا شخصيًا إلى الأمم المتحدة.

وافتقر خطابه في نيويورك quot;الألعاب الناريةquot; المألوفة، في إشارة إلى خطاباته الهجومية، كما بدا تصالحيًا بعض الشيء في مقابلة مع صحيفة أميركية بشأن مسألة برنامج إيران النووي، الذي سبب فرض عقوبات دولية صعبة على بلاده.

ويتفق الاقتصاديون على أن أزمة العملات في إيران تعود إلى العقوبات المالية والحظر الأوروبي على استيراد النفط، ما يجعل من الصعب على إيران الاستمرار في ضخ أموال النفط في الأسواق للحفاظ على أسعار صرف عملتها.

رسم كاريكاتوري لـquot;توكا نيستانيquot; يظهر الإنتقادات التي طالت أحمدي نجاد لاصطحابه 140 حارسًا شخصيًا إلى الأمم المتحدة

ويقول أحد المحللين الإيرانيين: quot;ما يزيد الأمر سوءًا هو الصراع على السلطة بين نجاد وخامنئي. فبدلًا من التعامل مع الأزمة، ينشغل الرئيس بمستشاره الإعلامي المقبوض عليه، فيما يتخبط البنك المركزي الإيراني في سياساته النقديةquot;.

أزمة الرئيس

يعاني نجاد أزمة خطيرة في نظرة الغرب إليه، خصوصًا عندما يهاجم الصهاينة أو يشيد بالإمام الغائب. لكن غارديان اعتبرت أن نجاد كان أكثر واقعية من خامنئي بشأن ضرورة تخفيف حدة التوتر مع الغرب. لذا من غير المستغرب أن يكون على خلاف مع قادة الحرس الثوري، الذين يرحبون بأي هجوم من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة.

تأمل الحكومات الغربية في ان تشجع العقوبات على الاضطرابات الشعبية، وتؤدي إلى تحولات في السياسة الإيرانية. لكن قبضة النظام الحديدية لا تسمح بحدوث أي احتجاجات شعبية حاشدة.

معجزة الغائب

إلى ذلك، تلقت وسائل الإعلام رسميًا أوامر قيادية بتجنب بث التقارير المتشائمة حول الاقتصاد الإيراني ومعوقته، وتلقت تعليمات بالدفاع بقوة عن الثورة الإسلامية. يقول أحد المراقبين من طهران: quot;ما يحدث الآن هو أن كل من هو غير راض عن الاقتصاد ويدعو إلى الاحتجاجات، يعتبر خطرًا يهدد الأمن الوطنيquot;.

ويقول علي الأنصاري، من جامعة سانت اندروز، إن quot;الحكومة الإيرانية فقدت كل مصداقيتها في الإدارة الاقتصادية، والسبب الرئيس هو عدم وجود وسائل مستقلة للمحاسبة ومراجعة الحساباتquot;. يضيف الأنصاري:quot;لا يوجد المزيد من المعجزات لحل مشاكل إيران الاقتصادية، إلا إذا كان البعض يعتقد أن الإمام الغائب على وشك الظهورquot;.