لميس فرحات: تباهى رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي الاسبوع الماضي بأن خطته قد حالت دون حدوث أزمة ائتمان من قبل البنوك، وذلك عبر إمطار المصارف بالقروض الرخيصة في ديسمبر/ كانون الاول. لكن تحت الامتنان لدراغي، يتربص الخوف من أن المال السهل يمكن ببساطة أن يؤدي لتهيئة الظروف الملائمة لأزمة مصرفية أخرى بعد عدة سنوات من الآن.

بسبب تمويل البنك المركزي الرخيص (فائدة منخفضة)، يحذر بعض خبراء الاقتصاد من أن البنوك quot;المريضةquot; تواجه الآن ضغطاً أقل لحل مشاكلها مثل القروض المعدومة والأصول المتعثرة الأخرى، ويحذر الخبراء من أن عملية التمويل من قبل البنك المركزي الاوروبي قد تؤدي- عن غير قصد ndash; إلى لفيف من quot;بنوك الغيبوبةquot;، أي البنوك المثقلة بالقروض المتعثرة والأصول التي تبقى على الكتب.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن تشارلز ويبلوش، أستاذ الاقتصاد في معهد الدراسات العليا في جنيف، قوله quot;انه رهان كبير، فإذا انتهت الأزمة بشكل جيد، سيكون البنك المركزي قد حقق معجزة. أما في حال ساءت الأمور، ستكون البنوك التجارية في حال أصعب بكثير مما كانت عليه سابقاًquot;.

وقال ويبلوش ان البنك المركزي قد جعل النظام المصرفي أكثر هشاشة من خلال تشجيع المؤسسات على الاستناد إلى الأصول الخطرة، وخصوصاً السندات الحكومية من دول منطقة اليورو المضطربة مثل اسبانيا او ايطاليا. ويمكن للمصارف استخدام هذه الأصول كضمان للحصول على المزيد من القروض من البنك المركزي.

يوم الخميس الماضي، حث دراغي البنوك على أخذ المال، وسخر من كبار المصرفيين الذين تفاخروا بأنهم ليسوا في حاجة لتقديمات البنك المركزي الخيرية، واصفاً ذلك بـ quot;تصريحات المروءةquot; خلال مؤتمر صحفي في فرانكفورت، ومعتبراً أن تسهيلات الثلاث سنوات وضعت لاستخدامها.

الدعم المالي أدى إلى رفع المعنويات في منطقة اليورو، وربما قد يساعد المنطقة على تجنب انكماش اقتصادي خطير. لكن ليس من الواضح حتى الآن كيف ستستخدم البنوك الأموال، وعما إذا كانت سوف تنفقها بحكمة. وقد تستخدمها بعض البنوك للتغطية على سوء الادارة في الماضي ولتعويض كتب كاملة من الأصول السيئة.

قال جاوو سواريس، شريك في شركة quot;باين آند كومبانيquot; للاستشارات الإدارية ان quot;هذه الخطوة مثل تناول دواء، ففي بعض الأحيان تكون هناك آثار جانبيةquot;. وأضاف: quot;إن أحد الآثار الجانبية السلبية لإقراض البنك المركزي، هي انه يزيل الضغط عن المصارف المتعثرة لتنظيف ميزانياتها العموميةquot;.

من جهته، اعتبر نيكولا فيرون، من مؤسسة بروغل للأبحاث في بروكسل إن البنوك الكسولة تدعم الشركات الكسولة، كما ان المصارف الكسولة لن تقدم للمقترضين الائتمان الذي يحتاجون إليه و هذا أمر سيئ بالنسبة للاقتصادquot;.

واضاف فيرون ان quot;البنك المركزي كان على بينة من المخاطر، لكن ليس لديه بديل آخر ما دامت الحكومات مثل ايطاليا أو اسبانيا تناضل من أجل استعادة ثقة المستثمرينquot;.

يعتزم البنك المركزي ان تستخدم البنوك الأموال لإقراض الشركات ودعم الاقتصاد. وهذا أمر بالغ الأهمية، لا سيما في أوروبا حيث تعتبر المصارف هي المصدر الرئيسي للائتمان للشركات، بدلاَ من أسواق رأس المال.

على ارغم من ذلك، يخشى المحللون الاقتصاديون من أن تستخدم البنوك الكثير من الأموال لشراء السندات الحكومية، الامر الذي من شأنه أن يساعد في تفسير سبب معدلات الفائدة على انخفاض السندات الاسبانية والايطالية في الأسابيع الأخيرة.

الاقتراض من البنك المركزي بنسبة 1 في المئة، واستخدام المال لشراء سندات بنسبة مئوية أكبر، هو صفقة جيدة بالنسبة للبنوك. ويثير هذا الخيار احتمالات ان ايطاليا او اسبانيا ستكون قادرة على مواصلة خدمة ديونها، عن طريق الضغط باستمرار على مدفوعات الفائدة.

ويستبعد بعض الخبراء ان تكون البنوك الميتة مشكلة خطيرة، وذلك جزئيا لأن المنظمين يفرضون على البنوك رفع مقدار رأس المال لديهم ليكون مساو للمال الذي سقومون بإقراضه.

ولآن، فإن الحكومات تحمل مسؤولية استعادة ثقة المستثمرين، وهذا سيؤدي تلقائياً إلى تحسين أوضاع البنوك من خلال زيادة قيمة ممتلكاتها من السندات السيادية.

وقال هيرالد بينينك، أستاذ في جامعة تيلبورغ في هولندا: quot;لقد وصلنا إلى نقطة ما كان ينبغي علينا الوصول اليها على الإطلاق، لكن نظراً لحقيقة أننا وصلنا تلك النقطة، فنحن بحاجة إلى اتخاذ تدابير غير تقليديةquot;.