تعيش أوروبا حالة من عدم الإستقرار المالي ما يثير مخاوف من إنزلاق الإتحاد في موجة ركود طويلة الأمد ما يشكل تهديداً على بقية دول العالم عن طريق العديد من القنوات.


القاهرة: قالت المفوضية الأوروبية يوم أمس الخميس إن أوروبا قد تنزلق إلى موجة ركود عميقة وطويلة الأمد، في الوقت الذي تعمل فيه مستويات الديون الحكومية المرتفعة وفوضى الأسواق المالية وحالة الشلل السياسي على تغذية دورة هبوط خطرة.

ولفتت في هذا الشأن صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن النمو قد توقف بالفعل في جميع أنحاء المنطقة، التي تعتبر منطقة اقتصادية كبرى تضم 17 دولة تستخدم اليورو وكذلك دول أخرى مثل بريطانيا لا تستخدم العملة الأوروبية الموحدة.

وقد خفضت المفوضية من توقعاتها الخاصة بالنمو لعام 2012 بالنسبة للمنطقة إلى 0.6 % فقط، وإن أشارت إلى أنه من الوارد بقوة أن يتعرض النمو لانخفاضات أخرى. ومع تواصل أزمتي اليونان وإيطاليا، عرضت المفوضية في تقريرها تحليلاً محدداً لعمق الأزمة الاقتصادية التي تواجهها أوروبا والكلفة المحتمل أن يتكبدها الاقتصاد العالمي.

وأكدت الصحيفة في هذا الصدد أن حدوث موجة ركود جديدة في القارة العجوز ستشكل تهديداً على بقية دول العالم عن طريق العديد من القنوات. وأوضحت أن تدفق الواردات والصادرات مع الشركاء التجاريين الكبار مثل الولايات المتحدة بدأ يتقلص بالفعل.

وحذرت من أن الاستثمار في اقتصادات شرق أوروبا متسارعة النمو قد تجف، وهو ما قد يحرم المنطقة من جزء يتسم بأدائه القوي.

كما ستفقد الصين وغيرها من الدول الآسيوية عملاء مهمين. وقد تضيف الإخفاقات المصرفية إلى الأجواء الصادمة بطرق عديدة وغير متوقعة. هذا وقد تعاملت البورصات العالمية بصورة معتدلة مع توقعات النمو القاتمة.

فيما أشارت الصحيفة إلى أن العديد من التطورات التي حدثت مؤخراً قد ساعدت في تهدئة الأسواق، كتعيين اليونان الخبير الاقتصادي لوكاس باباديموس في منصب رئيس الوزراء لحكومة وحدة، تم تشكيلها للحفاظ على برنامج الإنقاذ الدولي على الطريق الصحيح. كما تتحرك ايطاليا صوب تعيين السياسي المخضرم ماريو مونتي لرئاسة حكومة انتقالية تعني بتسريع وتيرة العملية الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية والمالية.

وسواء كان الوضع متعلق بايطاليا المثقلة بالديون أو فنلندا المقتصدة، فإن البلدان الأوروبية ستناضل الآن من أجل تقليص العجز الحكومي وتعزيز أنظمتها المصرفية في ظل أجواء اقتصادية صعبة بشكل متزايد.
كما أشارت الصحيفة إلى أن النمو المعتدل من الممكن أن يساعد على تخفيف أعباء الديون الملقاة على كاهل دولة من الدول، ونشر الحمل على قاعدة اقتصادية أوسع، وتوفير عائدات ضريبية متزايدة تقلل من الحاجة للاقتراض.

وتابعت واشنطن بوست حديثها بالقول إن أحدث دراسات المفوضية أكدت على عدم وجود ملاذ آمن من موجة التباطؤ الحاصلة. ولفتت إلى أن الكيانات الاقتصادية الكبرى في منطقة اليورو، وهي فرنسا وألمانيا، سوف تشهد تراجعاً في النمو لأقل من 1 % عام 2012، وهو المعدل الأكثر بطءً عما سبق وأن توقعته المفوضية في الربيع.

وفي هذا الصدد، قال دافيد باورز، العضو المنتدب لمؤسسة Absolute Strategy Research البحثية ومقرها لندن: quot;يلعب النمو دوراً حاسماً سواء لتكثيف الأزمات أو لتوفير فرصة لالتقاط الأنفاسquot;.

وختمت الصحيفة بنقلها عن محللين قولهم إن الإشارات الدالة على حدوث إجهاد مالي في فرنسا من المحتمل أن تدفع بالمسؤولين الألمان نحو إعادة النظر في آرائهم المتعلقة بالدور المناسب للمركزي الأوروبي.