ينظر خبراء إلى أزمة اليورو بأنها أزمة ديون عامة وقلة سيولة مصرفية. ويرون أن تلاشي دول أوروبا الجنوبية عن الساحة التنافسية الدولية، كان له تأثير في العام الحالي على تدفق رؤوس الأموال الاستثمارية إليها. وبدأت دول شمال أوروبا ترسم خططاً مالية مستقلة ستجعلها تنفصل عملياً عن أوروبا الجنوبية.


صعوبات مالية جمة تجتاح منطقة اليورو

طلال سلامة من برن: لو أدرك حكام أوروبا، قبل عشرين عاماً ما كان قد يحدث لبلادهم اليوم لما كانوا أجمعوا إطلاقاً على إحياء عملة اليورو الموحدة. وبصرف النظر عن العواقب الاقتصادية الوخيمة، التي تنتظر الدول الأوروبية المتعثرة مالياً، فإن دول شمال أوروبا بدأت ترسم خططاً مالية مستقلة ستجعلها تنفصل عملياً عن أوروبا الجنوبية.

المحاولات المتعلقة بإنقاذ أزمة الديون السيادية الأوروبية باءت كلها بالفشل. ما يعني أن مغامرة تبني اليورو، بالنسبة إلى الدول الأوروبية لم تتكلل بالنجاح المتوقع لها لمواجهة التنافس الاقتصادي الخارجي، الأميركي والآسيوي.

ويبدو أن المستقبل السياسي لدول، كما اليونان وإيطاليا وإسبانيا، لن يكون الملف الرئيس في المحادثات المقبلة بين زعماء أوروبا. فكل واحد منهم يريد أن ينقذ نفسه بأقل الأضرار الممكنة من جحيم الديون.

تعتبر أزمة اليورو في عيون الخبراء أزمة ديون عامة وقلة سيولة مصرفية. أما في العمق، فتتخذ هذه الأزمة أبعاداً أخرى. فدول أوروبا الجنوبية تلاشت عن الساحة التنافسية الدولية، بغضّ النظر عن من هو حاكمها السياسي وما هي اتجاهاته يسارية أو يمينية. وبما أن العجز التجاري لهذه الدول مع الخارج مرعب رقمياً، فلا أحد مستعد لمساعدتها بصورة طوعية، ما كان له تأثير في العام الحالي على تدفق رؤوس الأموال الاستثمارية إليها.

على المدى الطويل، تشير الخبيرة دنيز ليفي لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن منطقة اليورو، التي ستتمكن من الصمود لغاية عام 2015، على الأقل، ستجد نفسها أمام مفترق طريق. فإما سينجح نظامها الدفاعي في إصلاح نفسه، وإما سيتم رمي مفهوم اليورو في نفايات الأسواق الدولية.

هل يعود عصر هتلر بسبب أخطاء أوروبا المالية؟
هنا، لا تستبعد هذه الخبيرة عودة عصر هتلر النازي بسبب أخطاء أوروبا الحالية من جهة، وما ينجم من تداعيات متعلقة بالتقشف الذي ستتبناه الدول الأوروبية من جهة أخرى. فيكفي النظر إلى ألمانيا، التي عانت تضخمًَا ماليًا رهيبًا (وهذا ما يحصل راهناً في منطقة اليورو) في عام 1923، وموجة التقشف البشعة، التي اتبعتها حكومة برلين بين عامي 1930 و1932 التي وُلد بفضلها أدولف هتلر.

علاوة على ذلك، تتمنى هذه الخبيرة ألا يؤدي موت اليورو الى انفجار اقتصاد العالم برمته. وفي ما يتعلق بالمصارف الأوروبية فإنها ستجد نفسها أمام نوعين من الحسابات المصرفية. الأول معمول به باليورو، والثاني بالعملة التي ستحلّ محله، كما الدراخما اليونانية الجديدة أو البيزيتوس الإسباني الجديد أو الليرة الإيطالية الجديدة. من جانبها، ستسارع أسواق الصرف في معاقبة العودة إلى العملات الأوروبية القديمة وquot;إذلالquot; قيمتها أمام اليورو، الذي سيبقى المرجع الأساس لها.