رغم أن لندن تعتبر عاصمة المال العالمية ورغم بريق العيش في بريطانيا لسبب أو آخر، فإن ثمة خشية من أن تصبح البلاد منطقة طاردة للأموال بسبب الضرائب العالية الواقعة على الأثرياء وميسوري الحال.


لندن: أظهر مسح بريطاني أن نسبة الـ1 في المائة التي تتألف من أثرى أثرياء البلاد تدفع منفردة 30 في المائة من إجمالي عائدات الخزينة الحكومية من الضرائب.هؤلاء الأثرياء يدفعون سنويا حوالي 47 مليار جنيه (77.5 مليار دولار).

وهذا رقم يزيد عما تحصل عليه الدولة من أرباح الشركات ويغطي ثلث الميزانية المخصصة للرفاه الاجتماعي (إعانات الأسر والبطالة والسكن المدعوم... الى آخره). ولتقريب الصورة فهو مبلغ يبلغ في العديد من الحالات أضعاف ميزانيات بعض الدول النامية.

ويضم نادي الأثرياء الصفوي هذا في عضويته الحكرية 308 آلاف شخص، وهو عدد مماثل لذلك الذي يقطن مدينة منوسطة مثل كوفنتري الانكليزية، ويعيش نصفهم تقريبا في العاصمة لندن أو المناطق المحيطة بها في جنوب شرق بريطانيا. ويذكر أن النظام الضريبي البريطاني يجبي 50 في المائة من ثروة أي شخص يتجاوز دخله السنوي 150 ألف جنيه (نحو قرابة ربع المليون دولار).

لكن هذا الأمر يثير انتقادات المحللين الماليين الذين يقولون إن الدولة تعتمد أكثر من اللازم على شريحة ضئيلة من التجار ورجال الأعمال بوسعهم الرحيل نهائيا عن البلاد في أي لحظة بسبب ضيقهم من القبضة الضريبية حول أعناقهم. ويقول مكتب السمسرة laquo;اورييل سيكيوريتيزraquo; اللندني إن ما يدفعه هؤلاء ارتفع من 22.2 في المائة العام 2000 الى ما هو عليه الآن، أي بزيادة 7.8 في المائة تجبيها الخزينة حاليا.

وانطلاقا من هذه الأرقام، توجّه ممثلو رجال الأعمال برجاء الى الحكومة بالمساعدة في تخفيف حدّة الانتقادات التي ظلّ قطاع المصارف والمال يواجهها منذ اندلاع الأزمة العالمية في 2008. ونقلت صحيفة laquo;تايمزraquo; عن رجل الأعمال هيو اوزموند - الواقف وراء سلاسل تجارية ناجحة مثل laquo;بيتزا اكسبريسraquo; وlaquo;بانش تافيرنزraquo;، قوله: laquo;أن تحصل الحكومة من الأثرياء على 30 في المائة من عائداتها الضريبية أمر جلل. لكن الأسوأ منه هو أن تأخذ منهم كل هذه الأموال الطائلة وفي الوقت نفسه تعاملهم وكأنهم نفايات المجتمعraquo;.

ومن جهته قال مايكل سبينسر، المدير التنفيذي في دار السمسرة laquo;آيكابraquo; العاملة في laquo;السيتيraquo; (حي المال): laquo;المؤسف حقا هو أن الحوار الضريبي أكمل انتقاله المقلق من منبر القضايا المتعلقة بالاقتصاد وكيفية دفع عجلته الى الأمام إلى الحلبة السياسية المحضraquo;.

ويضيف قوله: laquo;كلنا يسمع عبارة laquo;على الأثرياء دفع المزيدraquo; تتردد هنا وهناك حتى صارت مملة. لكن ما لا يعلمه العديد من الناس هو أن الأثرياء يدفعون لمصلحة الضرائب 58 في المائة من إجمالي مداخيلهم في الواقع المحسوس. هذه أعلى نسبة مشاركة ضريبية في عموم القارة الأوروبية على الإطلاقraquo;.

ويذكر أن الفئة الثرية التي تأتي بعد هؤلاء هي تلك التي تحصل على مداخيل سنوية تتراوح بين 35 ألف جنيه (57.75 ألف دولار) و150 ألف جنيه (247.5 ألف دولار). وهي فئة تتألف من نحو 3.7 ملايين شخص تستحوذ الضرائب على 40 في المائة من مداخيلهم. وعلى هذا الأساس، فإن إجمالي حجم مساهمتهم في أموال الخزينة العامة يبلغ 57 مليار جنيه أو حوالى 94 مليار دولار بأكملها.