في وقت تمضي فيه منطقة اليورو من أزمة إلى أخرى، إلا أن عملتها تبدو محصنة من الاضطرابات التي تحيط بها. وقد اتجه اليورو صوب الانخفاض يوم أمس ليسجل 1.2930 مقابل الدولار وسط حالة متصاعدة من الغموض السياسي في أعقاب النتائج التي تمخضت عنها الانتخابات التي جرت أخيرًا في كل من فرنسا واليونان.


محتجون يونانيون على إجراءات تقشفية تطال منطقة اليورو

أشرف أبوجلالة من القاهرة: جاءت تلك الخطوة لتخرج العملة الأوروبية الموحدة من نطاق تداولها المحكم، الذي كان يتراوح ما بين 1.30 و 1.32 دولار خلال الأسابيع القليلة الماضية. لكن اليورو مازال على ما يرام ضمن نطاق واسع ثابت في مكانه منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

على النقيض، انخفضت الأسهم الأوروبية بصورة حادة. وتراجعت يوم أمس الأسهم الاسبانية إلى ndash; 8.5 على مدار عام، في حين سجل مؤشر يورو ستوكس للبنوك أكبر انخفاض له منذ مطلع العام 2009. وتتعرّض كذلك أسواق السندات لبعض الدول الطرفية لضغوط. وارتفعت العائدات على الديون الإسبانية، التي تقدر مدتها بعشرة أعوام، إلى ما فوق 6 % يوم أمس الأربعاء، وذلك للمرة الأولى خلال العام الجاري.

في هذا السياق، نقلت اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن بول روبنسون، الرئيس العالمي لبحوث النقد الأجنبي في بنك باركليز في العاصمة البريطانية، لندن، قوله: quot;أكثر سؤال يتم طرحه عليّ هو ما السبب وراء عدم إصابة اليورو بحالة أكبر من الضعف بالنظر إلى كل ما يدور من أحداث أخيرًا في منطقة اليوروquot;.

وبينما يعتقد روبنسون ومحللون آخرون كثيرون أن المدّ سيطال اليورو في نهاية المطاف، فإن الموقف الراهن قد قاد صناديق التحوط ومضاربين آخرين إلى التحول بعيداً عن الرهانات التي كانت تحظى من قبل بشعبية على انخفاض اليورو. وبدلاً من ذلك، بدأ يستعين كثيرون بإستراتيجيات مصممة على الاستفادة من اليورو الذي لا يزال محدد النطاق.

وانخفض اليورو مقابل الين الياباني، وكان من المحتمل أن ينخفض أمام الفرنك السويسري، لولا الجهود التي بذلها البنك الوطني السويسري لوقف ارتفاع عملته. لكن حين يتعلق الأمر بمرونة اليورو مقابل الدولار الأميركي، فإن المشاركين في السوق يتحدثون عن قائمة من الأسباب. وأوضحوا أن ربما أبرز هذه الأسباب هي حالة التوازن القائمة بين تدفقات رؤوس الأموال الداخلة والخارجة من منطقة اليورو.

بشأن الجانب السلبي لليورو، فقد قام المستثمرون بسحب ما يقاربالـ 15 مليار دولار من صناديق الأسهم الأوروبية منذ بداية العام، وفقاً لما ورد ببيانات خاصة بشركة إي بي إف آر العالمية. وهو المبلغ الذي يفوق بكثير مبلغ الـ 4 مليارات دولار، الذي ذهب لصناديق السندات الأوروبية، بينما يمارس التفاوت ضغطًا هبوطيًا على اليورو.

على الجانب الآخر من تلك المعادلة، أوضحت الصحيفة أن البنوك الأوروبية تقوم بشراء اليورو في الوقت الذيتتخلص فيه من أصول في الخارج، وتستقدم أموالاً للداخل لتلبية احتياجات رأس المال من المنظمين. كما كان هناك كذلك شراء لليورو من مستثمري القطاع الحكومي، مثل صناديق الثروات السيادية، المتطلعين إلى تنويع محافظهم الاستثمارية من الدولارات الأميركية المتراكمة، حسب ما أكد مراقبون للأسواق.

ومضت الصحيفة تقول إن كثيرًا من بائعي سندات حكومات منطقة اليورو الضعيفة يضعون السيولة النقدية في سندات حكومات منطقة اليورو القوية. وبذلك هم يقومون بنقل الأموال إلى خارج السندات الإيطالية، ويركزونها في السندات الألمانية. وعلى الرغم من الأهمية التي تكتسبها تلك التحركات، إلا أنها لا تشمل عمليات بيع من منطقة اليورو.

في الختام، أوردت الصحيفة عن محللين تحذيرهم من أن التوازن الحاصل في أوروبا يعتبر توازناً دقيقاً. ففي إسبانيا، على سبيل المثال، قوبل ابتعاد الأجانب عن السندات بعمليات شراء داخلية. وتم تمويل هذا الشراء الداخلي بشكل جزئي من قبل عمليات إعادة التمويل طويلة الأمد للمصرف المركزي الأوروبي، وقد كانت هناك عمليتا ضخ كبيرتان للسيولة النقدية في الأسواق خلال شهري كانون الأول/ ديسمبر وشباط/ فبراير. مع هذا، أضاف المحللون أن الشراء قد لا يكون قادراً على الاستمرار من دون قيام المصرف المركزي الأوروبي باتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير.