رئيس الوزراء الإيطالي الجديد ماريو مونتي

تتزايد المخاوف من إنهيار منطقة اليورو وعملتها في ظل فقدان تدابير التقشف وخطط الإنقاذ التي بذل فيها قادة أوروبا جهوداً جمّة خلال الأسابيع والأشهر الماضية، وفي هذه الأثناء لم يتبق لأوروبا سوى النظر إلى رئيس الوزراء الإيطالي الجديد، وما سيقوم به من إصلاحات إقتصادية لبلاده، التي طالتها أزمة الديون السيادية.


القاهرة: تعوّل أوروبا الآمال الآن على رئيس الوزراء الإيطالي الجديد، ماريو مونتي، لإصلاح وضعية بلاده الاقتصادية، بعدما طالتها أزمة ديون اليورو، خاصة وأنها صاحبة ثالث أكبر كيان اقتصادي في القارة. ويأمل الأوروبيون في إطار ذلك أيضاً أن تفلح جهود مونتي المبذولة على هذا الصعيد في تجنيب منطقة اليورو الوقوع في كارثة.

وهو ما عبّرت عنه المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في برقية التهنئة، التي بعثت بها إلى مونتي، عقب توليه مهام منصبه الجديد. وقد تعهّد خليفة بيرلسكوني ببذل قصارى جهده من أجل النجاح في مهمته. وقال في كلمة أمام مجلس الشيوخ الإيطالي يوم السابع عشر من الشهر الجاري إنه قام بتقسيم الميزانية الوطنية، وقدَّم إصلاحات داعمة للنمو. وأضاف quot;لا يمكن أن ينظر إلينا باعتبارنا خط أوروبا الضعيفquot;.

في هذا الصدد، نوهت مجلة quot;التايمquot; الأميركية إلى أن أكثر ما يحتاجه مونتي الآن بغية النجاح في مساعيه الرامية إلى تحسين الأوضاع هو التعاون بشكل أكبر بين الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي، والإقدام على إحداث تغييرات كبرى في منطقة اليورو.

وأكدت المجلة أن السبيل الوحيد لإنقاذ اليورو هو تشكيل اتحاد نقدي مجدد، مبني على تكامل أكثر عمقاً. وقال هنا سيغمار غابرييل، رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني: quot;ليست هناك وسيلة أخرى، إذا كنا نرغب في تجنب انهيار اليوروquot;.

وتابعت التايم بقولها إن ذلك الحل هو الذي يتفق عليه الجميع في أوروبا والعالم بأسره كذلك، مشيرةً إلى أن قادة أوروبا لطالما أكدوا أن تعزيز التعاون هو أفضل الحلول. مع هذا، فالجهود المبذولة على هذا الصعيد لا تزال تسير ببطء وعلى مضض.

ويؤكد كثيرون أن دول منطقة اليورو مطالبة بصورة حتمية بأن تتخلى عن جزء كبير من هيمنتها على السياسات الوطنية، وأن تحمل كذلك جزءًا أكبر من المسؤولية في ما يتعلق بالتعامل مع المشكلات، التي يعانيها رفاقهم الأعضاء.

نتيجة لذلك، تشهد أوروبا حالة من الانقسام بشأن من يجب أن يتحمل عبء إنقاذ اليورو، وكذلك بشأن الشكل الذي يجب أن يكون عليه ذلك التوازن الحيوي بين الدول والاتحاد النقدي.

وأعقبت المجلة بقولها إن ما يصيب أوروبا بحالة من الشلل هو ذلك الخلل الموجود في أعماق البنية الخاصة بالاتحاد النقدي ndash; والمتعلق بالصراع الذي لم يحلّ بين احتياجات منطقة اليورو واستقلالية أعضائها.

وفي وقت كان يفترض أن تلتزم فيه كل الدول الأعضاء بمجموعة قواعد، تضمن الحفاظ على تشابه أوضاعها المالية، لم يحدث ذلك، حيث لم يلتزم تماماًَ بتلك القواعد سوى عدد قليل من تلك الدول.

ثم مضت المجلة تتحدث عن المشكلات التي بدأت تواجهه منطقة اليورو، خاصة مع اتساع نطاق حالة عدم التكافؤ بين اقتصاديات دول المنطقة، البالغ عددها 17 دولة، إلى أن انفجرت كل هذه المشكلات، التي تراكمت على مدار سنين في أواخر عام 2009، حين وقعت اليونان أولاً تحت براثن أزمة الديون، ومن ثم انتقلت العدوى إلى بلدان أخرى.

ورغم ما بُذل من جهد، إلا أنه لم يكلل بالنجاح حتى الآن. فالمستثمرون غير مقتنعين بأن ساسة أوروبا يمتلكون الإرادة أو القدرة أو النفوذ السياسي لتفعيل مثل هذه التعديلات المالية المؤلمة.

وتزامن ذلك مع تقديرات تشير إلى أنه حتى مع الإصلاح، ستظل إيطاليا في حاجة إلى عقدين آخرين لخفض مستويات ديونها الحكومية إلى مستوى أكثر استدامة بنسبة 100 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنةً بـ 120% اليوم.

ونوهت المجلة إلى عدم تمكن صندوق الاستقرار المالي الأوروبي من مواجهة التحديات الجمة التي تطغى على القارة العجوز. وذلك في الوقت الذي تصدّى فيه قادة منطقة اليورو لمحاولات تضخيم الدور، المفترض أن يقوم به هذا الصندوق. وذهبوا بدلاً من ذلك إلى الصين وغيرها من الاقتصاديات الناشئة لحثهم على التبرع بأموال نقدية.