إسبانيا خاسرة في حلبة الصراع الاقتصادي

لا يمكن ان تكون الأنباء أسوأ مما هي عليه بالنسبة لأسبانيا. فبعيد خفض درجة ائتمانها، تأتي حقيقة أن مستوى البطالة فيها صار يمثّل الثلث بأكمله في منطقة اليورو، وصارت البلاد عموما في وضع لا تحسده عليها اليونان نفسها... وكل هذا في رابع أكبر اقتصاد في تلك المنطقة والثاني عشر في العالم بأسره.


لندن: تعاظمت المخاوف إزاء انهيار كامل للاقتصاد الاسباني مع نشر أرقام مساء الجمعة تظهر أن قرابة ربع أهل البلاد (24.4 في المائة) عاطلون عن العمل. ويتضح ارتفاع هذه النسبة بوضعها في السياق الأكبر لأنها تعني أن الاسبان صاروا يشكلون ثلث عدد العاطلين وسط جميع الدول التي تتألف منها منطقة اليورو.

وتطال العطالة في اسبانيا الآن أكثر من 5.6 مليون شخص، وهو الرقم الأكبر على الإطلاق خلال أكثر من 20 عاما في البلاد. أما الأخطر من هذا، تبعا للأرقام، فهو أن أنها تطال أكثر من نصف عدد أيدي الشباب العامل.

واسبانيا محاصرة الآن من سائر النواحي، لأن أرقام الجمعة هذه تأتي في أعقاب قرار وكالة التصنيف laquo;سناندارد آند بورزraquo; خفض درجة ائتمانها الكليّة. ولا تتعاظم المخاوف إزاء اقتصادها وحسب، بل إزاء البنية الاقتصادية في منطقة اليورو ككل لأن البلاد تعتبر الاقتصاد الرابع من حيث الحجم في هذه المنطقة (والخامس في الاتحاد الأوروبي والثاني عشر في العالم بأسره).

وبعيد إعلان الأرقام الأخيرة أقرت حكومة مدريد بأنها تواجه laquo;أزمة ذات أبعاد ملحميةraquo;. ونقلت الصحافة البريطانية عن وزير خارجيتها، خوزيه مانويل غارثيا - مارغالو، قوله: laquo;هذه الأرقام مريعة بالنسبة لكل واحد منا وللحكومةraquo;. ومن جهتها قالت المحللة لويز كوبر، خبيرة اتجاهات حي المال laquo;السيتيraquo; في لندن: laquo;الأرقام تظهر بجلاء أن الاقتصاد الاسباني يتفجر على نفسه من الداخل.

والاتجاه الوحيد الذي تستطيع السير فيه حاليا هو الديون والمزيد منها وإلى أجل لا يعلم أحد مداه. اسبانيا صبيحة السبت في وضع أسوأ منه في اليونان والبرتغال وآيرلندا. هذه هي درجة السوءraquo;!

وتتضح الصورة للناظر الخارجي في حقيقة أن أسعار التجزئة ظلت تواصل الانخفاض للشهر الحادي والعشرين، وأيضا في تناقص أسعار العقار الى ما تحت سعر التكلفة. وبعبارة أخرى فهذا يعني انهيار سوق العقار تماما وأن البنوك الاسبانية نفسها صارت مهددة بالسقوط الا إذا بدأت جهة ما في حقن عروقها بمليارات اليوروهات.

ومن المتوقع في أي لحظة الآن أن تعلن حكومة مدريد رسميا دخول البلاد في ركودها الاقتصادي الثاني منذ العام 2009. ففي فترة الأشهر الثلاثة من يناير / كانون الثاني حتى مارس / آذار من العام الحالي فقط فقد أكثر من 367 ألف اسباني وظائفهم. والحال أسوأ بشكل خاص وسط الأيدي العاملة الشابة لأن أكثر من 50 في المائة من اولئك الذين تقل أعمارهم عن 26 عاما لا يجدون أي فرص للعمل بغض النظر عن طبيعته.

ويأتي كل هذا عقب تخفيض وكالة التصنيف laquo;سناندارد آند بورزraquo; درجة ائتمان اسبانيا عتبتين كاملتين من A إلى BBB+. وقالت هذه الوكالة إن مدريد ستظل في حالة ركود حتى العام 2013 على الأقل في طل حقيقة أن حجم ديونها يظل مقاربا لإجمالي ناتجها المحلي.