العقوبات الاقتصادية تغير واقع حياة الايرانيين

تتعدد الاشارات على الازمة الاقتصادية التي يعانيها الايرانيون، اثر العقوبات المفروضة على بلادهم حيث أجبروا على التخلي عن وسائل الترفيه، لارتفاع الأسعار الى جانب ارتفاع سعر صرف الدولار بنسبة 50% ، في وقت يؤكد فيه المسؤولون القول إن العقوبات الدولية غير مؤثرة.


طهران: أمام تراجع أعمال وكالة السياحة التي تملكها في وسط طهران، لم يعد لدى ليلى ما تفعله سوى اللعب على هاتفها المحمول المستورد في مكتبها الخالي من الزبائن.

وتقول ليلى quot;كما ترى، الأعمال كاسدة. الصيف الماضي، كنت أقضي الوقت على الهاتف لكي أشرح لزبائني إن كل الرحلات مشغولة. أما اليوم، فتراجع عدد الزبائن بحوالى الثلثين، وعندما يحالفنا الحظ، نصل بشق الأنفس الى ملء مقاعد الرحلاتquot;.

والرحلات والسفر هي وسائل الترفيه الأولى التي تخلت عنها الطبقة المتوسطة الايرانية أمام الأزمة والتضخم المتصاعد منذ عامين بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على ايران لحملها على التراجع عن برنامج تخصيب اليورانيوم.

ومن مظاهر الأزمة ارتفاع سعر صرف الدولار بنسبة 50% منذ بداية خريف 2011. وتقول ليلى quot;لقد تضاعفت أسعار الرحلات في حين يتضاءل عدد القادرين على السفر يوما بعد يومquot;.

وعدا عن انهيار الريال الإيراني الذي لم يعد بوسع البنك المركزي الايراني حمايته مع افتقاره العملات الأجنبية، أدى الارتفاع الكبير في اسعار البضائع المستوردة الى تسارع التضخم الذي يغذيه كذلك قرار الحكومة إلغاء دعم بعض السلع بهدف الاقتصاد في النفقات.

وتقر السلطات بأن التضخم ارتفع بنسبة 22% بالمعدل السنوي، لكن الخبراء المستقلين وبعض البرلمانيين يقولون إن المعدل الحقيقي أعلى من ذلك بمرتين على الأقل.

ولم يعد بوسع الإيرانيين استخدام بطاقات الائتمان الدولية، كما يواجهون مشكلات في الحصول على العملات الاجنبية حيث لم تعد البنوك تسمح سوى ببيع مبالغ قليلة لا تتجاوز الف دولار للمسافر في السنة.

ويقول الضابط السابق والسائق اردشير البالغ من العمر ستين عاما ان quot;القوى الكبرى تضغط علينا (..) اكره الضغوط ولكن (الرئيس محمود) احمدي نجاد اعطاهم ذريعة ممتازة من خلال تصريحاته التي اعتبر فيها المحرقة خرافةquot;.

ويضيف quot;لا اعرف إن كان علي أن اصب غضبي على السياسيين الذين يحركون اللعبة. الأمر الأكيد انني اليوم أعمل 12 الى 15 ساعة يوميا لأسدد مصاريف دراسة ابنتي في الجامعةquot;.

وبالقرب من مخبز، تشكو منيجه البالغة من العمر 43 عاما والزوجة لموظف متقاعد، من ارتفاع اسعار الخبز بنسبة 20% منذ بداية حزيران (يونيو).

وقالت quot;ارتفع سعر الخبز والجبنة والحليب. علي أن اخفف النفقات غير الضرورية. من قبل كنت أشتري لابنتي الصغيرة مشروب الشوكولاته لتتناوله على الفطور أما الآن فلا اشتريه سوى مرة في الشهر. كل هذا بسبب العقوباتquot;.

لكن العديد من الإيرانيين الفقراء يحملون سياسة الحكومة مسؤولية ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الرئيسة والوقود. وتتعرض الحكومة لانتقادات حتى في معسكر الرئيس المحافظ احمدي نجاد.

وقال رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في تصريحات سابقة في حزيران/يونيو ان مستوى التضخم المرتفع يسبب quot;مشكلات نفسيةquot; في المجتمع. واضاف quot;لو كانت هناك سياسة سليمة ومنسجمة، لاختلف الوضع الاقتصادي لبلادنا لانها غنية بالمواردquot;.

ويواصل المسؤولون الايرانيون في العلن القول بأن العقوبات الدولية غير مؤثرة، كما يذهب احمدي نجاد الى حد انكار وجود ازمة اقتصادية.

لكن ضمن الدوائر المغلقة، يعترف هؤلاء بان اغلاق القنوات المصرفية العالمية ووقف تدفق الاستثمارات الغربية واخيرا الحظر الأوروبي على النفط الايراني، سبب اضرارا كبيرة لايران، حتى ان البعض منهم يتحدثون عن quot;اقتصاد حربquot;.