قدر خبير إقتصادي قيمة فاتورة استهلاك المصريين في شهر رمضان بنحو مليار دولار، مرجعاً إرتفاع الفاتورة إلى الإقبال التقليدي على الشراء خلال هذا الشهر، فضلاً عن إرتفاع الأسعار، وجشع التجار، بما يتنافى وأهداف الشهر الفضيل، الذي يراعي بقوة شعور الفقراء. فيما قال خبير آخر إن قيمة الطعام المهدر في شهر رمضان في الدول العربية يكفي لإطعام الجوعي في الصومال لمدة عام كامل، داعياً إلى ضرورة ترشيد الإستهلاك.


التبضع في رمضان

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قال الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الإقتصادية والسياسية في دراسة له، إن قيمة استهلاك المصريين في شهر رمضان بلغت 2 مليار دولار.

مشيراً إلى أن انخفاض أسعار صرف اليورو والدولار، كان من المفترض أن يقود إلى تراجع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية في رمضان، إلا أن ذلك لم يحدث، رغم التراجع في الإقبال على الياميش هذا العام بنسبة تتراوح ما بين 30 إلي 40%.

وأضاف عامر إن قيمة فاتورة ياميش رمضان لعام 2012 تقدر بحوالى 40 مليون دولار، منوهاً بأن هناك تراجعاً في قيمة فاتورة رمضان هذا العام عن سابقه، حيث بلغت في عام 2011، حوالى 80 مليون دولار، و100 مليون دولار في عام 2010.

تأُثر الإحتياطي النقدي
وأضاف عامر أن شهر رمضان ارتبط بوجود الياميش والمكسرات والكنافة والقطايف، لافتاً إلى أن تكاليف فاتورة ياميش رمضان تسددها مصر كل سنة من الأرصدة الاجنبية للعملة،rlm; مما يؤثر على الإحتياطي النقدي من العملات الأجنبية.

وأشار إلى أن الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء في نهاية الثمانينات أصدر قراراً بمنع استيراد الياميش من الخارج، لأنه كان يكلف الدولة فاتورة تتجاوز حوالى الـrlm;600rlm; مليون دولار في حينها.

ونبه عامر إلى أنه رغم توقيع اتفاقية الكوميسا مع الدول الأفريقية، وهي المورد الرئيس لياميش رمضان، سواء الزبيب أو اللوز أو البندق أو الجوز (عين الجمل) أو الشاي أو البن، إلا أن الأسعار لم تنخفض، وأرجع ذلك إلى جشع التجار والمستوردين، الذين يقومون بالاستيراد بدون جمارك، ورغم ذلك يتم البيع بأسعار مرتفعةrlm;.rlm;

إرتفاع الإنفاق
وأفاد عامر بأن هناك ارتفاعًا في الإنفاق على الطعام والشراب وبعض الخدمات الأساسية بين الأسر الفقيرة من إجمالي دخل الأسرة، مشيراً إلى أن هناك إنخفاضًا تدريجيًا في نسبة الإنفاق على الطعام، حسب المستوى التعليمي لرب الأسرة في كل من الحضر والريف، موضحاً أن النسبة كانت rlm;31.8 %rlm; بين رؤساء الأسر الحاصلين على مؤهل جامعي، فأعلى في الحضر مقابلrlm;42.1%rlm; في الريف.rlm;

في حين بلغت نسبة المنفق علي الطعام والشراب rlm;45.7%rlm; بين رؤساء الأسر الأميين في الحضر مقابل rlm;51.3%rlm; في الريف. وأضاف أن نسبة المنفق على اللحوم تأتي في المرتبة الأولى في كل من الحضر والريف، حيث بلغت rlm;26.6rlm; في الحضر مقابل rlm;25.2%rlm; في الريف،rlm; وترتفع هذه النسبة في الحضر، بارتفاع المستوى المعيشي للأسرة، ولكنها تتذبذب بين الارتفاع والانخفاض في الريفrlm;.rlm;

بمقارنة إنفاق الأسرة على الطعام والشراب مع الإنفاق على بعض الخدمات الأساسية الأخرى، المسكن ومستلزماته،rlm; مثل الخدمات والرعاية الصحيةrlm;، الانتقالات والاتصالاتrlm;، قال عامر إن نسبة المنفق على الطعام والشراب في المرتبة الأولى rlm;43.6%،rlm; يليها نسب المنفق على المسكن ومستلزماته rlm;17.6%،rlm; ثم نسبة المنفق على الانتقالات والاتصالات rlm;7%،rlm; تليها نسبة الانفاق على الخدمات والرعاية الصحية rlm;6.4%rlm;.

200 دولار
وقال عامر لـquot;إيلافquot; إن متوسط إنفاق المصري على الطعام 42% من إجمالي إنفاقه، فيما لا يتجاوز متوسط الدخل لمعظم الأسر حدود المائتي دولار شهرياً.

وأشار عامر إلى أن السبب في إرتفاع نسب الإنفاق على الطعام لدى الفقراء مقارنة بالأغنياء يعود إلى قلة متوسط الدخل مقارنة بإرتفاع اسعار السلع الغذائية، وفي المقابل فإن الأغنياء لا يتأثرون كثيراً بإرتفاع الأسعار، لأن نسب ارتفاع الدخل تكون أكبر.

ولفت عامر إلى أن عدم إنضباط السوق وغياب الرقابة عليه وراء إرتفاع الأسعار وزيادة جشع التجار، لاسيما في شهر رمضان، الذي ارتبط كثيراً بالتنوع في الطعام والشراب، رغم أن الهدف منه مراعاة مشاعر الفقراء.

حمى الإستهلاك
فيما يرى الدكتور صلاح محمود أستاذ الإقتصاد في جامعة الأزهر أن شهر رمضان تحول من فرصة إلى ترشيد الإستهلاك إلى فرصة لزيادة الإستهلاك في الطعام والشراب، بما يتنافى مع التعاليم الإسلامية، والهدف الذي شرع المولى عز وجل رمضان من أجله.

وقال محمود لـquot;إيلافquot; إن معدلات الإستهلاك في شهر رمضان تزيد بمعدل يتراوح من 150 إلى 250% على أي شهر آخر، ليس في مصر فقط، بل في غالبية الدول العربية والإسلامية.

ونبه إلى أن هناك إهدارًا في الطعام والشراب في شهر رمضان في الدول العربية يكفي لإطعام جوعى الصومال لمدة عام كامل، وحذر مما وصفه بحمى الشراء، لاسيما في منطقة الخليج، مشيراً إلى أن منطقة الخليج تحولت إلى أكبر مستهلك لكل السلع في العالم، لدرجة إن بعض المصانع والشركات العالمية صارت تنتج لتلك الدول فقط، ومنها شركات العطور والمكياج والموضة، والمطاعم التي ترسل الطعام ساخناً بالطائرات إلى بعض الأثرياء. ودعا محمود إلى ضرورة ترشيد الإستهلاك حفاظاً على الثروة، وعدم إهدارها، وتوجيهها إلى ما ينفع الناس.