يعاني المستوردون الإيرانيون الأمرين بسبب شح العملات الأجنبية، واضطرارهم إلى التأخر عن إستلام بضائعهم، بسبب تراجع أسعار النفط عالميًا، وقبضة العقوبات الاقتصادية القاسية.

إعداد عبدالاله مجيد: أكد تجار استيراد ايرانيون انهم يعانون في الحصول على العملة الأجنبية من البنك المركزي لشراء سلع اساسية من الخارج، بسبب هبوط اسعار النفط من جهة، والعقوبات الدولية المفروضة على ايران من جهة أخرى.

تأخير الدفع

وقال مستورد بضائع أساسية: "عشرات السفن تنتظر الآن في ميناء بندر عباس، ويطول انتظارها اسابيع احيانًا، رافضة إفراغ حمولاتها قبل أن تُدفع اثمانها، والتجار الايرانيون يدفعون رسومًا تصل إلى 30 الف دولار في اليوم عن هذا التأخير".

وكانت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني اتخذت منذ انتخابه في صيف 2013 اجراءات لتنظيم عملية توفير العملة الصعبة للتجار المتعاملين مع الخارج. لكن ثمة مستوردين يقولون انهم بعد عام من انتظام هذه المدفوعات من العملة الصعبة، التي كانت تُقدم اليهم في غضون فترة لا تزيد على اسبوع، عادوا الآن إلى نوبات تأخير تمتد شهرًا كاملًا، ما يتسبب في انقطاع تدفق السلع إلى السوق الايرانية.

إحساس باليأس

وقال تاجر يقيم في سويسرا لصحيفة فايننشيال تايمز: "الوضع ازداد تفاقمًا مع هبوط اسعار النفط، فالبيوت التجارية الكبيرة تستطيع أن تتحمل رسوم التأخير وتعوض عنها بصفقات لاحقة، لكن التجار الصغار الذين يرسلون شحنات اقل إلى ايران ليس لديهم من خيار سوى الاحتفاظ ببضاعتهم، لأنهم إذا سلموا شحناتهم قبل الدفع لن تكون لديهم ضمانة بالمقابل".

وكان تمديد المفاوضات النووية مع مجموعة القوى الدولية الست حتى حزيران (يونيو) المقبل، مقترنًا بهبوط اسعار النفط في الأسواق العالمية، أشاع احساسًا باليأس بين التجار الايرانيين. وأصبح التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج ايران النووي يخفف العقوبات أشد الحاحًا، إزاء هبوط اسعار النفط ومعدلات تضخم تبلغ نحو 17 بالمئة وبطالة بين الشباب نسبتها زهاء 23 بالمئة.

نفدت بطاريات طهران

اعترف وزير الاقتصاد الايراني علي طيب نيا أخيرًا بأن هبوط اسعار النفط أوجد "ظروفًا حرجة" للاقتصاد الايراني، ونتيجة لذلك فإن ايران تخوض "حربًا اسوأ" من حربها مع العراق في ثمانينات القرن الماضي.

وأضاف: "الحكومة تعيد النظر في ميزانية السنة المالية الجديدة التي تبدأ في آذار (مارس) بخفض عائداتها النفطية المتوقعة من 70 دولارًا إلى 40 دولارًا للبرميل". وقال مستشار الحكومة الايرانية للشؤون الاقتصادية مسعود نيلي إن ايران لن تستطيع وقف ارتفاع البطالة، حتى إذا حققت نموًا في اجمالي الناتج المحلي إلى 6 بالمئة، مقارنة مع 4 بالمئة حاليًا.

وقال المستشار المالي روكي انصاري: "لا خيار امام البنك المركزي سوى شد الأحزمة على البطون مسبقًا، فهو يعرف أن ايراداته ستنخفض ويحاول منع حدوث هزة كبيرة". وقال مستورد ايراني آخر: "الحقيقة أن بطاريات ايران نفدت".

طرق تحويل تقليدية

واشارت صحيفة فايننشيتال تايمز إلى أن نائب محافظ البنك المركزي لشؤون العملات الأجنبية غلام علي كمياب قال: "ان العملات الصعبة تُخصص بسرعة من حسابات يابانية وبنوك هندية وصينية وكورية جنوبية وبامكان التجار أن يستخدموا هذه القنوات"، من دون أن يعطي تفاصيل اخرى.

وتأتي مشاكل التجار الايرانيين مع العملات الأجنبية علاوة على التكاليف الاضافية التي يتحملونها اثناء محاولتهم تجنب العقوبات المصرفية، بلجوئهم، على سبيل المثال، إلى طرق تحويل تقليدية تعتمد على الوسطاء أو التعامل عن طريق وسطاء من جنسيات أخرى.

وقال رجل اعمال في مجال النقل البحري إن هذه التكاليف مرتفعة، موضحًا: "إذا أردتَ شحن طن من البضائع من هامبورغ الآن، عليك أن تدفع 120 يورو، في حين أن الشحنة نفسها تكلف 42 يورو للطن الواحد إذا كانت وجهتها ميناء جبل علي في الامارات".