بعد ان أغوى اليونانيين بقوة خطابه وحذقه السياسي في كانون الثاني/يناير ليصبح اول رئيس حكومة يساري راديكالي في اوروبا، يواجه الكسيس تسيبراس الآن، بعد مرور سبعة اشهر وتراجع موقفه امام الدائنين، تحديا يتمثل في استعادة هذه الثقة.
اثينا: بعد ستة اشهر من المفاوضات المضنية مع منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي لانقاذ اليونان من الافلاس وبقائها في منطقة اليورو، والمناورات بين متمردي اليسار ويمين في المرصاد، خفت حيوية الزعيم الكاريسمي صاحب الابتسامة الفتية في الاونة الاخيرة في مؤشر ربما يكون عائدا الى بعض الوهن.
وذلك على صورة ناخبيه المدعوين الاحد للمرة الثالثة منذ كانون الثاني/يناير لاعطاء تسيبراس القاعدة التي يطالب بها من اجل اصلاح اليونان في العمق وطي صفحة الازمة التي تغرق فيها منذ 2010.
وقد دعا اصغر رئيس وزراء لليونان منذ 150 عاما الى هذا الاقتراع اثر تقديم استقالته في 20 اب/اغسطس بحجة استعادة الشرعية الضرورية بعد ان تخلى عنه الجناح اليساري في حزبه، مما حرمه من الغالبية البرلمانية.
لكن رئيس الوزراء المستقيل البالغ 41 عامًا فقط من العمر يعتبر الاكثر قدرة على الحكم متقدمًا في استطلاعات الرأي على منافسه المحافظ ايفانغيلوس ميماراكيس الذي يناهز الستين. ولعل ذلك اعتراف برباطة جأشه ودمه البارد ومهارته السياسية التي ابداها، ولو مكرها، حتى في العواصم الاوروبية.
وهذا المناضل منذ ايام المدرسة الثانوية بدءا بانخراطه في الشبيبة الشيوعية، لا يزال بامكانه ان يفخر باستقامته التي تتباين بشكل صارخ مع سمعة الطبقة السياسية في اليونانية. وهو يبقى وفيا في حياته الشخصية لالتزاماته، فلا ربطة عنق في اي مناسبة ولا عقد زواج، فيما لا يزال تسيبراس الذي يحمل شهادة في الهندسة المدنية يعيش بالمساكنة مع رفيقة له في المدرسة هي ام ولديه.
لكن موجة الحماسة والامل التي حملته الى الحكم في كانون الثاني/يناير على اساس وعد بالانتهاء من حالة التقشف ووصاية الجهات الدائنة، خفت بسرعة عندما اضطر في 13 تموز/يوليو الموافقة على خطة مالية ثالثة لانقاذ بلاده مقابل قائمة طويلة من الاصلاحات والتدابير الاقتصادية. وذلك بعد ان ركز حملته على انهاء الاملاءات.
وفي الاسبوع السابق واثناء استفتاء نظمه الكسيس تسيبراس نفسه، رفض اليونانيون بغالبية 62% سياسة التقشف التي فرضها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.
وهو فوز ساطع ومربك في آن وسط التوتر الشديد مع دائني البلاد بعد فرض مراقبة على الرساميل لا تزال سارية وتهديدات واضحة بخروج اليونان من منطقة اليورو لم يحل دونها سوى الرضوخ في 13 تموز/يوليو.
ولم يلاحظ التوتر والتعب على ملامح تسيبراس سوى هذا الاسبوع بعد سبعة اشهر من التقلبات اليومية والخطب النارية واللقاءات المتوترة والمناقشات البرلمانية الماراتونية الليلية عموماً.
لكن يبدو ان لا شيء سيوقف حركة هذه الالة السياسية. فقد اوضح امام الناخبين انه اضطر للتراجع وتوقيع اتفاق مالي "مؤلم جدا" بضغط "قوى غير متناسقة" حيث ارغم على خوض النضال في اوروبا يمينية بغالبيتها ومؤيدة لسياسة مالية متشددة على الطريقة الالمانية. وهو يؤكد انه اختار اعلاء "مصلحة الشعب فوق كل اعتبار".
ولا يزال يطالب خاصة بهامش مناورة لتنفيذ الالتزامات التي تعهد بها امام الدائنين باكبر قدر من الانصاف والعدالة الاجتماعية والفعالية، وللتفاوض اعتبارا من هذا الخريف باعادة هيكلة الدين اليوناني.
واكد تسيبراس المعجب بتشي غيفارا اثناء اول نقاش حملة ان "النضال مستمر".
وقد ولد تسيبراس في اثينا في تموز/يوليو عام 1974 بعد ايام على سقوط الحكم العسكري. وبعد انخراطه في مرحلة اولى في الشبيبة الشيوعية اليونانية انضم الى حزب سياسبيسموس الشيوعي الاوروبي الصغير المطالب بعولمة مغايرة.
ثم انتخب في سن الثالثة والثلاثين رئيسًا لهذا الحزب الذي تحول في العام نفسه في 2008 الى تحالف لعدة منظمات واحزاب يسارية تحت اسم سيريزا الذي لا يبدو فوزه مضمونًا مسبقًا في الانتخابات.
التعليقات