لندن: لعب ارتفاع نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات البريطانية، مدفوعا بالتصويت المفاجئ لصالح خروج لندن من الاتحاد الاوروبي العام الماضي، دورا رئيسا في سحب الأغلبية البرلمانية من رئيسة الوزراء تيريزا ماي، بحسب ما أكد مراقبون الجمعة.
ودفعت الحملة الانتخابية النشطة التي قام بها زعيم حزب العمال ذو الخطابات النارية جيريمي كوربن والغضب السائد في أوساط العديد من الناخبين بشأن الخطط الضبابية للانسحاب من الاتحاد الاوروبي، الشباب البريطانيين إلى التدفق نحو مراكز الاقتراع.
واستغل كوربن، اليساري البالغ من العمر 68 عاما، مشاعر العداء للمؤسسة التقليدية لقيادة حزب العمال نحو كسب 29 مقعدا في مجلس العموم مخالفا جميع التوقعات.
وعقب حملة تميزت بالمسيرات والاحتفالات الموسيقية، قال كوربن إن نجاحه كان مبنيا على الرغبة في التغيير.
ووسط هتافات أنصاره، أكد كوربن أن "السياسة لن تعود إلى الصندوق الذي كانت فيه سابقا".
وأضاف أن "ما حصل هو أن الناس أعلنوا أنهم لن يتحملوا المزيد من السياسات التقشفية وعدم منح شبابنا الفرصة التي يستحقونها في مجتمعنا".
وأفاد استطلاع لمجلة "ان ام اي"، التي نشرت مؤخرا صورا لكوربن على غلافها، أن 56 بالمئة من الناخبين البالغين أقل من 35 عاما أدلوا بأصواتهم.
وأظهر هؤلاء تأييدا عارما لحزب العمال بلغت نسبته 60 بالمئة، بحسب احصاء شمل 1354 ناخبا شارك 36 بالمئة منهم لأول مرة.
واعتبر نصفهم أن بريكست شكل "عاملا رئيسا" أثّر في قرارهم المشاركة في الانتخابات.
ورغم عدم صدور تفصيل رسمي لاتجاهات التصويت بعد، إلا أن الأرقام الرسمية أظهرت زيادة في تسجيل الشباب للمشاركة في الانتخابات وزيادة نسب المشاركة في المقاطعات حيث توجد أعداد كبيرة من الناخبين الشباب.
وفي المقابل، شارك 45 بالمئة فقط من الناخبين البريطانيين الذين راوحت أعمارهم بين 18 و34 عاما في انتخابات عام 2015، مقارنة بنسبة 84 بالمئة في أوساط من هم فوق الـ55 عاما، وهو ما اعتبرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أكبر فجوة في العالم الغربي.
ويقول خبير العلوم السياسية جون كورتيس من جامعة ستراثكلايد إن "توجه الداعمين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي والناخبين الشباب نحو حزب العمال يفسر سبب خسارة المحافظين للأغلبية".
ثأر
ويشير معلقون إلى أن كوربن نجح في تقديم نفسه على أنه بديل حقيقي للسياسة بشكلها التقليدي.
ويرجعون سبب ذلك إلى مثاليته والكاريزما القريبة من الناس التي يتمتع بها إضافة إلى تواجده بشكل كثيف على مواقع التواصل الاجتماعي، والدعم الذي حظي به من المشاهير مثل المغنية ليلي آلين والممثل الكوميدي ريكي جيرفيه وغيرهم الذين روجوا لما أصبح يعرف بـ"كوربن-مانيا" أو "ظاهرة كوربن" بين الشباب.
وكثرت المقارنات بينه وبين قدرة السناتور الأميركي اليساري بيرني ساندرز على كسب دعم الشباب أثناء محاولة الأخير الفاشلة للوصول إلى البيت الأبيض العام الماضي.
وكتبت ريانون لوسي كوسليت في صحيفة "ذي غارديان" أن "جيريمي كوربن يروق لجيل من الشباب يشعر بأنه لم يعرف قط في السابق سياسيا صادقا وجديرا بالاحترام".
وكتبت صحيفة "دايلي ميرور" التابلويد والمؤيدة لحزب العمال أن "نتيجة الليلة الماضية تظهر أن الشباب ثأروا بعض الشيء" من تفويض ماي لخوض "+بريكست قاس+".
ومن ناحيتها، تحدثت "ذي ايكونومست" عن انقسام في الأجيال في بريطانيا بين الناخبين الشباب غير المتأكدين من مواقفهم مقابل أولئك الذين ولدوا خلال فترة طفرة المواليد التي أعقبت الحرب العالمية الثانية والمتهمين من قبل الشباب بالأنانية وعدم اتخاذ مواقف سياسية صادقة.
واهتم كوربن خلال حملته بقضايا معينة تعني الشباب، بينها التعهد بخفض أقساط الدراسة الجامعية وسن التصويت، وتحسين حقوق التوظيف للمتدربين.
فشل في التواصل مع الشباب
واكد العديد من الناخبين الشباب انهم فوجئوا بمدى قدرتهم على تغيير نتيجة الانتخابات بعدما توقعت معظم استطلاعات الرأي فوزا حاسما لصالح ماي.
وقالت جيما بيل (23 عاما) لوكالة فرانس برس في وايكفيلد بشمال انكلترا "اعتقدت أنها ستفوز. سمعت بالعديد من الأشخاص الذين سيصوتون لها وفكرت في أن العمال لن يحصلوا على شيء الآن، ولكنني سعيدة لأن لدى العمال فرصة الآن".
وأضافت "أعرف العديد من الأشخاص الذين لم يصوتوا العام الماضي وأعتقد أنهم أيقنوا أننا سنتضرر اذا لم يشاركوا،" في إشارة إلى استفتاء يونيو الماضي بشأن بريكست.
أما غاس ماكاي، وهو ناخب يبلغ من العمر 38 عاما صوت لصالح المحافظين، فقال إنه "محبط" من فشل ماي في التواصل مع الناخبين الشباب.
وأضاف "لم تبذل جهدا كافيا. الشباب يرغبون في ان يتواصل السياسيون معهم في شكل اكبر. يبدو أن كوربن قام بعمل أفضل" على هذا الصعيد.
التعليقات