مينسك: تزايدت عزلة بيلاروس مع دخول قرار تجنب مجالها الجوي حيز التنفيذ رداً على نظام الرئيس الكسندر لوكاشنو المتهم بتحويل مسار طائرة وتوقيف معارض كان بين ركابها.
واستجاب عدد من شركات الطيران لتوصيات الاتحاد الأوروبي بتجنب الطيران في المجال الجوي البيلاروسي وأغلق المجال الجوي الاوروبي أمام الطائرات البيلاروسية.
ويعقد مجلس الامن الدولي الاربعاء اجتماعا طارئا مغلقا وغير رسمي يبحث فيه الازمة مع بيلاروس، وفق ما افادت مصادر دبلوماسية، فيما يواصل القادة الأوروبيون التعبير عن غضبهم.
واكد وزير الخارجية الالماني هايكو ماس الثلاثاء أن على الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشنكو "أن يدفع ثمنا باهظا" لـ"عمله المخزي".
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء في بروكسل أن "سياسة العقوبات" بلغت "حدودها" حيال بيلاروس.
ويعود السبب إلى قرار بيلاروس الأحد ارسال مقاتلة لاعتراض طائرة تابعة لشركة راين إير كانت تقوم برحلة بين اثينا وفيلنيوس، عاصمتي دولتين من الاتحاد الأوروبي، اثناء عبورها المجال الجوي البيلاروسي.
وبررت مينسك اعتراض الطائرة بتلقيها إنذارا بوجود قنبلة تبيّن لاحقا أنه كاذب. وتم في هذا السياق توقيف الصحافي المعارض رومان بروتاسيفيتش المدرج منذ تشرين الثاني/نوفمبر على لائحة الأشخاص "الضالعين في أنشطة إرهابية" في بيلاروس وصديقته صوفيا سابيغا.
وأوضحت هيئة الطيران في وزارة النقل في بيان، أن ممثلي الوكالات بما فيها منظمة الطيران المدني الدولي، دعوا "إلى مزيد من التحقيقات في ظروف" الحادث.
وأصدرت وزارة النقل البيلاروسية الثلاثاء نص احاديث متبادلة أظهر أن برج مراقبة الحركة الجوية في بيلاروس أبلغ رحلة "راين إير" المتجهة إلى فيلنيوس بوجود قنبلة فيها واقترح تحويل مسارها إلى مينسك.
وأصدرت هيئة الطيران في وزارة النقل البيلاروسية نسخة مما قالت إنه محادثة بين مطار مينسك وطيار "راين إير".
ومن المقرر أن يتحدث لوكاشنكو الذي التزم الصمت حول هذه القضية حتى الآن الأربعاء أمام البرلمان.
من جهتها، دعت المعارضة البيلاروسية التي أغلب ممثليها في المنفى أو في السجن الثلاثاء إلى مزيد من الضغط، وطلبت زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا، الموجودة في ليتوانيا، من الولايات المتحدة "عزل النظام والضغط عليه من خلال عقوبات".
وقالت في منشور منفصل على قناتها في "تلغرام"، إنها طلبت دعوة المعارضة البيلاروسية لحضور قمة مجموعة السبع الشهر المقبل في بريطانيا. وأيد ماكرون ذلك.
وبروتاسيفيتش (26 عاما) مؤسس مشارك لقناة "نكستا" على "تلغرام" التي ساهمت في تنظيم الاحتجاجات التي مثّلت التحدي الأكبر لحكم لوكاشنكو المستمر منذ 26 عاما.
وبث التلفزيون الحكومي البيلاروسي مساء الاثنين شريط فيديو مدته 30 ثانية لبروتاسيفيتش يؤكد أنه في أحد سجون مينسك و"يعترف" فيه بتهمة تنظيم اضطرابات جماعية.
وأظهر المقطع بروتاسيفيتش الذي قد يواجه حكما بالسجن لمدة 15 عاما، مع علامات داكنة واضحة على جبهته، قائلا إنه كان يعامل "وفقا للقانون".
ودعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء إلى "الإفراج الفوري" عن المعارض البيلاروسي معتبرا أن الفيديو الذي نشرته السلطات البيلاروسية "مؤلم جدا".
وطالب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالإفراج الفوري عن بروتاسيفيتش وصديقته صوفيا سابيغا.
وأعلنت منظمة مراسلون بلا حدود الثلاثاء أنها تقدّمت بشكوى في ليتوانيا ضد لوكاشنكو تتّهمه فيها بتحويل مسار طائرة "لأغراض إرهابية"، وذلك على خلفية إجبار طائرة أوروبية على الهبوط وتوقيف صحافي معارض كان على متنها.
وقال ديمتري بروتاسيفيتش، والد المعارض المسجون، لوكالة فرانس برس في بولندا إنه لم يتمكن من الاتصال بابنه منذ السبت، ولم يبد على طبيعته في الفيديو.
وأضاف "من الواضح أنه تعرض لأذى جسدي لأنه يمكن رؤية علامات ضرب على وجهه.إنه لا يتكلم هكذا عادة. لم تكن هذه كلماته... كان يقرأ شيئا طلب منه قراءته".
وتم توقيف صديقة المعارض لمدة شهرين، وفق ما ذكر محاميها لوكالة فرانس برس. ووجهت لها تهمة "ارتكاب جرائم بين آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2020" وهي الفترة التي شهدت أعنف التظاهرات.
وقالت روسيا إن بيلاروس تصرفت بشكل منطقي وضمن القانون عندما تم تحويل مسار الطائرة.
وأعرب الكرملين الثلاثاء عن "أسفه" لخطط أوروبا قطع الروابط الجوية مع بيلاروس وتجنب مجالها الجوي معتبرا أن المسافرين هم من سيدفعون الثمن.
وانضمت "إير فرانس" و"فين إير" و"سينغابور إيرلاينز" الثلاثاء إلى قائمة شركات الطيران التي علقت رحلاتها فوق بيلاروس بعد "ساس" الاسكندينافية و"لوفتهانزا" الألمانية و"إير بلتيك" ومقرها في لاتفيا. قالت المنظمة الأوروبية للنقل الجوي "إيرو كونترول" إن ما يقرب من 2000 طائرة تقوم برحلات تجارية تستخدم هذا المجال الجوي كل أسبوع.
ويخضع لوكاشنكو (66 عاما) الذي يحكم بيلاروس بقبضة حديد منذ أكثر من عقدين وحلفاؤه لسلسلة من العقوبات الغربية بسبب حملة قمع وحشية ضد احتجاجات المعارضة أعقبت إعادة انتخابه لولاية سادسة في آب/أغسطس الماضي.
وفرضت السلطات في الأشهر الأخيرة سلسلة من الأحكام بالسجن على عدد من منظمي الاحتجاجات والمشاركين فيها والصحافيين.
وحُكم على سبعة ناشطين، بينهم المعارض البارز بافيل سيفرينيتس، الثلاثاء بالسجن لمدد تراوح بين أربع وسبع سنوات بعد إدانتهم بتهمة المشاركة في "اضطرابات جماعية".
التعليقات