بيروت: استمع قضاة فرنسيون الإثنين للرئيس السابق لتحالف رينو-نيسان كارلوس غصن في بيروت التي فرّ إليها قبل أكثر من عام آتيا من اليابان وذلك في اليوم الأول من جلسات تجري في إطار قضيتين فتحتا بحقه في نانتير وباريس.

وعلى جدول أعمال الاستجواب الذي يمتدّ خمسة أيام، حفلان في قصر فيرساي، أحداهما يُعتقد أنه أقامها للاحتفال بعيد ميلاده الستين، ومدفوعات لموزع تجاري في سلطنة عمان بالإضافة إلى خدمات استشارية عندما كان غصن لا يزال الرئيس التنفيذي لتحالف رينو-نيسان.

انتهى اليوم الأول من جلسات الاستماع التي بدأت عند الساعة العاشرة صباحاً (السابعة بتوقيت غرينيتش) في محكمة التمييز في بيروت وتخللتها استراحة، قبيل الساعة 18,00 بحسب مصدر قضائي. ويستأنف الاستماع الى غصن كشاهد الثلاثاء عند الساعة 10,00 بحسب المصدر نفسه.

ووصل غصن الى قاعة المحكمة بعيدا من الأنظار وغادر بدون أن يراه الصحافيون خارج المبنى.

وقال أحد محاميه جان-إيف لو بورني للصحافيين في ختام اليوم الأول "إنها فرصة كان غصن ينتظرها منذ فترة طويلة ليثبت ان الاتهامات الموجهة ضده لا أساس لها".

وقال محام آخر هو جان تامالي "هي المرة الأولى التي يتمكن فيها موكلنا من الحديث أمام قضاة مع محاميه جالسين بقربه وبعدما حضر دفاعه".

ويضم الفريق الفرنسي قضاة تحقيق من نانتير وباريس ومحققين من المكتب المركزي لمكافحة الفساد والمخالفات المالية والضريبية في فرنسا.

ويحضر جلسة الاستماع إلى غصن المحامي العام التمييزي اللبناني القاضي عماد قبلان.

ورجل الأعمال السابق المستهدف بمذكرة توقيف دولية صادرة عن الانتربول، مرغم على البقاء في لبنان منذ فراره من اليابان في كانون الأول/ديسمبر 2019.

ومن المقرر أن يستمر استجواب غصن حتى الجمعة.

وأوضح مصدر قضائي لبناني لوكالة فرانس برس أن الوفد الفرنسي سيستمع لغصن يومياً لثماني ساعات يتخللها استراحة غداء، بين الساعة العاشرة صباحاً والسادسة مساء.

أوقف غصن في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 على مدرج مطار طوكيو واحتُجز لأشهر عدة ثم أُفرج عنه بكفالة مالية مع منعه من مغادرة الأرخبيل بانتظار محاكمته لشبهات باختلاس أموال من شركة نيسان، إلا أنه نجح في الالتفاف على مراقبة السلطات اليابانية.

ويُشتبه في أنه اختبأ داخل صندوق كبير أسود يشبه الصناديق المستخدمة لنقل الآلات الموسيقية ونُقل في طائرة خاصة عبر مطار أوساكا إلى مطار أتاتورك في اسطنبول ومنه إلى مطار بيروت. وأكد رجل الأعمال الفرنسي اللبناني البرازيلي أنه "لم يفرّ من العدالة" إنما أراد "الهروب من الظلم" مندداً بـ"مؤامرة" دبّرتها السلطات اليابانية ضده.

لم يسهّل هذا الوضع عمل المحققين الفرنسيين الذين يرغبون أيضاً في استجواب قطب صناعة السيارات السابق، خصوصاً بسبب شبهات باستغلال أصول شركة: ففي تموز/يوليو 2020 طلب قاضي تحقيق الاستماع إليه، لكن غصن أكد أنه ليس بامكانه مغادرة لبنان.

وقرر القضاة آنذاك التوجه إلى لبنان لاستجوابه في كانون الثاني/يناير. إلا أن الجلسة أُرجئت إلى الربيع بسبب القيود الصحية المرتبطة بفيروس كورونا.

في نانتير، يشتبه القضاء في أن غصن استفاد شخصياً من اتفاق أبرم بين رينو والمؤسسة التي تدير قصر فرساي بتنظيمه أمسيتين لمناسبتين خاصتين.

وكذلك ينظر المحققون في قضية مدفوعات مشبوهة تبلغ قيمتها ملايين اليوروهات بين شركة "ار ان في بي" الفرع الهولندي لتحالف رينو ونيسان وموزع شركة تصنيع السيارات الفرنسية في سلطنة عمان "سهيل بهوان للسيارات".

في آخر تطوّر لافت، تقدّمت مساهمة في رينو بشكوى قضائية جديدة في حق غصن في 18 أيار/مايو، حول "مبالغ كبيرة" سددت "من دون علم المساهمين" لشركة "ار ان في بي".

في باريس وبعد شكوى تقدمت بها المساهمة نفسها، يدقق قضاة التحقيق منذ العام 2019 في الخدمات الاستشارية التي أبرمتها "ار ان في بي" مع وزيرة العدل الفرنسية السابقة رشيدة داتي وخبير الجريمة الفرنسي آلان باور عندما كان غصن لا يزال الرئيس التنفيذي لمجموعة السيارات.

وتم إدراج داتي وباور اللذين ينفيان أي مخالفة في العقود، تحت صفة شاهد مساعد وكذلك الفرنسية الإيرانية منى سبهري المساعدة السابقة لغصن في شركة رينو.

وقال محامو غصن الثلاثة وهم كارلوس أبو جودة وجان-إيف لو بورني وجان تامالي، في بيان إن "فريق الدفاع سبق أن وجد في القضايا الفرنسية عيوباً إجرائية يعتبرها خطرة".

وأضافوا أن هذه العيوب "التي تضعف الآلية القضائية، تنبع من الأساليب الغريبة المعتمدة في التحقيق الياباني الذي يبقى المصدر الرئيسي للملفات الفرنسية".

وأكد المحامون أن قطب صناعة السيارات السابق البالغ 67 عاماً "الذي يُستمع إليه كشاهد، ليس لديه أي إمكانية للطعن بقانونية الإجراء"، معتبرين أن "وحده توجيه الاتهام" إلى غصن وهو أمر "تمنى" المحامون الثلاثة حصوله، سيسمح له "بالتنديد بالعيوب القضائية التي تشوب الملف و(تتيح) عقد جلسات استماع".

بتوجيه الاتهام إليه، سيتمكن غصن من الاطلاع على الملف وبالتالي معرفة التهم الموجّهة إليه، وخصوصاً تقديم التماسات على غرار طلب الحصول على رأي ثان مضاد أو الاستماع إلى شهود أو إجراء مواجهات.

إلا أن توجيه الاتهام إلى غصن لا يمكن أن يحصل ما دام خارج الأراضي الفرنسية.