أعتقد أنه في النقاش الدائر حول بيان رئاسة البرلمان العراقي عن كل من الزمان والشرقية لابد من عدم خلط الأمور بل وضع كل قضية في نصابها.
1 ـ حرية الصحافة وحدودها والالتزامات الأدبية للمهنة الصحفية.
2 .- كيف نشرت بعض وسائل الإعلام وبالتخصيص الزمان والشرقية.
3 ndash; دور البرلمان وصلاحياته.
4 ndash; لب الموضوع كله، أي قانون الأقاليم الذي هو المحور.
أما عن حرية الصحافة،، فإنها كما يعرف الجميع مقدسة، وجزء أساسي من حرية الرأي والتعبير. إن المفترض أن تلعب الصحافة العراقية دور الرقيب الأدبي على الأداء السياسي العام وأن تبرهن أنها بحق quot;السلطة الرابعةquot; كما توصف الصحافة، وأن تعنى بنشر مفاهيم العدالة والتآخي في المجتمع وليس بث كل ما يغذي الطائفية، أو ما يبرر جرائم الإرهابيين الصداميين وحلفائهم تحت شعار quot;طرد الأجنبي.quot; في الوقت نفسه، فإن لهذه الحرية المقدسة حدودا قانونية وأدبية لا يصح تجاوزها بحال وإلا فثمة القانون؛ كما مثلا القوانين التي تعاقب التشهير الشخصي والتحريض على القتل، أو بث دعايات الكراهية والعنف في المجتمع. إلا أن كثيرا من وسائل الإعلام العراقية داخلا، من رسمية وحزبية، [أقول كثيرا لا الجميع] ، لم تبرهن على أهليتها الكاملة لتحمل مسئولياتها ولعب الدور المستقل والموضوعي المطلوب، بل منها من يبشر بالطائفية بصورة من الصور، ومنها ما يوجه النار كل يوم ضد القوات المتحالفة التي هي هنا بقرارات دولية وبموافقة الحكومة،ن وحيث يعلم معظمنا أن خروجها في هذه الظروف يعني جحيما فوق جحيم.
وهنا أخصص في التعقيب على النقاش الدائر صحيفة الزمان، حيث لا أشاهد الشرقية ولا أية فضائية عراقية وعربية، لعدم وجود صحن فضائي عندي لحسن الحظ، رغم سماعي من أصدقاء نقدا للشرقية واتهاما لها بالتحيز عند نشر أخبار معينة. أما الزمان فإنني أتابع الصحيفة منذ سنوات طويلة وأقدر دورها في التسعينيات في فضح ومعارضة النظام المنهار، ولكنها كانت أحيانا تغير عناوين المقالات وكأن الكاتب وضع عنوانه بلا تفكير. وقد انزعجت تماما عند عرضها لكتابي الأخير حيث كانت عناوين ومانشيتات بعض الحلقات تخالف تماما المضمون والمتن والحقائق الواردة في كتابي. أما في السنوات الأخيرة فأقرا في الصحيفة أحيانا تقارير وأخبارا مثيرة ودقيقة، لا تعجبني طريقة عرضها للأمور في أحيان أخرى. وإذا عدنا لموضوع كيفية تغطية الصحيفة لبيان البرلمان وتركيزها على نواب أربعة لا غير، فإن من حقهم تماما التساؤل والغضب لهذا التركيز على نواب يمثلون جهة سياسية حزبية واحدة بينما هم ليسوا أصحاب مشروع القانون بل هناك عشرات النواب ممن صوتوا، وهناك طرفان أساسيان لعبا الدور الحاسم في صياغة وتمرير
القانون. وقد أثار التقرير عند نشره استغرابي شخصيا لهذا التركيز. إن تساؤل الإخوان الأربعة وغضبهم مشروعان تماما، ومن حقهم تفسير ذلك بالتحيز ضد حزب سياسي وحده. وفي رأيي، أنه كان الأفضل نشر بيان ورد توضيحيين منذ البداية بدلا من اللجوء للبرلمان الذي ليس من صلاحيته المطالبة بمعاقبة صحف بعينها والذي نعرف الأداء السلبي لرئيسه حيث لا تبعد عنا تصريحاته الإسلاموية وكلماته السوقية بهذا الصدد. إن البرلمانات تدرس وتقر، أو ترفض مشاريع قوانين وإجراءات حكومية لضبط حرية الصحافة وبعض الحريات الشخصية، وأحيانا تقييدها لدرجة ما، إن تطلبت ذلك مكافحة الإرهاب أو حالات طوارئ خطيرة، وهذا ما نجده منذ 11 سبتمبر في عدد من الدول الغربية حيث صدرت أو تبحث قوانين لتشديد الرقابة على بعض وسائل الاتصال التي راح الإرهابيون يستغلونها أسوأ استغلال لتنفيذ عمليات التفجير. كما نجد بعض الضوابط الجديدة في حرية السفر وتشديد الرقابة على السفر في الطائرات، مما تبررها ضرورات الأمن وسلامة المواطنين والممتلكات العامة، رغم إدانتها من جانب منظمات حقوق الإنسان والعفو، التي غالبا ما تتجاهل مخاطر الإرهاب ومستلزمات مكافحته بلا هوادة، والتي راحت في بعض الأحيان تركز على حقوق المعتقلين والسجناء الإرهابيين بدلا من التركيز على مآسي ضحاياهم وهول الجرائم المقترفة ضدهم. ونضيف، أنه لو كان في أخبار وتقارير صحيفة الزمان عن البيان الرئاسي ما تشم فيه رائحة تحريض وتأليب فهناك القانون الذي يمكن اللجوء إليه عند الاقتضاء.
أما عن صلب الموضوع وأعني قانون الأقاليم فيسكون موضوع مقالنا التالي