أصدرت اليوم، 5/11/ 2006، المحكمة الجنائية العليا في بغداد حكمها العادل بالإعدام شنقاً حتى الموت على أشرس جلاد عرفه التاريخ ألا وهو صدام حسين وعدد من زبانيته. ولذلك يعتبر هذا اليوم يوماً مشهوداً وخالداً ليس في تاريخ العراق فحسب، بل وفي تاريخ العالم أجمع. إنه يوم لا يقل أهمية من حيث رمزيته عن 9 نيسان 2003 الأغر الذي تم فيه إسقاط الصنم البعثي وألقى نظامه في مزبلة التاريخ وإلى الأبد، ولا يقل أهمية عن 13 كانون الأول/ديسمبر 2003، عندما ألقي القبض عليه وتم إخراجه من حفرة حقيرة ذليلاً بعيداً عن قصوره التي بلغت الستين، منفوش الشعر قذراً جباناً مرعوباً كالجرذ، دون أن يمتلك الشجاعة ليدافع عن نفسه ويموت كما يموت الأبطال في مثل هذه اللحظات الحاسمة، ولكن ولجبنه فضل الاستسلام بدون أية مقاومة ليعيش حياة الذل والعار والشنار وعبرة لمن اعتبر، وبذلك فقد حرّم أتباعه من الذين استلذوا العبودية الادعاء بأنه مات بطلاً، وكان ذلك بحق هو حكم التاريخ العادل، ودرساً للحكام الجائرين.

أجل، إنه يوم مشهود وعظيم برمزيته ودروسه وعبره لأن فيه تم إصدار حكم ليس على أبشع جلاد أو دراكيولا الذي لا يشبع نهمه من الدماء، بل لأنه حكم التاريخ على آيديولوجية القومية العربية وخاصة بنسختها البعثية الفاشية العنصرية المعادية للإنسانية، فهل يا ترى يستخلص بقايا فلول البعث أي درس من هذا الحكم؟
إنه ليس حكماً على جلاد فحسب، بل إدانة لمرحلة الانحطاط العربي، بدليل أن تطوع أكثر من 1500 محامي عربي (800 من الأردن وحده فقط) للدفاع عن صدام، رمز هذا التخلف والانحطاط،
إنه حكم التاريخ على جميع الأنظمة الجائرة، ولذلك وكما قال الأستاذ عبدالرحمن الراشد، في صحيفة (الشرق الأوسط): laquo; ان صدام في حد ذاته معركة كبيرة في عالمنا العربي، حيث هز اسقاط نظامه عروشا عديدة وخوف جلادين كبارا. وما الحرب التي نراها اليوم في العراق إلا محاولات خارجية لحماية العروش الآيلة للسقوط، أعني جعل تغيير أي نظام ديكتاتوري عملية مكلفة جدا، حتى يقبل العالم بالسكوت على الانظمة السيئة.raquo; أجل ولهذا السبب تكالبت بعض دول الجوار مثل إيران وسوريا ومنظمات الإرهاب على العراق الجديد وراحت ترسل آلاف القتلة بعد أن أجروا لهم عملية غسيل الدماغ لإجهاض الديمقراطية في العراق وذلك للحفاظ على عروشهم المنهارة. إن سقوط صدام حسين هو الذي أثار رعب معمر القذافي فسارع بإرسال جميع معدات سلاح الدمار الشامل إلى أمريكا وأعلن التوبة ليتصرف كمراهق مؤدب مقابل إبقاء نظامه الجائر.
إن صدام حسين هو نتاج مرحلة الانحطاط الحضاري والفكري والاخلاقي، لذلك فسقوطه يمثل البداية لنهاية هذه المرحلة المتخلفة في تاريخ المنطقة، وإصدار الحكم عليه هو إدانة لآيديولوجيته ونظامه وحزبه ولجميع من يدافع عنه.
إنه حكم التاريخ العادل ليعيد لشهداء شعبنا حقهم، وعزاءً لعائلاتهم ولملايين الأرامل والأيتام والمعوقين من ضحايا استبداده وسياساته الطائشة وحروبه العبثية. إنه عزاء لشعبنا الذي أحاله الجلاد إلى أفقر شعب رغم أنه يعيش في أغنى بلد، لأنه بدد ثروات البلاد الهائلة على التسلح والحروب العبثية المدمرة.

فهنيئاً لشعبنا على حكم التاريخ العادل، الذي كما قيل، يمهل ولا يهمل، وهذا درس للمجرمين من مخلفات البعث والإرهابيين التكفيريين الذين يصرون على الوقوف ضد حركة واتجاه مسار التاريخ، يعملون على عرقلة العملية السياسية ودمقرطة العراق، أن مصيرهم سيكون أسوأ من مصير سيدهم جرذ العوجة صدام حسين، ولا بد أنهم سينتهون مثله في مزبلة التاريخ، ومهما دفع شعبنا من تضحيات، فلا بد أنه المنتصر، وهذا هو حكم التاريخ العادل.