المتاهة: العراق بقبضة كائن خرافي بشع!!

ليتعّلم الرئيس جورج بوش من حكمة هاورد غراهام Howard Graham ذلك quot; ان المضي بالإجراءات الصعبة ستزيد من حالات الغضب والكراهية والتعصّب وقرع أجراس صارخة ولا تنتج إلا قتل الحياة quot; فمتى يفهم الرجل حقائق العراق الصعبة؟؟ متى؟


مدخل:
ربما يعتقد البعض ان لا علاقة بين هذا quot; المقال quot; وما يجري من تقاذف بالعراق الداخلي وما يجري من تجاذب اقليمي بين العراق ودول الجوار.. وما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية على مختلف الاصعدة الدولية بشأن العراق الذي غدا هاجسا صعبا لها.. وليعلم كل العراقيين ان انتصار العراق او تلاشيه هو الذي سيحدد مصير الشرق الاوسط (الكبير والصغير) ولكن بالرغم من كل ما يجري من لعبة هنا او مؤامرة هناك، فانها لا يمكنها ان تكون بلسما لجروح العراقيين. ان اوضاع العراقيين باتت منسحقة الى الدرجة التي لا يمكن تخيّلها! وليعلم الرئيس الامريكي وكل طاقم الادارة الامريكية ان الحلول الآنية لا تنفع العراق، اذ لم يدرك حتى الان مشكلات العراق الصعبة.. ومن جانبه، ليعلم الرئيس الايراني وكل طاقم الادارة الايرانية بأن العراق لا يمكنه ابدا ان يكون في رعاية ايران.. اما جعل العراق ساحة لقتال الاطراف الاقليمية فهذا ما يرفضه كل العراقيين الشرفاء الذين يريدون العراق حّرا ومستقلا كي يبدأ تاريخا جديدا بعيدا عن كل الصراعات الداخلية والمصالح الاقليمية والدولية. وعلى العراقيين ان يدركوا ولو لمرة واحدة اين تكمن مصالحهم الوطنية العليا والدنيا. اذ يكفيهم ان يقتل احدهم الاخر لاسباب واهية وان يتخلصوا من وباء الطائفية القذر الذي سينحر وجودهم جميعا..

الانقسام.. والمتاهة بين المطرقة والسندان
بالرغم من ان الكل منشغل بالعراق هذه الايام نظرا لتدهور اوضاعه والخوف من تلاشيه بانفجار هائل.. والعراقيون في الداخل ينقسمون اساسا الى قسمين اثنين، قسم ينأى بنفسه عن الصراع مستهدفا الاستقرار والامن والستر وقسم يسعى بنفسه الى تفجير الصراع مستهدفا عودة القديم الى قدمه او يستهدف دخول دول الاقليم لاعبين اساسيين في قلب العراق او يستهدف مصالح شخصية او حزبية.. الحكومة العراقية لا تعرف ماذا تفعل، فهي واقعة بين المطرقة والسندان.. وان كل مشروعاتها قد باءت بالفشل كونها تخضع لاجندة هذا الطرف او ذاك!
لقد لبّت نداء الرئيس الامريكي في العاصمة الاردنية عمّان هذا اليوم في 30 نوفمبر 2006 من اجل اوراق جديدة ـ كما سمعنا ـ، ولكن يبدو ان الطرفين العراقي والامريكي كّل يغّرد بعيدا عن الواقع المضني! وبنفس الوقت جلس الرئيس العراقي وهو يزور ايران ليستمع الى كلام ثقيل يوجهه الرئيس الايراني الى الادارة الامريكية من دون ان يعّلق عليه أي تعليق! ولا اعرف كيف افّسر دعوة الرئيس الطالباني ابقاء القوات الامريكية في العراق وسماعه زمجرة الرئيس الايراني وهو يطالب امريكا بخروجها من العراق باسلوب اقرب الى التهديد! كما لا افهم مطالبة المالكي الادارة الامريكية المساعدة والادارة الامريكية وكأنها لا تعرف ما يدور في العراق! ان العراق فعلا في متاهة لا يعرف اين يكون؟
وثمة توصيات تتحرك في حقائب اعضاء لجنة بيكر وهاملتون من اجل صناعة شيئ للعراق الذي اخذ يغرق شيئا فشيئا! ثمة ادوار لدول الجوار والاقليم وخصوصا الدول العربية التي ربما لا تحادد العراق ولكن لها تأثيراتها القوية فيه. ويبدو ان الصراع على العراق سيكون له تفاعلاته على الداخل.. في حين تؤكد اغلب الرؤى السياسية الامريكية التي تعرضها الصحف يوميا ان مسارا جديدا سيبدأ في العراق، وان الولايات المتحدة ستسلك سلوكا جديدا بعد ان فشلت فشلا ذريعا في العراق.. وهذا لا يتفق ابدا وطروحات الرئيس الامريكي الذي لم يزل مصّر على ترديد امنيات وشعارات وهو بعيدا جدا عن الواقع الدموي في العراق ـ كما سمعته قبل قليل ـ.

العراق بين امريكا وايران
ثمة لاعبين اساسيين في العراق بعيدا عن زعماء العراق الجدد الذين ثبت بالدليل القاطع انهم اضعف من ان يحكموا بيوت شعر بدوية في صحراوات خاوية ـ مع احترامي لهم ـ، فكيف بهم يحكمون العراق وهو صاحب تاريخ ثقيل وصاحب مجتمع متنوع؟ لاعبون اساسيون من امثال جورج بوش وطاقمه الذي لم تنفع حتى اللحظة ما قام به ويعترف بدوره في المأساة؟ وهناك احمدي نجاد الرئيس الايراني الذي لا ادري ما الذي اسمعه كل من الطالباني ونجاد احدهما للاخر؟ الحكومة العراقية واقعة بين سياستين متضادتين، فلا اعرف كيف لها واجندة ايران؟ ولا ادري كيف لها واجندة امريكا؟ هل ثمة علاقة بين الطرفين ام ان الصدف هي التي خلقت هذا المشهد الهلامي الذي تختلط سورياليته بين الاوهام الصفراء والحقائق الحمراء؟ ونحن نعرف ان السياستين تسيران باتجاهين مختلفين، فأين ستكون الحكومة العراقية من هذا او ذاك؟
يبدو واضحا بأن امريكا تطلب اشياء وايران تطلب اشياء من نوع آخر! وعليه، فما سمعه الطالباني هو غير الذي سمعه المالكي.. ان كلا من الاثنين في رهان صعب.. انه بالرغم من احتراق اوراق امريكا فان الجيش الامريكي ينتشر على التراب العراقي علنا، ولكن بالرغم من تصاعد اوراق ايران فان المخابرات الايرانية متغلغلة في كل العراق سّرا.. وعلى الاخ المالكي ان يتنازل قليلا ليعترف بدور ايران في العراق.. فالوضوح والشفافية والاعتراف بالواقع سيخدم العراق بدل الوقوف في زاوية محددة ونحن نتكلّم باسم الوحدة الوطنية! ان الجميع لهم مسؤوليتهم في خلق هذه المتاهة القاتلة وجعل العراق في قبضة كائن خرافي بشع.. يفترسه يوميا ولا اعتقد ان العالم معني اليوم بما يحصل في اعماق العراق.. وان كل الذين يجتمعون من اجل العراق، فهم يرسّخون فيه كل البشاعة والدمار.

الحرب الاهلية.. بدأت!
لم تعد الادانات تكفي ولا النداءات تجدي.. ولا التوسلات تنفع وزحف الرعب بطغيان هذه الظاهرة المقيتة (= الارهاب) التي لم يزل ملايين الناس لا يتنازلوا ابدا لا لمحاربتها بل حتى الاعتراف بها.. الناس الابرياء تقتل والكّل يتفرجون على هذه المأساة التي تحّل بمنطقتنا بشكل مرعب.. العراق تأكله النار المستعرة وأخذت تمتد في كل مكان منه وليس للقوى الحزبية والسياسية والدينية الا نشر البيانات والقاء الخطب وليس للاعلام الا اضرام التهيّج وعلك الاقوال في المواقع والصحف والفضائيات.. وحبذا يستفيد من يحكم العراق اليوم من بعض الاراء والافكار والمقترحات؟ وحبذا لو علم الناس ما الذي يجري.. كل شيئ مبهم في العراق! كل شيئ مخفي ومخصي في العراق!! كل شيئ معتّم عليه في العراق!! لقد سجلت بداية حرب اهلية على استحياء يقولها المسؤولون من دون ان ندري ما الذي يتم فعله ليقابل ذلك بردود فعل لا تنتهي! والنواب البرلمانيون ـ كما يسمونهم ـ يتراشقون الكلمات ويسيئون التعابير والفوضى تتفاقم من شأن لآخر يوما بعد يوم! ان للعراقيين كل الحق في ان يقولوا ما يشاؤون اليوم.. للعراقيين اليوم الحق في ان يلعنوا كل العالم.. للعراقيين اليوم الحق في ان يتوقف كل شيئ عن الحياة من اجل ان يشعروا بالراحة والسكينة والطمأنينة.. للعراقيين الحق اليوم ان يجدوا اخوانهم في الخارج لا يفعلون شيئا وهم يطحنون طحنا في الداخل!

مهرجان الدم بين السياسة والدين
لم يكن الصراع كالذي نراه اليوم سياسيا ابدا بقدر ما هو صراع طائفي بدأ يزحف شيئا فشيئا على حياتنا العراقية وان كل من يقول عكس ذلك من الحكومة فانما يخدع بها العالم.. لقد غدا التعّصب لدى بعض العراقيين كائنا خرافيا بشعا لا يطاق.. ان القوى الدينية التي يضادد احدها الاخر والتي تسّمي نفسها باحزاب وتيارات وتكتلات وهيئات سياسية هي المسؤولة الاولى عن مهرجان الدم الذي بدأ ولم ينته ابدا! قلما اسمع أي طرف يدين نفسه ويعترف باخطائه القاتلة! قلما اسمع واحدة من القوى الدينية الاساسية والكبرى الثلاث والمتمّثلة بالائتلاف الشيعي والتوافق السنّي والتيار الصدري يقف وقفة تاريخية امام الله وامام العالم والضمير ليعمل ميدانيا على الحيلولة ضد هذا الصراع الدموي العنيف الذي يقتل الابرياء! واقول انه حتى يومنا هذا لم يستوعب العراقيون اساليب التعامل السياسي المشترك، وكل طرف يريد الاستحواذ على القوة والنفوذ والمصالح والمناصب بأي وسيلة كانت. واعتقد ان هناك من الذين يحاولون الدفاع عن أي طرف من الاطراف، ليكتبوا تعليقات ساذجة من دون ان يقابلوا الحجة بالحجة!
طبعا!! هناك من يخالفني عندما اقول بأن القوى السياسية العراقية فشلت جميعها في تحقيق ما كان العراقيون ينتظرونه منهم.. فشلوا في التعامل مع الامريكان ندا لند، وفشلوا في تحقيق أي وحدة وطنية كان العراقيون بحاجة اليها.. وفشلوا ـ وخصوصا الاحزاب الدينية ـ في لم شمّل المجتمع بديلا عن اذكاء النعرات الطائفية فيه.. لقد فشلت كل الاطراف في الاستجابة للتحديات التي فرضتها الظروف، بل بلورتها الاوضاع الصعبة بعد سقوط النظام السابق، وانها لم تدرك مغزى تلك التحديات وتداعياتها التي لم تستطع اليوم حتى التعامل معها ففاقد الشيئ لا يعطيه.. ان سلسلة الاحداث المفجعة على امتداد أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة.. تذكرّني ولم تزل بأن أي انتقادات كانت توجّه الى العملية السياسية خشية الاخفاق كانوا يلومونها.. وان الاسراع غير المبرر في العملية السياسية والتهالك على اصدار دستور واجراء انتخابات والتصويت للاحزاب (لا للمرشحين عن المناطق) والشحن الطائفي والاعلام المتصارع والمناداة بجعل العراق مجموعة اقسام.. كلها اسباب حقيقية في تفجير الاوضاع.. ناهيكم عن كل الذين تسللوا الى العراق وبدأوا يفتكون باهله.. اضافة الى تشكيلات من تمرد مقاوم عارم اثر سياسات بريمر وبدأ انصار القديم بتحالفاتهم ودخولهم الصراع.. صحيح ان للامريكان اخطاءهم وخطاياهم التي بات كل القادة العراقيين الجدد ينتقدونها وكأنهم لم يساهموا في الحكم، وكأنهم لم يشتركوا معهم في الوليمة ولكن لا احد يذكر ما للقوى الدينية والسياسية من اخطاء مفجعة بحق العراق والعراقيين.

اسئلة اطرحها أمام كل المسؤولين العراقيين
1/ من اباح لكم قتل الناس الابرياء؟
ليعلم الجميع بأنني رجل مستقل في نزعتي السياسية ومدني التفكير وحر الارادة ولا يمكنني ان اتحّيز لأي طرف من الاطراف ولا ادين أي طرف من الاطراف الا بالحق ولا افّرق بين العراقيين ابدا لا على اساس الدين ولا العرق ولا الطائفة ولا المذهب.. ولا تهمنّي التهديدات.. ان ما يجري من مذابح علنية للناس الابرياء شيعة كانوا ام سنّة.. وما يتّم من قصف بالهاونات وما يتفّجر من عبوات ناسفة في الشوارع بالعاصمة بغداد وغيرها.. وما تتّعرض له بعض المدن العراقية الكبرى منذ زمن ليس بالقصير.. ومن يقتل هنا وهناك.. يثير اسئلة لا عدد لها ابدا حول الدوافع والاهداف التي اختلطت بشكل لا ينتهي الى أي نتيجة ابدا.. فمن اباح للعراقيين ان يسفك احدهم دم الاخر لاسباب بدائية ومتوحشة؟ ولابد ان تحترم ارادة العراقيين في الحرية والعيش الكريم ولكن لا يمكن التغاضي ابدا عن الجرائم ومشروعات القتل والارهاب. على اقطاب الطرفين زراعة المحبة والسلام في كل وسائل الاعلام.

2/ الارهاب الشنيع والمقاومة الوطنية
انني اتساءل مع جملة من اصدقائي العراقيين وهم من كل الاطياف الاجتماعية العراقية عن دور الارهاب بانواعه الذي يطبق على العراق؟ ونتساءل عن دور المقاومة الوطنية (والاعتراف بادوارها) ضد المحتل في سكوتها على ما يجري وعدم تبرئة نفسها بكل فصائلها من هذا الاجرام المتعمّد المنظّم ضد المجتمع العراقي؟ فالارهاب هو قتل الابرياء مهما كان عرقهم او دينهم او طائفتهم واتساءل ايضا عن سكوت منظمات واحزاب وقوى سياسية لا عمل لها الا ادانة واحدها الاخر لاسباب طائفية مقيتة؟ واتساءل عن دور الناس الشرفاء الذين سكتوا خوفا ورعبا من الافصاح عن اية معلومات تفيد بما يفعله البعض بالبعض الاخر؟

3/ حكومة متذبذبة تعّتم على الحقائق
اشاد الرئيس الامريكي بوش برئيس الحكومة العراقية المالكي واهاب بشجاعته مستمعا الى ما تكلم به علما بأن المسؤولية لا يمكن ان يتحمّلها مسؤول واحد.. وعليه، اتساءل عن دور الحكومة المتذبذب والضعيف والمتخاذل في صد هذا الارهاب البشع والاقتتال الدموي والتهجير القسري؟؟ لماذا تسكت الحكومة العراقية واطالبها بالجواب على تساؤلاتي هذه: لماذا لا تعلن من تقبض عليه مباشرة على الملأ ليقول ما عنده.. ليعلن عن نفسه؟ ليحكي ارتباطاته؟ ليتكلم عن طائفته؟ لماذا تتستر على المتهمين وحتى المجرمين؟ لماذا تفجّر السيارات في مناطق معينة ويقتل العشرات من العراقيين يوميا؟ وأسأل: بالله عليكم: كيف تبقى احياء بغدادية عريقة تتبادل الهاونات في ما بينها لايام طوال ، فهل من المعقول ان لا تعرف الحكومة مصادر اطلاق النيران؟ وتتخذ الاجراءات اللازمة بحق من يطلقها من الطرفين! من الذي يقتل الناس بعد تعذيبهم ويلقيهم في الشوارع؟ لماذا تستخدم سيارات الشرطة وملابس الشرطة في الانقضاض على المؤسسات الرسمية وخطف الموظفين؟ من يقوم بهذه الاعمال؟ وهل يمكننا ان نقتنع بتبريرات وزير الداخلية عندما اتهم اناس في وزارة التعليم العالي بالمسؤولية!؟

4/ الحكومة لا تكاشف الناس.. لماذا؟
ما الجهات المنظمة وراء ذلك؟ ما علاقتهم بوزارة الداخلية وكيف يتم استخدام سيارات الحكومة بالانقضاض على الناس والمؤسسات في وضح النهار؟ اذا كنا قد استمعنا ان الذي اراد تفجير السيارة السابعة في مدينة الثورة / الصدر قد قبض عليه.. لماذا لا تخرجوه على الناس ليتكلم عن جريمته؟ وما علاقاته بالاخرين؟ ومن هم الاخرون الذين فجروا الناس في الاسواق؟ وما هويتهم؟ وما جنسيتهم؟ قرابة اربع سنوات ولم نر ابدا اعترافات صريحة من قبل الارهاب الذي يقتل العراقيين! لماذا يتهرب وزير الداخلية من المسؤولية ليلقي بالتهم جزافا؟ ما سبب بقاءكم على رأس السلطة اذا بقي الناس يعذبون ويقتلون ويفجرون ويخطفون ويهجّرون وينحرون؟؟ لماذا جئتم للسلطة هل لتشاركوا في قتل العراقيين ام جئتم لخدمة العراقيين؟ أية خدمات قدمتموها للعراق بحق السماء؟

5/ البرلمان العراقي.. صراع ديكة وسكوت قطط سمان
انني من اشد المؤمنين بالديمقراطية، ولكنها ليست الديمقراطية التي اتبعها جورج بوش في العراق والتي يشيد بها من دون ان يقف ولو لمرة واحدة حتى يحلل تداعياتها الرهيبة.. فانتم ايها النواب الذين وصلتم باسم احزابكم وجماعاتكم وتكتلاتكم (لا باسمائكم وشخصياتكم) الى اعلى سلطة في البلاد.. ماذا فعلتم بالعراق؟ الا تخشون الله واغلبكم من اصحاب العمامات والسيدارات واللحيات والخواتم والسبحات وبينكم نسوة محجّبات وسند مخشّبات؟ ماذا تفعلون في مجلسكم ورئيسكم يسيئ للاخرين والاخريات!؟ الا يكفيكم الاهتمام لمنافعكم كي تلتفتوا الى شعبكم بدل مناوراتكم في التقسيم او جشعكم في الحصول على المكاسب؟ أي مجلس للنواب لا يسأل الحكومة هذه الاسئلة؟ واذا كانت الحكومة والمجلس لا يستطيعان السيطرة على بغداد وحدها، فبالله عليكم كيف يمكنهم السيطرة على كل العراق باسم الديمقراطية.. ونحن نعرف ما يحصل في كل شبر من ارض العراق ولا من مهتم ابدا!!

الميليشيات والعصابات تتوالد كالفيران
ان التصريحات بشأن حل الميليشيات لا تنفع ابدا.. وحتى ان حّلت الميليشيات علنا، فسوف تشتغل سّرا اسوة ببقية جماعات وعصابات ومنظمات متنوعة تعمل اليوم تحت الارض.. او انها ستشتغل بجلود رسمية.. المهم قبل هذا وذاك افراغ العراق من الاسلحة.. وهل من السهولة افراغ العراق من الاسلحة وقد غدا ترسانة مثقلة بانواع الاسلحة التي تصل من دول الجوار؟؟ اذن المشكلة مع دول الجوار اصلا، فهناك احزاب وهيئات ومنظمات مرتبطة بهذه الجهة او تلك.. فكيف يمكن لحكومة ضعيفة ان تلعب لعبتها في آن واحد في سياسة ذكية ومناورة في التعامل مع الداخل ومع الاقليم ومع الخارج؟؟ كيف يمكنها ان تضرب في آن واحد لتحقق اهدافها؟ وهل ستنجح في حالة العصيان بالفصل بين من يقاوم الاحتلال من طرف وبين من يقتل العراقيين من طرف آخر! انها معضلة لا يمكن لحكومة الاخ المالكي ان تحلّها.. وان بقيت بين المطرقة والسندان، فان بقاءها سيكون على حساب اهراق الدم العراقي ونزيف المجتمع فالشعب في النهاية هو الذي يدفع الثمن.
ان الميليشيات والعصابات التي غدت مجموعة حكومات من العصابات والقتلة لابد ان يواجه اصحابها وهم من اقطاب النظام بكل الاتهامات! وان تبدأ الحكومة العراقية منذ هذه اللحظة في السيطرة على كل العصابات والمجموعات الاجرامية والارهابية الخفية من خلال اختراق المجتمع نفسه.. لقد كنت قد طالبت واقترحت منذ سنتين ان تجبر الاحزاب المؤدلجة والعقائدية على حل كل تنظيماتها وتركيبتها وميليشياتها.. وان تسيطر الحكومة من خلال وزارة داخلية قوية وغير منحازة الى أي طرف على كل انحاء البلاد من خلال جهاز معلومات ذكي وسريع ومخلص.. وان يحقق مع كل (المختارين) في المحلات والاحياء والقصبات التي تشكل احزمة حول المدن الكبرى..
وهنا ينبغي ان يتم التفاهم السياسي مع أي جماعات مقاومة للاحتلال حتى يفصل بين الاثنين وفك الارتباط الوهمي الحاصل، اذ ان ذلك يضّر باهداف (المقاومة)، الا اذا امتنعت عن ذلك فتكون عند ذاك متهمة بالضلوع في قتل العراقيين. امامنا ثلاث او اربع حالات من الصراع: صراع ضد المحتل وصراع ضد المحتل والشرطة معا وصراع ضد الابرياء باشكاله المتنوعة الذي يبدأ بتفخيخ السيارات والاحزمة الناسفة او القتل على الهوية.. فكيف يمكن للعراقيين ان يجدوا الحلول المتنوعة ايضا: الامنية والمخابراتية والعسكرية والسياسية.. ان أي علاج لا يمكنه ان ينجح ابدا ان بقيت الطائفية ومحاصصاتها تنتهك اعراف العراق.. وان أي علاج لا يمكنه ان يستمر اذا لم تكن هناك ادانات لمشروعات القتل والاستئصال من كلا الجانبين السنّي والشيعي.

الانفجار آت لا محالة: هل من مقترحات سياسية؟
ان بقاء العملية السياسية رهينة الاسس التي انطلقت منها سيجعلها تخفق ازاء تفاقم الاوضاع سوءا.. وان الالتباس الذي تثوي فيه الاطراف المناوئة سياسيا بين المقاومة والارهاب سيجعل العراق هباء منثورا يوما بعد آخر.. وان فشل كل طروحات الحكومة في ما يسمى بالمصالحة او الخطط الامنية.. ان الفشل الذريع الذي منيت به الحكومة حتى الان سيقود البلاد الى الكارثة الحقيقية.. فما الذي اطالب بتحقيقه في هذه الاونة؟ ما الذي يمكن فعله قبل الانفجار الرهيب واندلاع حرب داخلية لا تبقي ولا تذر.. ما الذي باستطاعتنا فعله جميعا مهما كانت اطيافنا.. مهما كانت طوائفنا.. مهما كانت ادياننا وانتمائتنا واعراقنا؟
1.اعادة صياغة التفاهم مع الامريكان على أسس سياسة جديدة في العراق يكون للعراقيين (كل العراقيين) دور حقيقي في صنع القرار، وان يتم الاتفاق على مبادئ عراقية تتوافق ومصالحنا المستقبلية لا على اجندة امريكية تكّرس مصالحها الخاصة.. مبادئ عراقية اساسية ناضل العراقيون من اجلها، ودفعوا دماءهم اثمانا لها. وان يتم الاتفاق على جدولة لانسحاب القوات الامريكية من المدن اولا ومن ثم من الاطراف ثانيا.
2.على البرلمان ان يحّل الحكومة ومن ثم ينادي بتشكيل حكومة مؤقتة جديدة ليس من بين اعضائه، بل من اناس تكنوقراط حقيقيين مستقلين لا علاقة لهم بأي من الاحزاب على الساحة، وليس لهم اية ارتباطات بأي من الاطراف الخارجية والاقليمية.
3.على رئيس الدولة بعد ذلك ان يحل البرلمان ويتم تشكيل مجلس حكماء مؤقت يمكنه مراقبة الحكومة المؤقتة لأجل معين. ومن اجل ان لا يتصارع الزعماء على (الهريسة) ينبغي وضع شروط عالية المستوى تتوفر في عضوية هذا المجلس اهمها السمعة والتخصص والعمر والخبرة والاستقلالية.
4.يجري العمل مباشرة على تجميد الحياة الحزبية الحالية وسن قانون جديد للاحزاب الجديدة مباشرة ضمن شروط قانونية تنفي عن أي حزب اعتماد برنامج غير سياسي او غير مدني في العمل السياسي. وينبغي ان يعلن حل كل الميليشيات والتيارات غير المرخصة ضمن القانون، ويحدد وقت معين ومكان معين لتسليم السلاح. ومن يقف ضد القانون يتعّرض لاقسى العقوبات.
5.حل مجالس المحافظات وتغيير كل المحافظين الاداريين في المحافظات وتعيين محافظين جدد لهم استقلاليتهم عن الاحزاب القديمة. ويتمتع كل المحافظين بسلطات ادارية قوية ويرتبطون بالمركز ارتباطا مباشرا ، حتى يتم اجراء انتخابات جديدة لمجالس المحافظات يتم فيها اختيار المسؤولين الاداريين الجدد بمعزل عن الاحزاب الحالية.
6.ينبغي ان يتعاون اقليم كردستان مع المركز من اجل ان تعاد الى العراق حياته بتخليصه من كل البشاعات.. شريطة ان يحتفظ الاقليم بكل مكتسباته التاريخية ويساهم في الاصلاحات من اجل مستقبل مشترك، والاخوة الاكراد يعلمون كم هو دور العراق المستقر والمدني ليس على كردستان، بل على المنطقة برمتها.
7.تأسيس قوة درك عسكري متسلح من القوة السيارة المتحركة على الحدود لضبط الامن والمداخل والمخارج والمياه المتشاطئة، شريطة ان تخضع هذه القوة للانضباط العسكري والمخابراتي والامني خشية حدوث الاختراقات.
8.ان ينفتح اقطاب النظام والحكومة الجدد على العراقيين من خلال اجهزة اعلام اذاعية ومرئية بتأسيس وزارة قوية للاعلام وكشف كل السياسات عبر وسائل الاعلام لابقاء الشعب ملتصق بحكومته من خلال بيانات وتعليمات ومكاشفات ليعرف الشعب ما الذي يجري في كل الاروقة والكواليس.
9.تحييد كل المرجعيات غير السياسية عن التدخل بالشأن السياسي والاداري والامني الداخلي والخارجي، وان تبقى محترمة للغاية بكل سموها واعتباراتها ونقائها.
10.اصدار قوانين جريئة تقضي باعادة تشكيل الجيش العراقي ضمن الاسس الحرفية وضمن ضوابط اخلاقية وقيمية.. وان تستحدث ثكناته وتسليحه ومكافأته على ما خسره شريطة اعلانه الولاء للنظام الوطني الجديد وشريطة طي صفحة الماضي والبدء بالنظر الى المستقبل. وان يتم تسليحه بأحدث الاسلحة المتطورة.
11.تأسيس وزارة للشرطة والامن والدرك والمخابرات يقوم على رأسها خبراء وتجميد عمل وزارة الداخلية الحالية بتحويلها الى دائرة ارتباط بين المحافظين والمركز في الوقت الحالي.
12.تأسيس هيئة قانونية مصّغرة من ستة شخصيات وطنية ومتخصصة للنظر في تعديل الدستور، او تقديم مسودة دستور مدني للعراق لا دخل لأية احزاب او قوى او ميليشيات فيه، ويوافق على التعديلات مجلس الحكماء الى حين الاستفتاء عليها.
13.حل كل المفوضيات التي تأسست بعد سقوط النظام السابق ومحاسبة كل من اخطأ بحق العراقيين من مسؤولين وحزبيين قدماء وجدد.. وان ترجع ممتلكات الدولة الى الدولة وقصور العهد السابق الى الدولة.
14.التعويل على القضاء العراقي في أي خطوات ادارية او انتخابية او تصحيحية وضمن القانون، وتعزيز مكانة القضاء والمحاكم واحترام قراراتها وتنفيذ احكامها.
15.اسقاط المنطقة الخضراء قبل ان يسقطها الشعب.. وان ينفتح المسؤولون العراقيون الجدد على الناس ويعملوا من اجل الناس ليل نهار بدل انحباسهم في تلك المنطقة التي بات اسمها كريها حتى على ساكنيها، وان يلتصقوا بهموم العراقيين بدل السياحة وضرب الولائم وتبادل الشتائم والمهاترة على الفضائيات.. ان الالتصاق بهموم العراقيين مشاركتهم الامهم واحزانهم ونكباتهم وصعوبة حياتهم وانقباض نفوسهم وانسحاق امالهم وتقديم الخدمات لهم مهما كانت الاثمان.

واخيرا: هاتوا برهانكم ان استطعتم
انني اذ اكتب هذه المقترحات التي قد يحسبها البعض غير متحققة، فان العمل بها او حتى مجرد التفكير بابعادها، سيمنحنا الثقة وسيعطينا الامل بالتغيير اذ لا يمكن ان نبقى جميعا اسرى مهرجانات الموت.. والعراق يتخطفه الارهاب والعراقيون يذبحون يوميا.. وليس هناك صوت ضمير حر واحد في العراق او خارج العراق يتصدّى لذلك ويتعاطف مع العراقيين بأي حلول تصحيحية جريئة وثورية من الجذور.. انني اعتقد ان كل من يخالفني هذه الاراء ربما له اراء من نوع آخر ينطلق بها من زوايا معينة ينبغي احترامها في سبيل المشاركة لا الاقصاء والتفاعل لا التهميش ، ولكن كل من يقف ضد اية حلول واجتهادات فهو يسهم اسهاما حقيقيا في قتل العراق وسحق العراقيين.. واتمنى ان استمع الى صوت العقلاء لينقدوا وليصححوا.. ليصوبوا.. ليضيفوا .. ليأتوا بالحجة الاخرى.. فهل نحن بمخلصين الى العراق واهله؟ هل نحن بمحافظين على قيمنا ووحدتنا وترابنا؟ هل نحن مؤهلين لقول كلمة حق واحدة؟ هل نحن بمؤهلين للديمقراطية في ظل انقسامات شنيعة؟ هل نحن بقادرين في الاستجابة للتحديات التاريخية في العراق وما اصعبها من تحديات؟ اتمنى ان يتوقف نزيف الدم العراقي الزكي لكي نعرف اين نضع اقدامنا بعيدا بدل ان تأكل الحرب الاهلية العراق وكل العراقيين لا سمح الله، وعند ذاك لا ينفع لا الندم ولا اجترارات الالم!

www.sayyaraljamil.com