تقول الأخبار أن (قادة) حماس أعلنوا عن تأبينهم لشهيد العزة والكرامة (أبو مصعب الزرقاوي)، واعتبروا فقدانه (خسارة)، وقتله ( ثلمة) في حصن الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي، وأن النساء اللاتي أنجبن أبو مصعب، سينجبن غيره، وأن هذه الأمة قدرها أن تقيم عزها ومجدها وشرفها وحضارتها من على (جماجم) الرجال، وليخسأ الخاسئون! ... وهات من التعابير و (الجعجعة)، التي تجعل هذه الحركة تعود بفلسطين والفلسطينيين، إلى الوراء، قروناً وليس سنوات!
بالنسبة لنا نحن السعوديين فلا غرابة، لأننا تعودنا على أن (العصا أخت العصية)، أو كما نقول نحن بالعامية : (هذا العود وهذا طرفه) ! .. فلا فرق في العقلية بين خالد مشعل الذي يتجول بربطة العنق الأنيقة بين (مطارات) بني يعرب وقبر الخميني، جيئة وذهابا، يُوزع الابتسامات، ويُبدي التحضر المزيف، وبين أبو مصعب الزرقاوي، (الهَثولي)، وهو يتجوّل في صحراء العراق كـ (ديك ورقي)، يتقمّص (المشية) التي يقولون عنها : (أنها يحبها الله ورسوله)!، ولكنه نسي أو تناسى أو تجاهل أن الذي كان يقول هذه المقولة، ويحب هذه المشية، قال أيضاً : (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ) ! . ولكنها الانتقائية، حيث تلك (المشية) تخدع، وتجسد فيه البطولة، بينما أن المقولة الثانية (تميّع) الإسلام، وتجعله في رأيهم مهادناً مُسالماً ذليلا!
نعود إلى آل حماس، وذكاؤهم السياسي، الذي (دوخ) الأمريكان، وجعل الخبيث (أولمرت) يسقط في يده، فهذا (العلج) لا يعرف كيف يتعامل مع (ثعالب) الفلسطينيين ذوي اللحى، ودهاتهم الجدد، فأخذوا به، وبحزبه، وبالأمريكان أيضاً مشاوير .. ( دق عل خشب!)!
( العرب لا يقرؤون) قالها ذات يوم موشي ديان، فأصاب ndash; كما يقول العرب الصيادون ndash; كبد الحقيقة ! . ولأنهم لا يقرؤون، ولا يفكرون، ولا يحللون، ولا شأن لهم بالعلم، لذلك فهم لا يتعلمون من أخطائهم ! .
حماس ndash; الآن ndash; لا ترى في الأفق حلاً إلا من خلال الغرب، ومن خلال الدولارات واليوروات الغربية تحديداً، رضي من رضا و أبى من أبى كما كان يقول الراحل عرفات دائماً . ومع ذلك، تأبى الذهنية السياسية (الحماسية)، إلا أن تثبت أن (المبادئ) لا تهزها (المبالغ)، وليخسأ سعد زغلول (العميل)، لذلك فإنها تتحالف مع (الزرقاوي) لأن الشارع الفلسطيني الذي دعمها، والمخرج الذي يُخرج المشهد السياسي، والجمهور الذي جاء ليدعم المسرحية (بدو هيك يا زلمه) ! . أما السياسة، أما ميكافيلي، أما شعرة معاوية، أما تلمس المصلحة، فلا شأن بالثوار بها ! ، وأما (القاعدة) وممثلها في العراق، فإخوان لهم في الدين وفي الجهاد، وإن رغم أنف بوش وبلير، والأمم المتحدة، والعالم الصليبي بأسره أيضاً!
هكذا هم الفلسطينيون المتأسلمون السياسيون، يثبتون المرة تلو المرة، واليوم بعد الآخر، أن فهمهم في السياسة، لا يختلف عن فهم الملا عمر وطالبان .. ولأن التاريخ لا يعيد نفسه إلا إذا تطابق الواقع الآن مع الواقع الذي كان، ستكون النتيجة كما كانت في أفغانستان، مع جهابذة طالبان. أما (اللوم) أو (الحق) فليس على (الطليان) هذه المرّة، وإنما على الأمريكان، و (زلمات الغرب ) في أرض الجهاد ومعقل الإيمان.
وينتهي مشهد جديد من مشاهد المسرحية (الحماسية)، ليؤكد أبو نهية للمرة الألف قائلاً: ( ما ضاع حق وراءه مُطالب) ! . ولا يهم - في رأيه - إذا كان هذا (المُطالب) يعرف من أين تؤكل الكتف، أو يعرف أين توضع البندقية على الكتف، فالأمر سيان .
ولأنه كذلك، فليس ثمة إلا (الدحدرة إلى الوراء)، والحمد لله الذي لا يُحمد على (حماس) سواه. أقم الصلاة على الميت!