لا اعرف ان كان احدكم قد قرأ الخبر أم لا..؟
لكني سأقوله لكم على أية حال، ليس من باب المعرفة، ولا من باب التسلية، بل من باب السخرية اولا، والمصيبة ثانيا، ولا حول ولا قوة الا بالله ثالثا.
يقول الخبر الذي نشر اليوم في الصفحة الاولى في جريدة الخليج الاماراتية، ان طالبة عمرها 15 عاما في الصف الاول الثانوي في احدى المدارس المصرية، تخضع للتحقيق لأنها انتقدت الرئيس الاميركي بوش في امتحانات مادة التعبير!!
انتهى الخبر..
تخيلوا...
التحقيق مع فتاة مصرية عمرها 15 عاما لأنها انتقدت الرئيس بوش في امتحان تعبير!
افهم انه يمكن قطع رقبتها لو انتقدت الرئيس المصري، او اي رئيس عربي آخر، لكن بوش..!
عفوا..
هناك اكثر من ثلاثة مليار انسان على وجه الكرة الارضية لا يحبون بوش، ولا سياسات بوش، ولا حتى يطيقون اسمه.
بل في داخل اميركا نفسها من يلعن أبو أبو أبو بوش جهارا نهارا دون ان يجرؤ أحد على معاقبته، او حتى مجرد توجيه اللوم له.
الرئيس الاميركي نفسه لو سمع بالخبر لاستلقي على قفاه من الضحك، وهو يسخر من العالم العربي الذي بات يخاف منه اكثر مما يخاف الله.
بوش الذي مارس كل ضغط ممكن على الدول العربية من اجل الاصلاح، سيضك من كل قلبه، لأن شر البلية ما يضحك!
افهم ان للحكومة المصرية مصالح استراتيجية مع اميركا.. بل وافهم ان هذه المصالح تخضع لموازين حساسة جدا، لكن هل التحقيق مع فتاة قاصر، عبرت عن رأيها بالرئيس الاميركي، يحقق هذه المصالح الاستراتيجية لمصر؟
الصحافة الاميركية تنتقد الرئيس المصري كل يوم.. بصفة سياسية وبصفة شخصية ايضا، دون ان يطلب احد منها ان تصمت او يوقع عليها عقوبة او يستدعيها لتحقيق.
أما نحن، فنعاقب من أجل عمو بوش ما يزعل، حتى ابنائنا وبناتنا وهم في عمر الطفولة.. ونحن نعلم ان لا عقوبة على قاصر.
أين هو الاصلاح الذي سمعنا به.. أين ذهبت وعوده؟
نحن نتدحرج الى الوراء.. بكل قوة الى الوراء..
كيف لا.. ونحن نعاقب اطفالنا على حرية التعبير في حصة تعبير؟!
اذا كنا نقمع حرية الرأي منذ الطفولة، فكيف سيكون مستقبلنا في الغد؟
اذا علمنا أبنائنا ان حرية التعبير تقود الى المعتقل، فكيف سنبني مجتمعاعادلا متطورا؟
العالم العربي ما يزال في القرون الوسطى..
ومؤسساته السياسية ما تزال تحبو باتجاه القرن الخامس عشر على ابعد تقدير.
قد يمكن تقبل ما حدث مع الطفلة لو أنه حدث في بلد معروف بزعامة ديكتاتورية، او نظام شمولي، لكن أن يأتي ذلك من مصر التي هي قبلة العرب، والاكثر وعيا سياسيا وثقافيا، فاني اجد صعوبة في تقبل الأمر.
ليت الرئيس المصري يتدخل مباشرة في الموضوع، على الاقل كي نكف عن انفسنا سخرية العالم علينا، وسخريتنا على انفسنا.
ليت الرئيس المصري يعاقب اولئك الجهلة الذين حققوا مع الطفلة، فسلبوا منها القلم واللعبة والأمل.
وليت..
وليت..
وليت..
اخيرا.. اسمحوا لي ان اقف احتراما للرئيس الذي لا أحبه ابدا، جورج دبليو بوش، فهو رغم كل سياساته الخاطئة في العالم، يبقى رجلا لا يمكن الا ان نحترمه وهو يرد على من ينتقده بابتسامة، او بصمت.
ولو كان في الصمت خبث، فما اجمل الخبث ان قارناه بغباء رجال يعاقبون الاطفال على رأيهم في حصة تعبير.
- آخر تحديث :
التعليقات